تدمير الآثار جزء من مخطط التآمر

 

الأحد 22/1/2017 م …

الأردن العربي – الوطن العمانية …

يبدو أن أوباما لم يرد مغادرة المشهد ـ الذي عبَّأته إدارته بقيادته بالفوضى الإرهابية وحروب التدمير والتخريب بالوكالة ـ دون أن يطلق آخر خراطيشه في مدافعه الداعمة للإرهاب والفوضى في المنطقة وفي سوريا تحديدًا؛ وأن قيام تنظيم “داعش” الإرهابي بتدمير واجهة المسرح الروماني والتترابيلون في مدينة تدمر الأثرية في اليوم الذي تغادر فيه إدارة باراك أوباما، وتتسلم فيه الإدارة الجمهورية بقيادة دونالد ترامب صولجان الفوضى في المنطقة خاصة والعالم عامة،لا نحسب أنه مجرد مصادفة.

فتدمير التراث والحضارة، وطمس الهوية الوطنية والثقافية، وتفتيت الدول العربية الكبرى المناوئة للاحتلال الإسرائيلي ومشروعه في المنطقة، ونشر بذور الإرهاب والفتن الطائفية والمذهبية فيها وفي المنطقة عامة، كان ولايزال من أبرز إنجازات الإدارة الديمقراطية بالقيادة الأوبامية، وهذا كان جزءًا أصيلًا لمخطط ما سمي زورًا وكذبًا “الربيع العربي”، بل بني المخطط على كل تلك المظاهر المتفشية الآن. وكما هو معروف، عملية التدمير والتخريب والتفتيت وطمس الهويات ليست في صالح أحد سوى من لا يملك تاريخًا حضاريًّا وثقافيًّا، ولا هوية وطنية وثقافية جامعة، وإنما هو عالة على التاريخ وعبء عليه، بل وطارئ على التاريخ، ولكنه يسعى إلى أن يسرق ما عند ذوي التاريخ والحضارة والثقافة والهوية، لينسبه إليه، أو لتعريتهم وتجريدهم من كل ذلك ليتساوى أو يتفوق عليهم بما سرقه منه.

إن تدمير رموز الحضارة وشواهدها في سوريا وفي تدمر تحديدًا من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي، لم يأتِ بمحض المصادفة، أو لمجرد التسلية، وإنما واضح من طبيعة الجريمة أن عملية التدمير جاءت وفق أوامر وفي لحظة زمنية مقصودة، تتحضر فيها سوريا وحلفاؤها وأعداؤها على الجلوس على طاولة اجتماع مؤتمر أستانا المقرر عقده في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، وتتزامن مع المحاولات المستميتة التي يقوم بها التنظيم الإرهابي لأجل السيطرة الكاملة على دير الزور، حيث تلقى تعزيزات أميركية ضخمة مع تسهيل قيامه بإعادة تعزيز قدراته من الموصل وغرب العراق إلى دير الزور في شرق سوريا، ترافق مع هذا التعزيز ما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) مؤخرًا أنها قامت بعملية إنزال جوي بمروحيات في دير الزور، بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة بتنفيذ هجوم على محطة توليد الكهرباء في هذا الشهر (يناير الجاري) لتعطيل إمدادات الكهرباء عن المدينة، وقبل ذلك قام الطيران الحربي الأميركي بتدمير الجسور في دير الزور، ويبدو أن عملية الإنزال التي قام بها الطيران الحربي الأميركي والتي زعم البنتاجون أنها لاستهداف قيادات في تنظيم “داعش” الإرهابي تأتي في إطار التنسيق والتنظيم والدعم لشن هذا الهجوم الإرهابي على محافظة دير الزور، وهو ما ينسجم تمامًا مع مخطط محاولة سلخ محافظات الحدود الشرقية مع العراق وصولًا إلى تركيا، كدير الزور والرقة والحسكة والقامشلي، وذلك لتقطيع اوصال سوريا من ناحية، ولفرض الأميركي أوراقه في الجولات السياسية بما فيها مؤتمر أستانا.

صحيح أن إدارة أوباما تغادر المشهد غير مأسوف عليها بعد ثماني سنوات كانت وبالًا على المنطقة والعالم، ودمارًا للأمن والسلم الدوليين، وخرابًا لشعوب المنطقة، وثمارًا يانعة دانية القطاف لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن هذا لا يعني أن الرئيس الجديد دونالد ترامب الذي تسلم أمس مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، سيكون نسخة مختلفة عن سلفه، فالرئيس الأميركي مجرد منفذ للسياسات الأميركية وليس صانعًا لها، وإن كان الأمل في تغيير ـ ولو بسيطًا ـ يسمح بأن تنحسر موجة الإرهاب والفوضى التي صنعتها الإدارة السابقة مع حلفائها وعملائها في العالم والمنطقة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.