عن الفقر … الى الفقراء (2/9) / عدنان الصباح

عدنان الصباح ( فلسطين ) الإثنين 6/2/2017 م …

** إلى أن يصبح الحبر خبزا والأقلام معاول …

“ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت.ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني بريء. وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك”

بهذه الكلمات ودع أوجست سبايز المناضل النقابي الأمريكي الذي اعدم بجريمة لم يرتكبها في أحداث الأول من أيار عام 1886 في شيكاغو والذي تبينت براءته فيما بعد وحين كانت جريمة قتله تتم كانت زوجته تقف قبالة منصة المشنقة وتقرا رسالته التي ودع بها طفله.

احد على الإطلاق لم يعد اليوم يذكر ما قاله سبايز ولا النهاية التي طالته ورفاقه الثلاثة بالإعدام بل راح الناس يحتفلون بالأول من أيار والذي أصبح عيدا بكل ما تعنيه الكلمة يحتفلون ويغنون وينامون بما فيه الكفاية

“ثماني ساعات عمل وثماني ساعات نوم وثماني ساعات للراحة والاستمتاع ” هذه هي المطالب التي مات في سبيلها سبايز ورفاقه واليوم والعالم اجمع يعلن أن هذه المطالب أصبحت حقيقة نغمض أعيننا عن الحقيقة الأهم وهي أن الذين يستمتعون بعيد العمال ويرقصون على دم سبايز ورفاقه في كل أنحاء العالم ليسوا هم رفاق سبايز الحقيقيين بل أصحاب الياقات البيضاء, ففي الأول من أيار لا يتمتع عمال البناء ولا عمال النظافة ولا عمال الحراسة والجنود الذين يحاربون من اجل نفخ جيوب أسيادهم.

لا احد من العمال الأميين والفقراء في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية واستراليا ولا حتى في أوروبا والولايات المتحدة يعلم متى يحل الأول من أيار ولا متى يحق له أن ينام أو أن يستمتع, على أكتاف الفقراء يجلس المتساقطون من أبناء جلدتهم, أولئك الذين يسهل عليهم لقربهم ان يمصوا دم الفقراء الأقرب لهم لصالح اللصوص الأكبر من الرأسماليين والامبرياليين وأعوانهم.

صغار الجنود والضباط وأصحاب الأعمال الشاقة بحاجة مرة أخرى لان يستيقظوا من جديد وان يقصوا الأفواه التي تمص دمهم ويقطعوا الأيدي التي تمتد إلى صحونهم لسرقة خبزهم وخبز أطفالهم ليزداد الأثرياء ثراء والفقراء فقرا.

منذ سنين باتت حكاية يا عمال العالم اتحدوا تحمل صوتا غريبا وكأنما النشاز ليس لان الشعار فقد معناه ومحتواه ولا لان قضية العمال قد غابت وان كل حقوقهم قد وصلت إليهم بل لان حجم الكارثة بات اكبر بكثير وان الإفقار طال شعوبا بحالها مما سهل على الرأسماليين رشوة عبيدهم والذين أصبحوا مستعدين للتآمر على العمال وقضاياهم ولان العمال الحقيقيين والشغيلة الفقراء والشعوب المضطهدة قد تم إلهائها وإشغالها بقضايا جانبية سخيفة وعلى يد حفنة من المرتزقة الأوباش الذين باتوا يسوقون شعارات الرأسمال الغربي عن الحريات والحقوق مع إفراغها من مضمونها ومحتواها.

الكارثة اليوم تكمن في أن الغالبية العظمى أو شبه المطلقة من حملة الأقلام المزورين ومقولي الأعلام وتزوير الفكر باعوا نهائيا القضايا العادلة مقابل فتات من الخبز يلقى لهم دون غيرهم.

على نداء اليوم أن يتغير كليا فطبقة العمال الصناعيين المنظمين في نقابات عمالية في البلدان الصناعية لا يمكن لها أن تكون طليعة العمال بعد أن تم رشوتهم ونقاباتهم وقادتهم علنا من قبل الرأسماليين وكذا أبواق الإعلام والأقلام المأجورة هي التي باتت تغطي السماء بكذبها بعد أن أصبحت وسائل الإعلام والاتصال حكرا على ناهبي قوت الشعوب.

إن الأمل يجب أن ينصب اليوم على الشغيلة الذين يموتون دفاعا عن الرأسمال وأصحابه وفي المقدمة الملايين من الجنود وصغار الضباط على مدى الأرض فقد آن لهم أن يرفعوا أصابعهم عن الزناد ويتوقفوا عن قتل بعضهم.

عندها وعندها فقط سيعلو صوت أوجست سبايز وابنه وسينتصر الحق والعدل وندفن في تراب الأرض حفنة صغيرة من تجار الموت وناهبي ثروات الأرض وقوت ناسها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.