ما هي الأسباب الحقيقة لـ العدوان التركي على الأرضي السورية

 

 

الأردن العربي – محمود عبد اللطيف ( الأحد ) 22/2/2015 م …

 

نظام الحكم في تركيا الذي يرأسه رجب طيب أردوغان لم يعد يخجل من التعامل مع تنظيم داعش علانية، فالعلاقات التجارية بين تنظيم داعش و التجار الأتراك في نهب مقدرات الدولة السورية و ترويج البضائع التركية المنتهية الصلاحية في المناطق التي يتواجد فيها التنظيم على طول الشريط الحدودي، ليست سوا غيض من فيض العلاقات بين أنقرة و داعش، فالعملية التي نفذتها القوات التركية لنقل رفاة “سليمان شاه” الذي يقال بأنه مدفون في منطقة “قرقوزات” على الواقعة على الطريق الدولية الرابطة بين حلب و الرقة، ما هي إلا عملية مشتركة بين الاستخبارات التركية و تنظيم داعش، فالحقيقة تقول أن التنظيم قام بهدم و تفجير كل المراقد الدينية الموجودة في المنقطة وفق عقيدته و السؤال عن استثناء هذا القبر الذي أقيم عليه مزاراً تركياً من مفهوم ” الوثنيات” التي توجب عقيدة داعش هدمه وفقاً للتعاليم التي ورثها التنظيم عن مؤسس الحركة الوهابية “محمد بن عبد الوهاب” يفضي إلى أن أنقرة دفعت ثمناً باهظاً للتنظيم من اجل الحفاظ على قبر “سليمان شاه” الذي تؤكد الأنباء الواردة من التاريخ إنه غرق و لم ينتشل جثمانه من نهر الفرات، لكن الاتراك أقاموا له قبراً في المنطقة واعتبر هذا القبر منذ العام 1921 أرضاً تركيا داخل سوريا وفق معاهدة وقعت آنذاك بين حكومة الاحتلال الفرنسي لسوريا و أنقرة.

تفاصيل العملية

تمكن القوات التركية من تنفيذ عمليتها في عمق الأراضي التي ينتشر فيها تنظيم داعش، وعلى مسافة توجب التنسيق المباشر مع قيادات التنظيم لنقل الرفاة و إلا سيكون لازماً على الأتراك في حال عدم وجود هذا التنسيق أن يتم الاشتباك مع عناصر داعش، الأمر الذي قد يوقع خسائر في صفوف القوة المنفذة و هو آخر ما يحتاج إليه أردوغان في مواجهة الرأي العام داخل تركيا، ولو تمّ الأمر و قتل أي من عناصر القوة التابعة للجيش التركي لسوق أردوغان لنفسه على إنه يقاتل التنظيم مستفيداً من العملية على إنها واحدة من الخطوات التركية لمواجهة الإرهاب الذي تدعمه تركيا بشكل مباشر.لكن الاشتباك مع تنظيم داعش سيؤدي إلى توتر في العلاقة ما بين التنظيم و أنقرة و بالتالي ستقل التدفقات النفطية المسروقة من سوريا و العراق مما سيؤثر بشكل قطعي على محاولة حزب العدالة و التنمية لترسيخ حكمه عبر تقديم الرشاوى الضخمة لضباط الجيش لضمان ولائهم للحزب و الرئيس أردوغان، وهذا ما يحمي الحزب و نظامه الحاكم من انقلاب شبيه بالانقلاب الذي أطاح بحكم حزب الرفاه الإسلامي الذي كان يتزعمه “نجم الدين أربكان” الأب الروحي لكل من أردوغان و رئيس حكومته أحمد دواد أوغلو، وبكون الصبغة العامة للنظام التركي أخذت سمة قريبة من “الإخوان المسلمين” و هم الوجه الأكثر حضارية من تنظيم داعش برغم وحشية التنظيمين، فإن من الطبيعي الحديث عن العلاقة المشتركة بين الطرفين، ووفقاً لهذه الخلفية كان التحرك التركي.

