قانون تبييض المستوطنات وسرقة الأراضي / ابراهيم ابو عتيلة

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الجمعة 10/2/2017 م …

منذ أن تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية قبل عشرين يوماً وسيل القرارات الصهيونية يتدفق نحو المزيد من الاستيطان ، وكأنهم بذلك يترجمون فعلياً موقف ترامب من قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر بتاريخ 23 كانون الأول / ديسمبر 2016 والذي عارضه ترامب ورفض موقف ادارة أوباما الامتناع عن استخدام حق النقض ضده ، فبعد أن صادقت حكومة الاحتلال الصهيوني خلال المدة المذكورة من حكم ترامب على بناء 6300 وحدة استيطانية جديدة منها 800 وحدة في القدس ، ها هو الكنيست الإسرائيلي يقر قبل يومين وبأغلبية واضحة – قانون التسوية – أو ما يصطلح عليه بقانون تبييض الاستيطان وشرعنة المستوطنات وهو القانون الذي اقره الكنيست بالقراءة الأولى مطلع كانون الأول / ديسمبر 2016 ، ووصفته إدارة باراك أوباما التصويت على قرائته حينذاك بأنه “مثير للقلق مما دفع نيتنياهو إلى إرجاء التصويت عليه في القراءات اللاحقة عدة مرات حتى يتسنى له إجراء المزيد من المشاورات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إذا علمنا بأن هذا القانون قد جاء بهدف الالتفاف على قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية المتعلق بإخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية التي بنيت على أراضٍ فلسطينية خاصة، كما يأتي هذا القانون لتمهيد الطريق لضم أجزاءمن الضفة الغربية ترجمة لمواقف اليمين الصهيوني الذي يعارض ما يسمى بحل الدولتين ويرفض إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لما صرح به وزير التعليم الصهيوني بينيت وزميله في الحكومة وزير الزراعة أوري أرئيل الذي صرح بأن لا مكان بين النهر والبحر إلا لدولة واحدة وهي ” دولة إسرائيل ” .

أما أبرز ما تضمنه قانون التسوية “تبييض الاستيطان” :

– يحق لسلطات الاحتلال مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة من أصحابها لغرض بناء المستوطنات .

– منع تفكيك المستوطنات العشوائية وفقاً لقرارات المحاكم الصهيونية مع عدم تجريم المستوطنين بالاستيلاء على أرض خاصة .

– شرعنة 16 تجمعا استيطانيا تم اقامتها على أراض خاصة فلسطينية مما يعني منح الشرعية لنحو أربعة آلاف وحدة استيطانية ووقف هدم المستوطنات كمستوطنة “عمونا” التي تقع شمال شرق رام الله والتي قضت المحكمة الصهيونية العليا بهدمها .

– يمنح القانون الفلسطينيين المستولى على اراضيهم الخاصة الحق بتعويض مالي بعد قيامهم بإثبات ملكيتهم للأرض التي يبنى عليها وحدات سكنية استيطانية مما يعني مصادرة 8183 دونما من الأراضي الفلسطينية الخاصة علاوة على شرعنة 55 بؤرة استيطانية وفيها ما يقارب 40000 وحدة سكنية .

ويُشار إلى أن النائب العام الإسرائيلي والمستشار القضائي للكنيست قد اعتبرا القانون “غير دستوري” و”غير قانوني” ومناف للأعراف الدولية.

وعلى الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي طالب الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا أن إدارة ترامب لم تتخذ بعد موقفاً قاطعاً من الاستيطان إلا باعتقادها بأن وجود المستوطنات يعتبر عقبة أمام السلام وإن بناء وحدات استيطانية جديدة أو التوسع بالمستوطنات قد لا يكون مفيدا ، الأمر الذي اعتبره الصهاينة موافقة ضمنية على الاسيطان ولا يمنعه .

