تدفئة المدارس القائمة حاليا في الأردن** / علي حتر

 

علي حتر ( الأردن ) السبت 21/2/2015 م …

** هذا المقال تكملة للمقال السابق حول أخطار التدفئة بواسطة ( الصوبات )

لاحقا لما أرسلته أمس حول التعامل مع الصوبات ، أرسل اليوم الجزء الخاص بتدفئة المدارس القائمة

إضافة التدفئة المركزية إلى المدارس القائمة

بعد الحديث أمس عن التعامل مع الصوبة، سأتكلم هنا عن أنظمة التدفئة في المدارس، لأنني عرفت أن هناك تعليمات صدرت لوزارة التربية والتعليم لإضافة أنظمة التدفئة المركزية للمدارس الحكومية، على مراحل، وأتمنى أن تكون هذه المراحل قصيرة الأمد، ولا تمتد إلى زمن غير محدد، يحدده القابضون على الهدايا والسمسرة ويعاني منه أهل التلاميذ القابضون على الجمر.

طبعا هذا سيكون سببا يجعل الوزارة تلجأ للتدفئة بالصوبات مرحليا إلى حين تنفيذ مشاريع التدفئة المركزية، لهذا سأتكلم هنا عن تدفئة الصفوف بالصوبات أولا، ثم عن التدفئة المركزية للمدارس لاحقا.

تأثير التدفئة على التلميذ

قبل الخوض في مسألة إضافة التدفئة إلى المدارس القائمة، يجب الحديث عن مسألة هامة، وهي عدم وجود كودة، أو قانون ناظم لتدفئة المدارس في بلادنا.

أي أن تدفئة المدارس تُتْرك للمصممين الذين يتعاملون معها وكأنها تدفئة بيوت سكنية أو مكاتب، في حين أن لها متطلبات خاصة تختلف عن المشاريع الأخرى اختلافا كبيرا.

حتى نقابة المهندسين التي تدقق المخططات قبل الترخيص، فهي لا تدقق إلا المسائل غير المهمة عندما يتعلق الأمر بتدفئة المدارس، بسبب عدم وجود شروط قانونية للمسألة.

.

وأرجو ألا تعجبوا إذا قلت لكم، إن التلاميذ قد يفقدون التحصيل العلمي بسبب التدفئة غير المدروسة أكثر مما يفقدونه بسبب البرد..!! وهذا القول أقوله كمختص في مجال التكييف والتدفئة طول حياتي المهنية.. أي 44 سنة..!

.

لا تحظى مسألة التدفئة في المدارس باهتمام المهندسين المختصين في منطقتنا، رغم أهميتها وحساسيتها.

وقد خضت فيها عند تصميمي بعض المدارس في عمان، ورأيت فيها ما يستحق الاهتمام الكبير، حتى تؤتي أكلها بالنسبة لتلاميذنا، وهم من سيبني مستقبلنا.

.

إن وضع شروط خاصة للمدارس، واجب من واجبات وزارة التربية والتعليم، لتقييد المصممين بأهداف محددة لتحقيقها، بحيث لا تؤثر التدفئة على صحة التلاميذ أو على تحصيلهم العلمي، وهو ما رأيته في بعض المدارس الخاصة المدفأة في عمان، بسبب جهل المصممين بالشروط الواجب تحققيها، وعدم اكتراثهم بالبحث عنها، واكتفائهم بتحقيق درجة الحرارة المطلوبة في غرفة التدريس، وكأن درجة الحرارة هي الهدف الأول والأخير، في حين أن التحصيل العلمي أهم كثيرا من درجة الحرارة، وقد يفقده التلميذ بسبب التدفئة غير المقيدة وغير المُقننة والتي لا تراعي المتطلبات الصحية خلال الدرس..! أو بسبب جهل المهندس المصمم.. الذي يعتمد على الشركات الموردة للأجهزة في إراحته من التصميم مع وضع اسمه على المخططات مقابل أن يوصي بشراء أجهزة تلك الشركات..

وأنا هنا أتكلم عن واقع أعرفه، وأعرف أنني سأغضب الكثيرين لقوله.. لكن فليغضب من يغضب.. مقابل صحة التلاميذ وتحصيلهم العلمي..

.

إن جلوس التلميذ قرب جدار بارد، أو قرب جهاز تدفئة مشع، يكفي لمنعه من التحصيل العلمي وتشتيت ذهنه حتى لو كانت درجة الحرارة المحسوبة في الغرفة تحقق الدرجة المطلوبة في التصميم.

.

