هل اكتمل مشروع تعبيد طريق عمان – موسكو!؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان* ( الأردن ) الخميس 26/1/2017 م …
في ظلّ تطورات «خطيرة» ومتلاحقة تعيشها المنطقة ككلّ وفي ظلّ واقع سياسي وأمني ساخن يفرض وجوده بقوة في المنطقة، ومن منطلق أنّ السياسة هي من تحرّك مصالح الدول، وبما أنّ السياسة هي لغة المصالح وهي من تحرك براغماتية أغلبدول الإقليم، فالسياسة البراغماتية هي التي تدفع الآن وبقوة كلّ دول المنطقة للبحث عن حلول «مرحلية» تقيها من أتون نار متسارعة، ومخططات صهيو – أميركية هدفها إغراق المنطقة ككلّ في جحيم الفوضى، ولهذا… فمن الطبيعي أن نسمع عن نشوء تقارب في الرؤى والآراء بين بعض الدول المتأثرة إلى حدّ ما، بما يجري في عموم المنطقة العربية وبين بعض القوى الدولية المتصاعد نفوذها بالمنطقة العربية، والهدف هذه المرة هو تفادي السقوط في جحيم هذه الأزمات التي تمرّ بها المنطقة بشكل عام، والهروب من بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي تمرّ بها بعض الدول في المنطقة، وهذه العوامل بدورها هي من أسّست لتبلور معالم لتقارب جديد متوقع مستقبلاً وبقوة بين عمّان وموسكو.
ومع مؤشرات هذا التقارب «المرحلي» والمتوقع مستقبلاً، والذي بدأت تتضح معالمه تدريجياً في الوقت الحالي وخصوصاً في ظل زيارة الملك الأردني إلى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي ودعم الأردن لحرب روسيا على الإرهاب وتنسيق جهود محاربة الإرهاب في الجنوب السوري مع الروس، وهنا من الطبيعي أن نرى كنتيجة أولية لهذا التقارب وهذا التنسيق بين الحين والآخر بعض التقارب في الآراء بين العاصمتين في مجموعة ملفات إقليمية، سواء في العراق أو في سورية أو في اليمن إلى حدّ ما، والسبب في ذلك يعود مرحلياً إلى تقاطع المصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للدولة والنظام الأردني الساعي إلى احتواء اضطرابات المنطقة ومنعها من الامتداد إلى الداخل الأردني، واستراتيجية ورؤية الدولة الروسية التي بدأت حرباً شاملة على الإرهاب في المنطقة ككلّ لحماية نفسها ودعم حلفائها.
بالطبع هنا تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التقارب إنْ تمّ فعلاً وتحوّل إلى شراكة فعلية، فسيكون هذا التقارب عنواناً لمرحلة جديدة لكلّ أحداث المنطقة، وسيخلط أوراق الإقليم ككلّ من جديد، وسيؤثر بشكل بنّاء في مسار وضع الحلول لفوضى الإقليم بشكل عام.
ولكن هناك محدّدات لشكل هذا التقارب وطبيعته، ومع الحديث عن تبلور نقاط التقاء روسية أردنية، برز الدور الخليجي – الأمريكي المعارض من الأساس لفكرة التقارب، ومع زيادة الضغط السعودي على النظام الأردني بخصوص منع فكرة التقارب مع روسيا وإيران، فقد برزت بالفترة الأخيرة بعض التناقضات بين صنّاع القرار الأردني، وهذه التناقضات بدأت تتحدّث فعلياً عن وجوب تخلي الأردن عن المرجعية السعودية، والتوجه السريع نحو موسكو وطهران لتعديل ميزان التحالفات الأردنية على ضوء ما يجري من تطورات متسارعة في المنطقة، واليوم بدأت بالفعل بعض دوائر صنع القرار الأردني تتحدّث عن وجوب وجود دور تنسيقي عربي إيراني للمساعدة في إخماد نار الحروب الطائفية والمذهبية في المنطقة، وعن وجوب وجود دور تنسيقي عربي روسي يساعد في وضع حلول عاجلة لأزمات المنطقة.
وهنا تبرز إلى الواجهة حقيقة أنّ بعض دوائر صنع القرار للنظام الأردني بدأت تدفع النظام فعلياً إلى اتخاذ قرار تدريجي للخروج من تحت عباءة بعض دول الخليج والسعودية تحديداً، والتوسع بتحالفاته مع القوى الدولية والإقليمية الفاعلة، فهناك اليوم حقائق جديدة وخفايا بدأت تظهر على أرض الواقع، وهذه الحقائق والخفايا تقول إنّ الدولة الأردنية أصبحت الآن تعيش في محيط جغرافي ساخن أمنياً وسياسياً، فلسطين – العراق – سورية، وفي وضع داخلي مضطرب سياسياً واقتصادياً إلى حدّ ما.
وهذا ما أفرز بدوره نوعاً من التقارب في الآراء بين العاصمتين الأردنية والروسية، إلى حدّ ما بخصوص الملفات الساخنة في الإقليم ككلّ، فهذه الملفات بشكل خاص وضعت كلتا الدولتين في خانة واحدة من جهة الخطر المحدق بهما، فهذه المرحلة الحالية ونظراً إلى صعوبتها وتطوّر وتلاحق الأحداث في المنطقة، هي من دفعت إلى أن تكون هناك حالة من التقارب في الآراء والرؤى بين البلدين والنظامين، ولو مرحلياً.
ختاماً، يعتبر المراقبون أنّ النظامين الروسي والأردني يملكان من الأوراق ما يجعلهما قادرين على إنقاذ المنطقة ككلّ من جحيم الفوضى، ولكن معادلة اكتمال هذا التقارب ليتحوّل إلى شراكة حقيقية، ما زالت بحاجة إلى كثير من العمل من قبل الجانبين، وبحاجة إلى مزيد من القرارات الصعبة من قبل النظام الأردني، الذي ما زال إلى الآن يدور وإلى حدّ ما في فلك رؤية المحور الخليجي -الأميركي لنتائج وتطوّرات ملفات المنطقة.
*كاتب وناشط سياسي ـ الأردن.
التعليقات مغلقة.