سفارات السلطة الفلسطينية في الخارج والسفارات الصهيونية … مجرد مقارنة

الأحد 12/2/2017 م …

الأردن العربي – افتتاحية ” رأي اليوم ” …

السلطة الفلسطينية “تهزم” إسرائيل في عدد السفارات والدبلوماسيين.. هل المردود على قدر الانفاق؟ وما هي الخدمات التي يقدمها هؤلاء لقضيتهم؟ اليكم صورة عن قرب لما يجري في السفارات والبعثات الفلسطينية

أخيرا.. وبعد “نضال” شرس، تفوقت السلطة الفلسطينية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، واستطاعت ان تهزمها في عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية واعداد “الدبلوماسيين” العاملين فيها دون ادنى شك.

صحيفة “يديعوت احرونوت” التي انفردت بالخبر، قالت ان عدد السفارات الفلسطينية وصل الى 95 سفارة، مقابل 78 سفارة لإسرائيل، ومقابل 103 بعثات دبلوماسية للسلطة توجد 102 بعثة لدولة الاحتلال.

ما نختلف فيه مع الصحيفة الإسرائيلية هو حديثها عن انتصارات دبلوماسية فلسطينية في مقابل استمرار إسرائيل في التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، فما هي هذه الانتصارات الدبلوماسية؟ اعتراف دولة السويد مثلا؟ وماذا يفيد هذا الاعتراف عمليا على ارض الواقع؟

السلطة تتوسع في فتح السفارات وإسرائيل تتوسع في بناء المستوطنات، وتستعد لنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس المحتلين، وتنجح في فرض إرهاب “اللاسامية” على مختلف أجهزة الاعلام الدولية، وتسيطر على معظم دور النشر في العالم، ويطارد دبلوماسيوها الاكاديميين والنشطاء العرب والأجانب دون كلل او ملل، ويؤسسون اسمها “الهاسبارا” كقوة ضاربة.

لا نمانع بوجود هذا العدد الهائل من السفارات التي ترفع علم فلسطين في العواصم العالمية، فالقضية الفلسطينية التي تعيش أسوأ احوالها هذه الأيام، حيث لا مفاوضات، والقليل القليل من المقاومة ذات الطابع الفردي، الامر الذي يتطلب حركة دبلوماسية دؤوبة، ولكن الواقع مغاير لذلك للأسف، و”العدد في الليمون”، مثلما يقول المثل الفلاحي الفلسطيني.

معظم السفارات الفلسطينية في العالم تحولت الى “تكايا” لابناء وبنات المسؤولين في السلطة، ومصدر توظيف لهم، كل حسب نفوذ والده او الدته، والمرتبة التنظيمية لهما في حزب السلطة أي حركة “فتح”، ومن النادر ان تجد فيها دبلوماسيا من أي تنظيم آخر، او حتى من أبناء الشهداء والمسحوقين، ومعظم هؤلاء “الدبلوماسيين” اما استفادوا من منح دراسية استولوا عليها بنفوذ آبائهم، او تعلموا على حساب منظمة التحرير.

ملحقون اعلاميون لا يفقهون بالاعلام، ولم يكتبوا سطرا في حياتهم، وملحقون سياسيون لا علاقة لهم في السياسة، وملحقون امنيون يتجسسون على الجاليات الفلسطينية، او النشطاء من المستقلين، او حتى عناصر تنتمي الى الاجنحة الأخرى فيها، خاصة التي تنتقد “الرئيس″ وسياساته ومواقفه، هذه لمحة معتصرة للخريطة الحقيقية للسفارات الفلسطينية.

عشرات الملايين من الدولارات تنفق على هذه السفارات كرواتب، وبدلات، وتنقلات، وسيارات، وهواتف بينما بعض اسر الشهداء في لبنان وسورية والأردن وداخل فلسطين المحتلة بالكاد تتلقى بضعة دولارات شهريا توفر لها، ولاطفالها، بعض ارغفة الخبز ولايام معدودة.

في جميع دول العالم، الصغيرة او الكبيرة، في العالم الثالث او الأول، الغنية منها او الفقيرة، هناك قاعدة دبلوماسية مقدسة تنص على ان فترة السفير أي سفير، لا تزيد عن اربع سنوات، الا في “التكايا” الفلسطينية، فالسفير “مخلد” يبقى في سفارته ثلاثة اضعاف هذه المدة او اكثر، وكذلك حال “الدبلوماسيين” العاملين معه، ولماذا الاستغراب فالرئيس الذي تجاوز الثمانين ما زال في منصبه، وقد انتهت مدته وصلاحيته منذ سنوات وما زال في مكانه، والامر نفسه ينطبق على وزير الخارجية أيضا.

من النادر ان تجد حالة من التعاون والانسجام بين السفير وطاقمه الدبلوماسي، فالصراعات على اشدها، والطعن في الظهر من الممارسات اليومية، واحيانا لا يطرح بعضهم السلام على سفيره او زملاء له.

ندرك جيدا ان هناك استثناءات، وان بعض السفراء والدبلوماسيين في ذروة النشاط والتفاني في خدمة قضيتهم، ولكن هذا العدد قليل جدا، ويعتبر شذوذا عن القاعدة الدبلوماسية الفلسطينية.

لا نعرف ما اذا كانت السفارات الفلسطينية تنسق امنيا مع نظيراتها الإسرائيلية اسوة بالأجهزة الأمنية في رام الله، ولكن حتى لو لم تنسق، فان السلطة في رام الله ستقوم بهذه المهمة نيابة عنها، وتقدم معظم ، ان لم يكن كل تقاريرها للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فالاجهزة الأمنية الفلسطينية وقيادتها حريصة جدا على احترام كل الاتفاقات والتفاهمات مع الطرف الآخر.

رحم الله الشهيد عمر النايف الذي اغتالته خلية لجهاز الموساد في قلب السفارة الفلسطينية في بلغاريا التي لجأ لها بعد هروبه من الجلاديين الإسرائيليين معتقدا ان هذه سفارة، ويمكن ان تحقق الحماية له، وكان مخطئا في الحالتين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.