الحلقة الأخيرة من داعش

الثلاثاء 14/2/2017 م …

الأردن العربي – كتبت إيفين دوبا …

لا تبدو الأحداث في هذا المسلسل التركي السعودي المشترك والطويل، سعيدة أو أنها على خير ما يرام، حتى أن التصريح العراقي الرسمي بأن “داعش” انتهى في العراق، يعني حقاً أن التنظيم المتشدد الذي سوق لنفسه استعراضياً عبر الوحشية المنظمة، بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة هناك، والمهم كثيراً في هذا السياق، ما يواجهه التنظيم شرقي سورية، فبعد أسابيع من الهجمات المسعورة والعنيفة لم يفلح “داعش” في أن يحقق أي خطوة على الجبهة السورية.

في دير الزور تحديداً، يبدو الأمر كملحمة حقيقة، بدأ رعاة “داعش” الدوليين يدفعون ثمنها باهظاً جداً، كان المطلوب هو وصل الجغرافيا بين سورية والعراق لنشر الهرج الوهابي والمرج المتطرف على أوسع المساحات، لكن هذا ما لم يحدث بعد الصدمات التي تلقاها التنظيم في دير الزور والخسائر المتلاحقة في الموصل بالعراق، والأكيد أن “داعش” راح فرق عملة في العمليات السياسية الجارية التي أخذت الأضواء إلى حد بعيد.

لم يكن الإخراج التركي لهذا المسلسل الدموي جيداً، بل إن أنقرة لم تعد قادرة على الإمساك بـ”كلاكيت” “داعش” والإيذان ببدء المشاهد كما يحلو لسياستها، وذلك لاعتبارات عدة في مقدمها أن أحدا من المتفرجين الدوليين الذي يكتنزون في داخلهم رعاة لـ”داعش”، لم يعودوا يضغطون بشدة على اليد التركية وإبداء الرضا بما يفعله المخرج السياسي التركي، أما الإنتاج السعودي لهذا المسلسل فسيعود أشواطاً إلى الوراء بسبب الهزات العنيفة التي يعانيها نظام الرياض حتى الآن، ما سينعكس على العمليات التنفيذية بشكل لا يمكن إنكاره.

بسبب العوامل الميدانية، فإن “داعش” لن يتمكن من وصل الجغرافيا ولن يحقق ذلك الحضور الذي كان يمنى عليه سابقاً، على جبهتي سورية والعراق، هناك معالم في الأفق، أن مدفن التنظيم المتشدد الذي شغل العالم وتخفت من خلاله أنظمة دولية في الغرب لتحقيق الأهداف، سيكون في دير الزور والموصل معاً، لذلك فإن الحلقة الأخيرة لهذا التنظيم بدأت أحداثها، وهذا ليس مستبعداً البتة طالما أن الوقائع تقول ذلك.

إذاً ما الأمر؟، تحاول كل من أنقرة والرياض، وكذلك أوروبا إطالة أحداث الأخيرة، لأنهم جميعاً أدركوا متأخرين أن الجزء الثاني من هذا التنظيم سيبدأ هناك، عندهم وبين ظهرانيهم، وهذا هو الأمر المشكلة الذي حتى الآن لا يواجه من قبل أوروبا بأية خطوات جدية لمنع ذلك، وما زالت الإجراءات لا تخرج من كونها أكثر من ردود فعل حمقاء لا ترقى إلى مواجهة الإرهاب، هذا الخيار الذي تتجنبه الدول الأوروبية ضمن إطار مكابرة غبية.

“داعش” لن يجلس بلا عمل بعد أن تسدل الستائر على حضوره في الشرق الأوسط، وأوروبا حتى الآن لا تريد أن تفعل شيئاً، وما زالت تربي العقرب في جيبها، والعقرب ليس “داعش” وحسب، بل كل تلك الفصائل المسلحة التي مهما رفعت من رايات وغيرت من أسمائها وصفاتها، فإن المنبع واحد وقد يكون المصب في زوايا متعددة لن يعود بالخير على أوروبا قطعاً إن لم تستفق هذه الأخيرة من غفلتها، والتي تقامر عبرها بأمنها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.