بالإضافة إلى المعلومات السابقة التي ذكرتها في صفحتي عن التعامل مع الصوبات، وما ينطبق منها على المدارس بشكل عام، وخصوصا كمية الهواء الخارجي اللازمة للتنفس وإزالة الروائح، فإن هناك نقاطا خاصة بالمدارس وغرف التدريس فيها يجب تحقيقها.

وحتى في المعاهد والجامعات، يجب الاهتمام بنفس المسألة، ومن المعروف أن أنه حتى المعلمين عندما يجتمعون في غرفة لتلقي محاضرة أو درس، فإنهم يتصرفون وكأنهم تلاميذ مدرسة.

.

هناك مجموعة من المبادئ الهامة المذكورة في فقرة التعامل مع الصوبة المذكورة سابقا، يجب فهمها وتطبيقها في المسألة:

والمبدأ الأهم عمليا، هو أن كل جسمين إذا اختلفت درجة حرارتهما، يشع الجسم الأسخن منهما الحرارة إلى الجسم الأبرد. وفي الصفوف يعني هذا أن أي طالب قريب من الجسم المشع (الرادييتر) الذي تزيد حرارته عن سبعين (70) درجة مئوية في أسوأ الأحوال، يتلقى من الرادييتر حرارة بالإشعاع على جنبه أو على فخذه القريب من الرادييتر عدة ساعات في اليوم، وتسبب له هذه الحرارة صداعا وتشتيتا عن التحصيل العلمي حتى بعد أن يذهب إلى البيت.. مما يجعله يشكو لأهله تعبه وعجزه عن مراجعة الدروس!

ويسبب الجدار البارد عملية عكسية، حيث يرسل جسم التلميذ الجالس قرب جدار بارد الحرارة إلى هذا الجدار البارد، والنتيجة تشبه الحالة الأولى، أي الشعور بالصداع والتشتيت عن التحصيل العلمي.

– وهذا يتطلب معرفة تأثير موقع التلميذ وجهاز التدفئة على التحصيل العلمي للتلميذ (نوع الجهاز ووسيلة التدفئة ومكان وضعها) حتى المشعات (الرادييترات)، وقرب التلميذ من الشباك أو الجدار الخارجي.

– يجب فهم تأثير التدفئة على الصحة في الصف وفي المدرسة (تفاقم مرض الأزما Asthma وأمراض التنفس، والحساسية والصداع)، ودراسة الصدمة الحرارية (لفحة الهواء) عند خروج الأطفال من المبنى إلى الهواء الخارجي البارد.

– من المهم دراسة تأثير عدد التلاميذ في الصف الواحد والأوكسيجين اللازم للتنفس واحتمالات انبعاث الروائح والتعامل معها.

– حركة الهواء نتيجة اتجاه الرياح بالنسبة للشبابيك، في حاجة للتحليل، لدراسة واحتمال انتقال الأمراض بين الصفوف، وهو ما يمكن أن يحصل في مدارس المناطق النائية (الأقل حظا) حيث يكون الصف مزدحما.

هذا الازدحام يساعد على :

o في إنتاج الروائح

o سهولة انتقال المرض

– يجب اعتبار أعمار المستخدمين والمخاطر المحتملة للعب التلاميذ بأجهزة تدفئة الغرفة، واحتمالات تحركهم بعنف قربها.

هذا يعني التالي:

– الصوبة في الصفوف تبقى مصدرا لعدة أخطار:

o أخطار الحريق التي تنتج عن العبث بها

o أخطار إنتاج غاز سام يسبب ضيقا في التنفس أو اختناقا، وفي كل الأحوال ضعفا في التحصيل العلمي.

o أخطار تنتج عن السقوط عليها بالخطأ أو بسبب الشجار

– يجب عدم اللجوء إلى الصوبة في المدارس إلا إذا لم يكن هناك حل آخر للمدارس لأسباب اقتصادية ملحة، وهنا يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

– يجب ضمان تزويد التلاميذ بالهواء الخارجي اللازم للتنفس ولتخفيف أي روائح يمكن أن تصدر عن وجود عدد كبير من التلاميذ في الصف الضيق. يجب حساب الهواء الخارجي المطلوب للتنفس وكمية الحرارة الصادرة عن أجسام التلاميذ، وتعويض الفرق اللازم لتدفئة الهواء الخارجي وحمل الجدران.

– يجب ضمان الاحتراق الكامل في الصوبة لتقليل الانبعاثات السامة، ويكون الاحتراق غير كامل عند الشعور بأي رائحة صادرة عن الصوبة، مع مراقبة لون الشعلة أو لون المعدن المتوهج في بعض الصوبات، ووضع كاشف لوجود أول أوكسيد الكربون السام.

