فاتح الشمبانيا : الانفصام المناطقي والطبقي / مروان الشمري
مروان الشمري ( الأردن ) الثلاثاء 14/2/2017 م …
ارى اناسا يفتحون الشمبانيا منذ عام ٢٠١٠ عندما غادرت في اول رحلة خارج البلاد للولايات المتحدة وبحكم انني اعلم الاختلاف الثقافي واختلاف المنظور المجتمعي لممارسات عديدة من بينها الاحتفال بفتح الشمبانيا وإطلاق العنان للجزيئات الكحولية لتنطلق في الهواء فلم أتفاجأ او أبدي اي انزعاج لما يمكن ان أراه في البلدان الغربية حيث اننا نحترم حرية المجتمعات وعاداتها وتقاليدها.
لكن، لم أكن اصدق ما رأته عيني قبل ايّام وأبان اعلان نتائج الثانوية عندما اطلعني صديقي ورفيق الغربة ( كركي طبعا) على فيديو وقال لي تفضل وشاهد الشمبانيا في شوارع عبدون فقلت له إنني أشك بذلك وأشك ان الفيديو مفبرك، حاول إقناعي مرارا وبحكم انه دكتور مهندس أيضا قام بكل العمليات التقنية ليثبت لي صحة المقطع فاقتنعت اخيراً وفِي داخلي شعور بالحزن لما وصل اليه حال تلك الفئة التي انفصلت وانفصمت تماما عن واقع مجتمعنا، انهم أؤلئك الذين لا يعرفون من الاردن سوى تلك الأحياء النرجسية في العاصمة ومدارس الهاي كلاس وفنادق الخمس نجوم والمطار في كل الأعياد والمناسبات، فاتح الشمبانيا هو نتاج الدائرة الضيقة والفئة القليلة التي انعزلت في تلك المناطق عن جسد الوطن ولا يبدو انها تشعر بمعاناة المواطن والوطن معا، هو نتاج ثقافة تتسيد ذلك المكان على ما يبدو او على الأقل ثقافة بعض القوم الذين لبثوا هناك من عمرهم سنين فلا هم الوطن ولا هم المواطن لهما من حيّز الفكر والمكان نصيب لدى هؤلاء.
تريد ان تفرح يا سيدي، افرح كما شئت وافتح من الشمبانيا في اي مكان تعود ملكيته إليك او لمن يشاركونك المسلك فكرا وعملا فهذا شان يخصك اما ان تفتح الشمبانيا في الشارع العام والذي هو ليس ملك لوالدك ولا لجيرانك وإنما ملك الشعب وتؤسس لسلوك مخالف لكل الاعراف والقيم والتقاليد الخاصة بمجتمعنا فأنت اذا مستهتر ولا تحترم مشاعر الآخرين لا بل انت معتدي على الحرية العامة والاخلاق العامة والنظام العام.
لست ادري ان كنت علمت باقصى اماني الأطفال في بعض القرى والبوادي والمخيمات، لست ادري ان كنت تعلم عن السرايين صباحا الى تلك الحاويات المترامية على أطراف أحيائكم المخملية بحثا عن فتات رميتموه ليلا واعتقد انك لا تراهم فأهل تلك الأحياء عادةً لا يستيقظون باكرا الا قليل، لست ادري ان كنت منغمسا بالهم الوطني أم باخر طراز حديث للسيارات، لست ادري عن كثير من الأشياء ولربما انني ادري ولا اريد ان ادري بما خلف ذلك كله، لكنني اتعجب ويساورني الشك بان ظاهرة الانفصام المناطقي والطبقي هي والله ظاهرة خطيرة وأتمنى ان نعالج هذه المسلكيات قبل ان تتفشى فينا فتزرع فينا اليقين بان بيننا أناس اخر همهم هو احترام العادات المجتمعية واخلاق المجتمع.
هذا التباين المناطقي والطبقي في بعض المسلكيات هو انعكاس للفروقات التراكمية في التشرب الفكري والانعزال عن جسد المجتمع والتفرغ التام للمصلحة الفردية والاستهتار بالمنظومة الكلية الفكرية والاجتماعية لأي مجتمع. وعليه فإنني ادعو محافظ العاصمة ومدير الامن العام لاتخاذ ما يلزم من إجراءات بحق كل من يتطاول على النظام العام وكل من يرتكب مسلكيات خارجة عن النمط الاخلاقي المقبول اجتماعيا وكل من يستهتر بالقيم الاردنية العالية والموروث الاخلاقي والديني والفكري لشعبنا العظيم.
التعليقات مغلقة.