ورداً على اقرار القانون المذكور قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مؤتمر صحفي في باريس يوم أمس بأن هذا القانون يشكل عدواناً على الشعب الفلسطيني ويجيز سرقة الأراضي الفلسطينية وبأنه سيقوم بمقاومته امام المنظمات الدولية لمخالفته القانون الدولي كما ترى السلطة الفلسطينية أن القانون المذكور يخالف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 وطالبت السلطة على لسان الناطق الرسمي باسمها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها ، فيما اعتبر السيد صائب عريقات أن ما تم إقراره يأتي لإضفاء الشرعية على سرقة الأرض الفلسطينية ولا يعدو كونه عملية نهب وبلطجة مؤكداً على أن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي ينفي السلام وإمكانية حل الدولتين .

وهنا يأتي السؤال : هل يمكن اعتبار ما قالته السلطة على لسان رئيسها والناطق الرسمي باسمها ولسان كبير المفاوضين كافياً ، أم أن كل ما ورد من ردود لا يتجاوز كونه تكراراً لتصريحات وأقوال لم تحسب لها ” إسرائيل ” حساباً ، ولعل ما يثبت ذلك في هذه الحالة أن القانون مدار البحث قد احتاج لقراءات ثلاث كانت الاولى في بداية كانون الأول / ديسمبر 2016 إلى أن تم إقراره بالقراءة الثالثة بعد حوالي شهرين لم ترق فيهما ردود السلطة إلى ما من شأنه ردع الكيان الصهيوني وتوقفه عن اقرار هذا القانون رغم مخالفته لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 بشأن الاستيطان الذي صدر بتاريخ 23 كانون الأول / ديسمبر 2016 ، فإسرائيل كما عودتنا لا تلتفت إلى القانون الدولي ولا للشرعية الدولية منذ إنشائها غير القانوني عام 1948 .

سمعنا ردود فعل دولية تستنكر هذا القانون ، وكالعادة فإن للكيان الصهيوني استراتيجيته لامتصاص كل ذلك الاستنكار إذ قامت وزارة خارجية الصهاينة وبايعاز وتوجيه من نيتنياهو بتعميم رسائل على ممثلياتها في العالم تتضمن رداً على اي محاولة للاستنكار وذلك بالطلب من دبلوماسيي الكيان التشديد في حديثهم مع الدبلوماسيين الأجانب وأعضاء البرلمانات والصحافيين في العالم على أن هذا القانون ليس نهائياً إذ سيصار إلى فحصه من قبل المحكمة العليا وأنه من الممكن أن يتم إلغاؤه الأمر الذي دفع بالإدارة الأميركية إلى القول بإنها لن تعقب على القانون حتى تصدر المحكمة الإسرائيلية قرارها بشأنه .

لقد علمتنا التجارب والأحداث بأن الكيان الصهيوني لا يتوقف ولا يخشى ولا يحسب حساباً لكل التصريحات والمقولات ولا حتى لقرارات الشرعية الدولية ولا يلتفت إلا للقوة والمقاومة الأمر الذي ثبت فعلياً من حروبه مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية وعند انسحابه من جنوب لبنان ، أما التهديد والوعيد بالمجتمع الدولي وسحب الاعتراف ومحكمة الجنايات الدولية التي كررتها السلطة كثيراً فلم تعد تخيف أحداً ، حيث أصبحت كل تلك التهديدات عبارة عن جمل وعبارات جوفاء تأتي لتفريغ الشحنات مع كل اعتداء صهيوني ، فلا سحب للاعتراف ولا لجوء لمحكمة الجنايات ..

وبعد كل الممارسات الصهيونية وبعد إقرار قانون سرقة الأراضي الفلسطينية وبعد أن فشل ماراثون المفاوضات العبثي فإن الحل المنطقي لا بد وأن يرقى لمستوى الحدث ولمستوى المطالب الشعبية وهو العودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني كما تم التوافق عليه والالتزام به وترجمته ترجمة فعلية والتخلي عن محاولات التسوية الفارغة بما في ذلك الانسحاب من التزامات أوسلو ووقف التنسق الأمني والتوقف عن التغني بما يسمى حل الدولتين التي ألغته ” إسرائيل ” قولاً وممارسة والعمل بكل قوة على تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية والعودة منظمة التحرير الفلسطينية للهدف التي تم إنشاءها من أجله وبالوسائل التي احتواها الميثاق الوطني الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.