– يجب تقليل حمل التدفئة المطلوب بعزب الجدران والسقف، وذلك ضروري جدا لتقليل ساعات تشغيل الصوبة وتقليل كمية الوقود المستخدم للتدفئة بواسطتها.

– عزل الجدران قرب التلاميذ أهم من تدفئة الغرفة.

الأنظمة المستخدمة لتدفئة المدارس بشكل عام

– نظام التدفئة بالهواء الساخن المنقول بقنوات الهواء، وهو نظام مكلف ولا يصلح للمدارس القائمة كلها، وسوف تكون كلفته وصعوبته في المدارس القائمة سببا في التراخي والتباطؤ في تنفيذ المشروع.

– نظام التدفئة بوحدات الهواء غير المروحية convector توضع في الصفوف وتحرك الهواء ولا تشع الحرارة على الطلاب الجالسين قربها. لكن مشكلتها أنها ذات أطراف حادة يمكن أن تؤذي التلاميذ إذا وقعوا عليها أو استعملوها لتسبب الأذى لبعضهم، مما يجعل ضرورة إخفائها في داخل الجدران حتمية، وهي لذلك غير صالحة للمدارس القائمة.

– نفس الكلام ينطبق على المشعات (الرادييترات) التي يمكن أن تكون مؤذية في حالة العنف المدرسي. وهو النظام المنتشر في مدارسنا المُدفّأة في عمان، وهو أسوأ الأنظمة رغم انتشاره، إلا إذا كان من الممكن أن تُبعد عن التلاميذ، أو أن توضع داخل الجدران وتغلف بصفيحة من الصاج أو الحديد لحمايتها من العبث ومن ركل التلاميذ للتسلية، ويجب أن تزود بتنفيسات خاصة تحتاج إلى أدوات خاصة للتنفيس بحيث لا يستطيع التلاميذ تنفيسها للعب بالماء الذي يمكن ان يخرج منها!

– النظام الأفضل للمدارس القائمة، هو إضافة مواد عازلة للسقف والجدران لتقليل الحمل الحراري المطلوب إلى أدنى حد أولا، ثم وضع أنابيب مرتفعة لا يستطيع التلاميذ الوصول إليها، وقد طبَّقتُ هذا النظام في تصميم تدفئة سجن سواقة، حتى لا يستطيع المساجين دفع بعضهم إلى أجهزة التدفئة إذا تشاجروا.. ويجب أن توضع الأنابيب فوق منطقة الممرات واللوح بحيث لا تشع الحرارة باتجاه رؤوس الطلاب. وهذا النظام يكون رخيصا بعد عزل الجدران والأسقف. أما التهوية فيجب أن تتم بواسطة فتحات تضاف إلى أعلى الجدران بحيث يدخل الهواء اللازم قرب الأنابيب الساخنة إما بمروحة صامتة أو بدون مروحة، وتلك مسألة بسيطة يمكن لأي مهندس جاد تحقيقها لتنفيذها.

– التهوية للمدارس الجديدة يجب أن تُدرس بطريقة مختلفة بحيث تقسم المدرسة إلى مناطق، لتجنب انتشار الحرائق وتجنب انتقال أمراض الشتاء بين الصفوف. وهي عملية غاية في الأهمية وممكنة عمليا، وإن كانت صعبة بالنسبة للمدارس القائمة.

.

وبالعودة إلى استخدام الصوبة في الصفوف وهو الحل المؤقت الذي ستلجأ الوزارة إليه مضطرة إذا كانت تريد أن تدفئ المدارس القائمة مرحليا:

– يجب قراءة الجزء المتعلق بالتعامل مع الصوبات في الأردن العربي تحت الرابط

https://www.arabjo.net/index.php/2014-12-21-16-19-16/2014-12-21-16-20-25/item/1247-2015-02-20-23-07-34

– يجب عدم وضع الصوبة في طريق خروج التلاميذ في حالة حصول حريق، ويمكن وضعها قرب اللوح البعيد عن التلاميذ، حتى لو كان ذلك غير كاف لتدفئة مثالية، حيث أن بعض النقص بالتدفئة أفضل من تدفئة مؤذية

– يجب إضافة كاشف غاز (ليس مكلفا) في كل صف لكشف التلوث بالغاز السام عند عدم حصول احتراق كامل في الصوبة، وأفضل من الاضطرار لإجراء فحوص طبية للكشف عن التلاميذ ذوي الحساسية، وأفضل من التسبب بإصابة بعضهم بما يسمى الأزما asthma، وبالمشاكل في حلوقهم ورئاتهم..

– يجب توفير الوقود في مكان أمين، لمدة كافية لتجنب نفاذ الكمية والعجز عن التدفئة.

.

أرجو أن أكون قد قدمت ملامح عامة حول المسألة

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.