هل يصلح ترامب ما أفسده أوباما في سورية؟! / د. خيام الزعبي

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 22/1/2017 م …

مع رحيل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، من البيت الأبيض، تعد الأزمة السورية من أبرز ملفات منطقة الشرق الأوسط، التي سترثها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ويبدو أن سورية اليوم في موقف تبدو فيه وكأنها دخلت في خط حاسم ومؤثر، ينبغي عليها بذل المزيد من الجهد لفهم موقف الحكومة الأمريكية الجديدة فيما يخص المقترحات والخطوط العريضة التي إرتكزت إليها الجهود الدولية لحل سلمي في سورية، لذلك تتجه أنظار الأوساط العالمية والإقليمية والسورية إلى توجه إدارة ترامب والذي تتفاوت التقييمات حول قراءة أبعاده وأهدافه، وهنا نسأل، هل ستستمر واشنطن بسلوكها الحالي أم ستصدر أوامر جديدة بمؤازرة الجيش السوري في الميدان؟ بعد أن كان واضحاً الدور السلبي الذي قامت به الطائرات الأميركية في غاراتها على دير الزور وهو ما ساعد داعش على إطلاق هجماته الأخيرة هناك.

إن الإستراتيجية التي ينوي الرئيس ترامب إتباعها فيما يخص الأزمة السورية، بالرغم من صعوبة توقع خطواته القادمة و ما يدور بذهنه إلا أنها قد تعطي حلولاً ناجحة وواقعية عوضاً عن “الخطة الفاشلة” التي اتبعتها إدارة أوباما لحل الأزمة السورية، إذ فشلت إدارة أوباما في إدارة الأزمة، فكانت إستراتيجيتها تعتمد على الإطاحة بالنظام السوري وفي الوقت ذاته القضاء على تنظيم داعش التي صنعته، وهو ما باء بفشل كبير لإحتواء هذه الأزمة ، فترامب كان قد أعلن في الأونة الأخيرة أن أولوياته لإنهاء الأزمة في سورية هي التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذلك من أجل القضاء على داعش بأسرع وقت ممكن، أما محاولات الإطاحة بالنظام السوري أو بقاء الرئيس الأسد، صار وراء ظهره، أي أنه تجاوز الأمر، وهم معني بالبحث مع الروس وباقي الأطراف الإقليمية الفاعلة والمؤثرة بتسوية تتيح إنعقاد مؤتمر جنيف مجدداً للخروج من الأزمة السورية المعقدة، وفي الوقت ذاته دعا روسيا إلى إستغلال نفوذها لإقناع الرئيس الأسد والمعارضة المسلحة بالتفاوض، وتعد هذه المعطيات تغيراً كبيراً في الموقف الأميركي بشأن الأزمة السورية وبذلك يرى الكثيرون من المحللين السياسيين والعسكريين أن الحل المطروح من قِبل ترامب أكثر واقعية من ذلك الخاص بإدارة أوباما والذي يتطلب القضاء على داعش والإطاحة بالنظلم السوري، ما يجعل من إستراتيجية ترامب أمر ناجح للجميع هو تمدد القاعدة وداعش في منطقة الشرق الأوسط وخطرهما على دول العالم.

في سياق متصل كشف وليد فارس مستشار المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب للشؤون الخارجية في حوار مع صحيفة “الحياة” اللندنية “سيكون هناك اتفاق روسي أمريكي من أجل حل الأزمة السورية وعلى رأس أولوياتنا القضاء على إرهاب تنظيم داعش، هذا الأمر عامل مشترك بين كل الأطراف يجب إنهاء داعش بل واستئصاله وتجفيف منابع الإرهاب”، وتابع فارس “للأسف إدارة الرئيس أوباما غير جادة في ذلك، والعكس صحيح، هي التي سمحت بظهور داعش بل وقوته ودعمت الجماعات الإسلامية المتشددة مثل النصرة وغيرها”، بذلك رسم ترامب أولوياته بشأن الشرق الأوسط، ووضع على رأسها مكافحة الإرهاب، ولهذا قد يتجه ترامب نحو قيادة تحالف دولي، فإذا اتفق بوتين وترامب على ذلك، من غير المستبعد أن يتجه الروس والأميركان لمؤازرة الجيش السوري في معركة دير الزور و الرقة وغيرها من المناطق السورية القابعة تحت سيطرة المتطرفين.

إنطلاقاً من كلام ترامب الذي حدّد في خطاب القسم عدواً واحداً وهو ” تنظيم داعش”وأخواته ، وأشار في الوقت ذاته إلى رغبته في التوقف عن دعم المعارضة السورية، وهو ما قوبل بالترحيب من الرئيس الأسد فور إعلان فوز ترامب بالانتخابات، وقال الأسد لتليفزيون برتغالي في 9 نوفمبر الماضي، “لو أن ترامب سيحارب الإرهابيين، بالطبع سوف نكون حلفاء، طبيعياً سنتحالف في هذا الصدد مع الروس والعديد من الدول الأخرى” وبذلك تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة خيار إعادة النظر في نهجها العام حول معركة مكافحة “داعش” وأخواتها، التي تقترب من الجانب الروسي بهذا الشأن.

مجملاً…..إن المطلوب الآن من المعارضة السورية بكل فئاتها وأصنافها بعد كل ما حدث في سورية من دمار أن تلتقط “خيط النجاة” لسورية ولو لمرة واحدة، لأن بقاء سورية هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يبقى وأن يحفظ للشعب السوري بعض ما يأمله، لذلك لا بد من مراجعة مشاريعها وأجنداتها فهي لم تعد الرقم الصعب على أرض الواقع، ليست هي القادرة على فرض مشروعها السياسي إذا ما قارنت وزنها العسكري الفعلي على أرض الواقع مقارنة بكل من داعش والمنظمات التكفيرية الأخرى، وهنا نأمل بعد هذه الفترة العصيبة أن يصبح الحوار ضرورة للخروج من الأزمة ونزع فتيل الاضطرابات وحقن الدماء، ومازال الأمل معقوداً على جميع الأطراف المتنازعة في سورية الجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.

وأخيراً أختم بالقول لقد إنطلقت مرحلة التسويات، فالمتتبع لتطورات الأحداث الحالية التي تتفاعل على الساحة السورية يدرك جيداً بتصاعد وتيرة الجهود التي تبذلها قوى إقليمية ودولية عديدة للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل سيفاجئ الرئيس ترامب العالم بخطاب تصالحي يتناول فيه للمرة الأولى سياسته الخارجية، موضحاً أنه سيؤكد شراكته وتعاونه مع حلفاء سورية ضد داعش والجماعات التكفيرية الأخرى، وهل يبدأ أعداء سورية بمراجعة الحسابات والمواقف تجاه الأزمة السورية؟، وهو ما سيبدو لنا واضحاً في الأيام القادمة لجهة ممارسات الإدارة الجديدة وطرق تعاطيها مع الملفات ومن ضمنها ملف الأزمة السورية الذي اصبحت فيه روسياً طرفاً اساسياً ورئيسياً.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.