هذي دمشق / نزار قباني

 

 

نزار قباني ( سورية ) السبت 21/2/2015 م …

*****

هذي دمشقُ.. وهذي الكأسُ والرّاحُ‏‏ 

إنّي أحبُّ… وبعضُ الحبِّ ذبّاحُ‏‏ 

أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي‏‏ 

لسالَ منهُ عناقيدٌ.. وتفاحُ‏‏ 

و لو فتحتُم شراييني بمديتكم‏‏ 

سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا‏‏ 

زراعةُ القلبِ.. تشفي بعضَ من عشقوا‏‏ 

وما لقلبي -إذا أحببتُ- جرّاحُ‏‏ 

مآذنُ الشّامِ تبكي إذ تعانقني‏‏ 

و للمآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ‏‏ 

للياسمينِ حقوقٌ في منازلنا..‏‏ 

وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ‏‏ 

طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا‏‏ 

فكيفَ أنسى وعطرُ الهيلِ فوّاحُ‏‏ 

هذا مكانُ أبي المعتزِّ.. منتظرٌ‏‏ 

ووجهُ فائزةٍ حلوٌ و لماحُ‏‏ 

هنا جذوري.. هنا قلبي… هنا لغتي‏‏ 

فكيفَ أوضحُ هل في العشقِ إيضاحُ 

كم من دمشقيةٍ باعت أساورَها‏‏ 

حتّى أغازلها… والشعرُ مفتاحُ‏‏ 

أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً‏‏ 

فهل تسامحُ هيفاءٌ ..ووضّاحُ‏‏ 

خمسونَ عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ..‏‏ 

فوقَ المحيطِ.. وما في الأفقِ مصباحُ‏‏ 

تقاذفتني بحارٌ لا ضفافَ لها..‏‏ 

وطاردتني شياطينٌ وأشباحُ‏‏ 

أقاتلُ القبحَ في شعري وفي أدبي‏‏ 

حتى يفتّحَ نوّارٌ… وقدّاحُ‏‏ 

ما للعروبةِ تبدو مثلَ أرملةٍ‏‏ 

أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ 

والشعرُ.. ماذا سيبقى من أصالتهِ‏‏ 

إذا تولاهُ نصَّابٌ … ومدّاحُ‏‏ 

وكيفَ نكتبُ والأقفالُ في فمنا‏‏ 

وكلُّ ثانيةٍ يأتيك سفّاحُ‏‏ 

حملت شعري على ظهري فأتعبَني‏‏ 

ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ‏‏

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.