الأسير المحرر هلال جرادات… درست 6000 كتاب وتعلمت 16 لغة في الأسر

 

السبت 28/1/2017 م …

الأردن العربي – دنيا الوطن – عبير مراد

عيناه اللتان تلمعان شغفاً وطموحاً، تنتظران الفرج بالعودة إلى مدينة المحبوبة جنين، التي تركها قبل عشرات السنين، حين قرر أن يثأر لتسميم المدارس في العام 1985، فأسره الاحتلال الإسرائيلي بتهمة القتل لثلاثة جنود إسرائيليين.

ينقل بصره بين المواقع العبرية المختلفة، وحين سألناه عن حياته قال: “اسمي هلال جرادات من مدينة جنين في الضفة الغربية، أمضيت 27 عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعدما أقدمت على قتل ثلاثة جنود إسرائيليين في العام 1985.

ويتحدث الأسير جرادات لـ “دنيا الوطن” فيقول: ” جاءت عملية الطعن إثر الأحداث التي كانت في جنين، وخاصة تسميم المدارس؛ لذلك أقدمت على عملية قتل الجنود قرب سجن مجدو.

ويستذكر جرادات تفاصيل ذلك اليوم، “استيقظت عند السابعة صباحاً، وتوجهت إلى حيفا، وفجأة تغير المسار الذي كنت أخطط له في عمليتي، وتوقفت قرب سجن مجدو، وانتظرت حضور الجنود إلى المحطة، وفعلاً حضر الجنود وقمت بعملية الطعن، واستخدمت خلالها السكين.

ويستذكر قائلاً: “وبعدما قمت بطعن الجنود، حاصرتني قوات من حرس الحدود في وادي اللجون، واستسلمت بعد ما فشلت في استخدام السلاح الذي أخذته من أحد الجنود”.

ويعود بذاكرته القوية إلى الوراء فيقول: “في نفس يوم العملية، قام الاحتلال بهدم بيتي في اليامون بجنين، ثم اقتادني الجيش الإسرائيلي إلى التحقيق، وكانت الظروف غاية في الشدة، خاصة أنهم استخدموا الحرب النفسية والجسدية والعزل الانفرادي.

وبعد مرحلة التحقيق التي استمرت لثلاثة شهور، تم محاكمتي في محكمة الناصرة، وحكم علي بالسجن بالمؤبد ثلاث مرات، كان ذلك في العام 1985.

تفاصيل الأسر

ويتابع حديثه وهو ينقل بصره بين جهاز اللاب توب وبين الترجمات الخاصة به فيقول: “دخلت سجن جنين، ومن خلال وجودي في تنظيم فتح بدأت بالتعلم وأرشدني أحد الإخوة الأسرى أن أهتم باللغات، وخاصة اللغة العبرية لأن هذه القضية مهمة جداً وقلة من الناس من توليها الاهتمام، حيث إن الإعلام الغربي يجب أن يعرف الفلسطيني وضرورة ما يكتبون وما يتحدثون عن فلسطين.

ويتابع، “معركتنا مع العدو هي معركة علمية وفعلاً بدأت بقضايا التعليم والتعلم، وكانت البداية اللغة العبرية والإنجليزية، ومن ثم انتقلت للعديد من اللغات مثل الروسية والإسبانية والفرنسية إلى أن وصلت لقرابة 16 لغة.

وأضاف، “وفي الأسر درست في الجامعة العبرية تخصص تاريخ وعلوم سياسية، وقد درست في الأسر قرابة 6000 كتاب وكنت مترجماً للعديد من الأسرى، وهذا الأمر شجعني لأن أدرس خارج الأسر في جامعة فلسطين إعلام ترجمة إنجليزي، وبعدها درست الماجستير في دراسات الشرق الأوسط في جامعة الأزهر.

تفاصيل الصفقة

وعن تفاصيل صفقة وفاء الأحرار يقول: “لم أكن على علم بأن اسمي كان ضمن الأسماء المدرجة في الصفقة، ولكن كان شعور ينتابني بأني ضمن هذه الصفقة، وفعلاً في يوم الصفقة تم الإعلان عن الأسماء عبر وسائل الإعلام المحلية في الضفة وسمعت باسمي، وقد شعرت بفرحة عظيمة، وفي نفس الوقت شعرتُ بالحزن لأن الإبعاد كان إلى غزة وذلك حرمان جديد من رؤيتي لأهلي، وخاصة الوالد الذي رافقني على مدار ثلاثة عقود متنقلاً ما بين السجون، وهو العين والأذن واللسان لي.

نشاطات ما بعد الأسر

أما عن نشاطاته التي قام بها بعد الأسر فقال: قمنا بتأسيس ملتقى الأسرى المحررين مع الأخ إبراهيم عليان وعشرات الكوادر في قطاع غزة؛ ليكون لسان حال الأسير الفتحاوي، وخاصة أن كافة الأجسام هي تعمل للكل الوطني، مثل حسام وغيرها، ومن المعروف أن مفوضية الأسرى هي فقط لقطاع غزة، وأردنا أن يكون الملتقى في كل الوطن في الداخل والخارج.

وقمنا بالانضمام لمجموعة فلسطين مستقبلنا من أجل إنهاء الانقسام وهي مكونة من أكاديميين وأسرى، وهي في غزة والضفة، كما أقوم بعد الأسر بإعطاء محاضرات في المؤسسات الأكاديمية بالجامعات والمدارس حول الأسرى وحقوقهم.

مشاكل الإبعاد

وعن المشاكل التي يعاني منها الأسرى المحررون بعد الأسر أولاً: هو عدم إمكانية رؤية الأهل وهذه قضية مهمة يجب أن توليها اهتمام السلطة الوطنية الفلسطينية.

ثانياً: لا يوجد لنا عنوان حتى يتابع أمورنا في الضفة، وأنا أتحدث عن أبناء حركة فتح المبعدين، وهذه مشكلة غاية في الصعوبة ومثال ذلك السفر فأنا شخصياً أريد السفر وبحاجة لتنسيق مع الجانب المصري، وهذا الأمر من أجل معالجة ابنتي “جنين” والتي لديها متلازمة “أنجلمان” متلازمة الملائكة.

كذلك المشاكل التي تتعلق بالعديد من الأسرى والمبعدين من حيث الاندماج المجمعي، ودعمهم معنوياً من خلال الاهتمام بقدراتهم وإمكانياتهم وهذا الأمر غاية في الأهمية، حتى يستمر المبعد في عطائه ومشاركته في الحياة السياسية، خاصة أن الأسرى والمبعدين الكثير منهم لديهم شهادات عليا “دكتوراة، وماجستير”

ولي نشاطات عبر وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية كمتابع للإعلام الأجنبي ومحلل سياسي في الشأن الإيراني والإسرائيلي وقضايا الشرق الأوسط.

وعن أمنياته وطموحه يقول: “أن يتم تدريس مسار الأسرى والمبعدين في الجامعات الفلسطينية من باب التعريف بقضايا الأسرى وحقوقهم، كذلك موضوع فتح مراكز إعلامية في اللغات منها العبرية حتى نجابه الإعلام الإسرائيلي، ولدينا كم من الفضائيات التي لا تلبي الحاجة الفلسطينية من حيث النفاذ إلى المجتمع الدولي وعلى وجه التحديد الغرب وإسرائيل.

يذكر، أن المبعدين 180 مبعداً إلى غزة في عدة صفقات، وهم ممنوعون من العودة إلى مناطق الضفة الغربية، وقضايا السفر، ويوجد بعض المبعدين الذين يعانون المشاكل المادية والإيجارات.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.