ترامب.. يستعد للحرب الكبرى أم للصفقة الكبرى في سورية / ميشيل كلاغاصي

ميشيل كلاغاصي ( الخميس ) 2/2/2017 م …

((ما بعد تحرير حلب , كان رحيل أوباما و مجيء ترامب , وكان لقاء الأستانة , وما بعدها ستكون جولة جنيف الرابعة المستعجلة أو المؤجلة عشرون يوما ولربما حتى إشعار اّخر !.

ترامب .. في الأستانة مراقب , وأمريكا أولا ًعلى سلم أولوياته , والويل للإسلام الراديكالي, وجديده قوانين اصطفائية حول اللجوء والهجرة ولدخول الولايات المتحدة , وثلاثون يوما ً فقط لخطط محاربة داعش , ومناطقه الاّمنة في سوريا مستعجلة و يجوز استمهالها لنيل موافقة روسيا ودمشق !؟.

والمشهد الإعلامي منهمك ٌ بأخبار الميدان شمالا ًو جنوبا ً و ما حول حلب و في إدلب .. اجتماع الأستانة أجّل معارك , واستبق أخرى ..

حرفُ الأنظار مستمر , تعطيش ستة ملايين دمشقي , إشاعات , تسريبات إعلامية لدساتير غريبة , ورائحة فدرلة و لبننة وعرقنة مزدوجة ..حربُ وجود و إقتتال إرهابي– إرهابي , انسحاب داعش من الباب , حشود حول حلب , النصرة تبتلع الحر في إدلب و تكاد تصل ريف حلب وريف حماه !!

تركيا تبيع نصف أدواتها بنصف إستدارتها عبر الإتفاق الثلاثي , يبدو أنها لم تعد بحاجة ٍ لجبهة النصرة إلاّ في مشهد أكاذيبها في محاربة الإرهاب .

صمت ٌ أوروبي عام و فرنسي ٌ– بريطاني خاص , و سعودي , قطري , إسرائيلي …لا يعني إنكفائهم .

رائحة التصعيد تفوح أكثر من رائحة التهدئة , فالجميع يستعد و يعيد تموضعه , واللعبة استخبارتية بإمتياز , والكل بإنتظار جهوزية ترامب السياسية لخوض جنيف , أو لخوض المعركة بجنوده ومدافعه على الأرض مباشرة ً وصراحة ً؟ وخمسة و أربعون دقيقة هاتفية مع بوتين كافية لتعقّل أو لتبريد ترامب – مؤقتا ً – , أو فليستعد مقابل مجده الشخصي لحمل توابيت جنوده جوا ًو يتخطّى بهم قوانينه الجديدة للدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

ويبقى الجيش العربي السوري ضمانة لكل السوريين , وتحرير وادي بردى و نبع عين الفيجة تأكيد محبته للحياة ودفاعه المقدس عن بشر وحجر وشجر وياسمين دمشق الشامخة أبدا ً)).

بالتأكيد انتهت المرحلة الأولى للحرب على سورية مع الإعلان عن تحرير مدينة حلب, ونهاية حكم إدارة باراك أوباما كقائد أعلى للحرب على سورية , وجاء لقاء الأستانة ليضع الخلاصات , وينتزع إعترافا ً دوليا ً بنصر الدولة السورية كحصيلة للإشتباك السياسي والميداني خلال السنوات الست للمرحلة الأولى,عبر توافق عديد الأطراف والفصائل المسلحة الإرهابية على وقف الأعمال القتالية , وفسح المجال أمام الحوار السياسي السوري – السوري في جنيف , والإبقاء على تنظيمي داعش وجبهة النصرة ومن يتبعها تحت مرمى نيران الجيش العربي السوري وحلفائه وكل من يدعى محاربة هذين التنظيمين وفق شرعة القرارات الأممية.

يبدو أن اجتماع أستانا حمل في خفاياه أكثر مما حمله في ظاهره , كخطوة على مسار الحل وتضييقا ً لمساحة القتال , بما يمهد لجولة ٍ جديدة لمؤتمر جنيف ,على طريق إنهاء الحرب وإحلال السلام , ولعل ما حدث قبل وأثناء وما بعد إنعقاده يؤكد إنتهاء المرحلة الأولى بإنعدام أفق المتابعة و إنسداد عديد طرق الوصول إلى إسقاط الدولة السورية , فبقاء الأسد أصبح واقعا ً, وتغيير نظام الحكم من الخارج بدا شبه مستحيل , وغدا حال ومشهد حلفاء أمريكا مفككا ً, مع إرتفاع مخاوفهم بخسارة الحرب داخل حدودهم , يبدو أن ترامب استشعر خطر خسارة تركيا لصالح إيران التي يستعد لمحاصرتها وربما لمهاجمتها , فأراد استرجاعها بعد تقاربها مع الروس و الإيرانيين وغازلها بحديثه عن المناطق الاّمنة , قبل أن تستطيع إيران احتوائها في محيطها.