ملاحظات حول العملية

البيان التركي قال إن عدد عناصر القوة التي شاركة في العملية بلغ 600 عنصر نقلوا ضمن سيارات مصفحة بالإضافة إلى مشاركة 100 دبابة، وبأن العملية انطلقت من مدينة عين العرب.. و السؤال يقول: كيف رضيت قوات حماية الشعب الكردية بمرور هذه الحملة العسكرية عبر المدينة التي ساوم على مصيرها الأتراك حين هاجمها تنظيم داعش..؟، و ثانياً كيف تمكن القوة التركية من التوغل في أراضي ينتشر فيها التنظيم لتجتاز مسافة تصل إلى أكثر من 35 كم نحو الجنوب الغربي من عين..؟، ولم لم تعتبر عناصر التنظيم القوة الكبيرة التي دخلت ليلاً إلى المنطقة قوة تابعة للتحالف الأمريكية و تم الاشتباك معها؟، ثم لماذا لم ينقل الرفاة إلى أرض تركية و تركت في الأراضي السورية في منطقة قريبة من عين العرب، ثم لماذا تم تفخيخ و نسف المباني التابعة للضريح السابق.

الإجابة على هذه الأسئلة وفق المنطق المعتمد إلى طبيعة العلاقة و الأخبار الواردة عبر الأيام الماضية من مناطق الشمال السوري تأتي كالتالي:

أولاً: لم تدخل أي قوة تركية إلى الأراضي السورية بهدف نقل الرفاة، و ترك الرفاة بغرم نجاح العملية كما أكدت الحكومة التركية يؤكد على أن أنقرة خافت من السؤال لاحقاً أين الرفاة..؟، بمعنى أن يطالبها جمهور الحزب و الفكر “العثماني” أن تظهر رفاة “سليمان شاه” أو مكان دفنه لوسائل الإعلام، وهذا يدلل على إن القوة التركية دخلت للتمويه و الإلتفاف على قضية أخرى.. فما هي..؟، وما يعزز هذه النظرية إن الأتراك قاموا بنسف ما تبقى من مباني الضريح بحجة وجود رغبة لدى أنقرة بحرمان تنظيم داعش من الاستفادة من هذه المدينة وهذا الاعتراف الضمني بأن داعش قريب من الضريح يفضي إلى سؤال ضخم يقول… لماذا لم يهاجم داعش الضريح بالمطلق، ولماذا أخلت تركيا الضريح إن لم يكن داعش قد هدده أصلاً…؟

ثانياً: وسائل الإعلام التركية نفسها قبل أيام أكدت نبأ اعتقال 3 من عناصر الجيش التركي من قبل الجيش العربي السوري في المعارك التي تخوضها القوات السورية ضد الميليشيات المسلحة و خاصة تنظيم جبهة النصرة في محيط مدينة حلب، و بالتالي هل يمكن الربط بين الحادثتين..؟.

بالربط بين الملاحظتين يتبين ما يلي:

دخلت القوات التركية إلى الأراضي السورية و وصلت إلى الضريح وفخخته بدراية داعش، فليش من المعقول أن لا يتنبه التنظيم إلى القوات الداخلة برغم عددها الكبيرة أو على الأقل إثر الأصوات التي يجب أن تصدر عن التفجيرات التي نفذتها القوة التركية، وبالتالي يأتي هذا التنسيق للتغطية على اعتقال الأتراك الثلاثة، فالرواية التركية الرسمية التي ستصدر في الأيام القليلة القادمة عن مصير من قتل من القوات التركية التي أسندت جبهة النصرة في معارك “حردنتين – باشكوي – ريتان” في محيط حلب سيكون أن هؤلاء قتلوا و فقدوا أثناء الاشتباك مع داعش من قبل القوة المشاركة في إخلاء ضريح سليمان شاه.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.