داحس والغبراء بين النصرة وأولاد العمومة
الأربعاء 1/2/2017 م …
الأردن العربي …
هيئة تحرير الشام تحت قيادة أبو جابر الشيخ قد تكون تمهيداً لتصفية المجموعات المدعومة من تركيا، ومبايعة أبو محمد الجولاني. لكن أنقرة الضامنة لمجموعاتها قد لا تكون أولويتها الالتزام بمواجهة النصرة.
ربما لا يصمد أبو عمار التفتنازي زعيم ما تبقى من حركة أحرار الشام أمام جموح غريمه أبو جابر الشيخ (أ ف ب)
ربما لا يصمد أبو عمار التفتنازي زعيم ما تبقى من حركة أحرار الشام أمام جموح غريمه أبو جابر الشيخ (أ ف ب)
لم تُجدِ تحفظات المجموعات المسلّحة في آستانة عما سماه المتحدث باسمها أسامة أبو زيد “تجنّب الدخول في حرب أهلية” بينها وبين النصرة. فمحاولة هذه المجموعات إعطاء الاجتماعات طابعاً “فنيّاً” لوقف إطلاق للنار شامل “على كل الأراضي السورية”، لم يخفِ طابعه السياسي أيضاً ولا إخفاء محور الاجتماع الأساس وهو الانفصال عن النصرة والمساهمة بمواجهتها. فبعد استفحال المأزق التركي في سوريا وفي الداخل والخارج، يبدو أن أنقرة لم تجد في أيديها غير ورقة الضغط على المجموعات الأكثر ارتباطاً بها للتفاهم مع موسكو على الانفصال عن النصرة. وعبثاً حاولت هذه المجموعات “تجنّب الحرب الأهلية” بالترويج الإعلامي لما صوّرته انتصاراً تركياً مع روسيا لعزل إيران في سوريا، أو مقايضة النصرة بحزب الله.
لعل بوادر هذه “الحرب الأهلية” بدأت في حلب على وقع إعادة التموضع التركي وعدم دخول أنقرة رأس حربة في المعركة العسكرية. فقد رفضت النصرة منذ ذلك الحين الاتفاق على غرفة عمليات موحّدة وتشكيل جبهة عسكرية مشتركة. وأصرّت كما تصرّ اليوم على مبايعة أمير واحد وعلى تسليم السلاح الثقيل والسمع والطاعة. بل وضعت شروطها موضع التنفيذ في اغتيال بعض الشخصيات القيادية المناوئة وفي مداهمة مخازن الأسلحة لبعض الفصائل.
ما تقوم به النصرة في إنشاء “هيئة أحرار الشام” تحت قيادة زعيم حركة أحرار الشام السابق المنشق أبو جابر الأنصاري، قد يكون تمهيداً للقضاء على أحرار الشام والمجموعات الأخرى التي تلتحق بها. وهو المدخل لمبايعة الجولاني لاحقاً وسيطرة النصرة على مواقع الجماعات المسلّحة في ريفي حلب وإدلب وفي ريف حماة الشمالي. وفي هذا السياق تهدّد الهيئة أحرار الشام بالانقضاض عليها إذا لم تسلّمها السلاح الثقيل العائد لفصيل “صقور الشام” المنضم إلى الحركة. ومن المرجح أن تبلع الهيئة معظم الفصائل كما تبتلع انشقاقات كتائب حركة أحرار الشام في الشمال وانشقاقات “جيش السنّة” وغيرهما.
ربما لا يصمد أبو عمار التفتنازي زعيم ما تبقى من حركة أحرار الشام أمام جموح غريمه أبو جابر الشيخ ومن ورائه الجولاني. وربما لا تنجح مساعيه في إنشاء “جبهة تحرير سوريا” التي تتألف من الحركة وجيش المجاهدين وفيلق الشام وبعض الفصائل الصغيرة، سوى بدعم ميداني تركي وفي إطار تفاهم روسي ــ أميركي وتفاهم إقليمي أيضاً مع إيران ودمشق. لكن الكرة التي ترتدّ إلى ملعب تركيا لإثبات حضورها الاقليمي في قدرتها على مواجهة النصرة عبر مجموعاتها المسلّحة، قد تكون هذه الكرة أكبرمن اليد التركية في أولوياتها. وفي هذا الصدد يبدو أن التوسّع التركي في حديقة خلفية افتراضية بين جرابلس وأعزاز متضمنة منبج والباب، لا يزال أولوية أنقرة. وقد تفترض هذه الأولية في الحسابات التركية أن التصادم مع الجيش السوري بشأن الدخول التركي إلى مدينة الباب أولى من التصادم التركي مع النصرة. ولا سيما أن الجيش السوري يستعد لتطويق الباب بعد استعادة أكثر من عشرين قرية في الريفين الجنوبي والجنوب الغربي، وأن الهجوم الجديد لقوات “درع الفرات” قد لايُعوّل عليه كثيراً إلاّ إذا انسحب “داعش” من المدينة لمصلحته.
على الصعيد الدولي، شكّلت المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الاميركي والروسي، خطوة أولى مهمة بحسب وصف البيت الأبيض. لكن الحديث عن إعادة بناء العلاقات والتعاون في سوريا لم يذهب أبعد من ذلك بل ربما يشير إلى تردد أميركي كبير بشأن مواجهة النصرة على الرغم من الضربات الجوية الأميركية لبعض مواقعها. وبينما يوضح الكرملين من دون لبس مواجهة النصرة و”داعش”، يذكر البيت الأبيض “داعش” بالاسم لكنه يستعين بدبلوماسية جون كيري التي عطّلت الاتفاق الروسي ــ الاميركي في عموميات مكافحة الارهاب من دون التزام بمواجهة النصرة وفصل المجموعات الأخرى عن النصرة. لكن في مثل هذا الوقت الضائع قبل أن تنجلي المآلات، غالباً ما تنفجر أكثر الحروب دموية بين الأخوة ــ االأعداء.
التعليقات مغلقة.