إن إطلاق المرحلة الثانية للحرب على سورية تطلبت مراجعة أمريكية شاملة لكافة السياسات والمعطيات و التقديرات, وتطلب نسفا ًجذريا ً للكثير من المعادلات السياسية والميدانية, وكان لا بد من إعادة ترتيب أوراق الدول – الأدوات والأذرع الإرهابية الفاعلة على الأرض على حد ٍ سواء.. وتطلب إحداث تغييرات بنيوية في هيكلية التنظيمات الإرهابية , تسمح بتصحيح كافة الإنزياحات الحاصلة على الأرض بفعل الهزائم الميدانية , والتحركات الحاصلة باوامر المشغلين الإقليميين , أو بفعل المصالح الشخصية للمجموعات الإرهابية .. الأمر الذي تطلب بعض الوقت ,وطريقة ّ مناسبة لإخراج المشهد للرأي العالمي, فكان التدخل الإستخبارتي الذي أطلق شرارة الإقتتال بين الفصائل التي رفضت أي تحول في إيدولوجيتها وقيادتها أو انسحابا ً من مناطق سيطرتها, إن نتائج الإقتتال تعد بتشكيل ذراعين كبيرين يشتركان بالرأس القاعدية ويختلفان بالإيديولوجيا الوهابية والإخوانية يُضافان إلى الذراع الداعشية ليكون المشهد مؤلفا ًمن ثلاث تنظيمات ٍ إرهابية كبرى فقط , بما يحقق القفز فوق عثرات الإدارة السابقة التي حاصرت نفسها بفصل المجموعات المعتدلة عن الإرهابية , وبإنتظار الحرب الكبرى أو التسوية الكبرى مع رجل الصفقات الأمريكي الجديد .

لم يعد مسموحا ً للدول المشغلة الإقليمية الإنفراد بمواقفها خاصة ً تركيا والسعودية , وبات تخليها عن تمردها وعصيانها الأوامر الأمريكية أمرا ً يتطلب التفكير الجدي , فالرئيس ترامب طليق اليدين وفي حل ٍ من القيود و التعهدات السابقة لسلفه , وتقارب مواقفه من موسكو وتطابق رؤاه مع الزعيم بوتين في محاربة الإرهاب , وحديثه عن عدم إهتمامه برحيل أو بقاء الرئيس الأسد , واستعجاله لخوض معركة حاسمة ضد داعش , كلها أمور تستدعي تجميد كل شيء و إنتظاره بكل شيء , فهل سيجد ترامب طريق السلام ويضع يده بيد الرئيس بوتين , لتخرج واشنطن بفوز كبير في الشكل , وبنصف هزيمة في المضمون , أم أنه سيركب عربة الإرهاب وسيمضي نحو متابعة الحرب بلا أفق ؟.

فقد مارس الرئيس ترامب ضغطا ً رهيبا ً على “شركاء الولايات المتحدة”, ورفع شعار أمريكا أولا ً, ونسف قواعد الحرب بشكل شبه جذري , وألمح بتفاهماته الطيبة مع موسكو , وبإعلانه الحرب على الإسلام الراديكالي , وأبعد شركاؤه إلى مسافات متساوية يقتضي تقاربها الجديد دفع الجزية أوالغرامة وربما الحوافز, وألمح إلى إنهاء الحرب على دمشق , فأجبر الجميع على قبول شروطه من بوابة استمرار قيادته للحرب.

ومن الجدير التنويه إليه أن تنظيم داعش لم يسمح لفصائل أخرى مشابهة له بالإيدولوجيا أن تكون جزءا ً منه , على عكس النصرة التي سمحت للعديد من الفصائل إخوانية التفكير أن تعمل في فضائها , في ظل إدارة الرئيس أوباما , الأمر الذي اثبت فشله و تسبب بإضعاف الموقف الأمريكي وإرباكه , مما سمح للسوريون والروس بإستغلاله وحققوا إنتصارات كبيرة وأهمها تحرير حلب .. فكان لا بد من تصحيح الخطأ , وإعادة فرز التنظيمات و توحيدها تحت ظل ثلاثة رايات , داعش , النصرة , الإخوان …

ولا يمكن إستبعاد فكرة لجوء الإدارة الأمريكية إلى تطبيق توحيد تنظيمي داعش والنصرة , و إعادتهما إلى العائدية القاعدية المباشرة لتشريع قتالهما , أما الجناح الإخواني فلن يكون سوى أخشاب المحارق و وقود المعارك ومادة للإستهلاك السياسي والميداني, فقد أصبح من المعروف والثابت أنه التنظيم المرفوض دوليا ً, والذي يتزايد يوما ً بعد يوم عدد الدول التي تضعه على لوائح الإرهاب , وليس اّخرهم بريطانيا , ويمكن ملاحظة سقوط مرسي مصر و مرزوقي تونس , ونجاة أردوغان بإعجوبة , ولن يكون للتنظيم دور كبير في مستقبل الحرب أو السلام في سورية.

إن الحديث عن مناطق اّمنة أمريكيا ً بموافقة موسكو والتي تعد بدراستها وترهن موافقتها بموافقة دمشق , يبدد أحلام تركيا في قضم بعض الأراضي السورية , ويضع الحلم الإنفصالي- الفدرالي بالقيادة الكردية رهن الإدارة الأمريكية أيضا ً , وسيعيد قرار أمريكا لأمريكا , و سيسمح لها بإيجاد حل ٍ و إتفاق ٍ كبير مع وموسكو على كافة ملفات المنطقة خلال لقاء القمة الأول بينهما في اّيسلند أو في لقائهما على هامش قمة العشرين القادمة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.