هل تكون الباب باباً للتسوية الجدية في سورية ؟
العميد شارل أبي نادر ( الأربعاء ) 15/2/2017 م …
تتسارع التطورات الميدانية في الشمال الشرقي السوري وتحديدا على مداخل مدينة الباب السورية ، والتي تشكل آخر مدينة في تلك المنطقة كمعقل مهم لتنظيم داعش الارهابي ، وتفرض نفسها هذه التطورات الدراماتيكية بشكل لافت ، اولا لحساسيتها الميدانية ، وثانيا لما يمكن ان تكون عليه من مفصل استراتيجي ونقطة تحول في الحرب على سوريا .
ميدانياً ، تعتبر مدينة الباب هدفا حيويا تسعى للسيطرة عليه الاطراف التي تتداخل وحداتها حاليا على مداخلها وذلك على الشكل التالي :
– الجيش العربي السوري يتقدم من الجنوب ومن الجنوب الغربي وهو الان بصدد إكمال الخطوات الاخيرة من تحرير بلدة تادف آخر خط دفاعي لداعش جنوب الباب ، ويضيق الخناق على التنظيم من خلال اطباقه على طريق الباب – تادف – مسكنة – الطبقة ، ويحقق بذلك محاصرة داعش في الباب ، ويوسع حزام امن مدينة حلب شرقا ، ويؤسس لاستكمال تحرير اريافها بشكل كامل ممتلكا قاعدة انطلاق استراتيجية في معركة تحرير كامل الشمال والشمال الشرقي السوري .
– وحدات درع الفرات تتقدم من الشمال والشمال الغربي لمدينة الباب وهي الان تدخل ، ولاول مرة بشكل جدي ، في الاحياء الشمالية والغربية للمدينة ، وتكون بذلك امتلكت نقاط ارتكاز قوية في المدينة التي كانت عصية عليها لاكثر من اربعة اشهر خلت ، وكانت قد تكبدت على مداخلها العديد من الاصابات المؤلمة ، وبذلك تحقق وحدات درع الفرات ، في حال اكتملت سيطرتها على المدينة ، انتصارا معنويا وميدانيا مهما ، يعزز حضورها في البقعة التي دعمتها تركيا للسيطرة عليها اعتبارا من حدود الاخيرة وحتى الباب ضمنا .
– الوحدات التركية ، تدعم وحدات درع الفرات المتقدمة داخل المدينة من خلال التغطية الجوية والتعزيز المباشر للهجوم بسلاحي المدرعات والمدفعية، وايضا بوحدات خاصة في عمليات هجومية محددة ، وهي تحقق بذلك مع اكتمال سيطرة درع الفرات على المدينة ،بالاضافة لهدفها الدائم في تثبيت فصل الكانتون الكردي بين منبج وعفرين ، هدفا مهما من الناحية المعنوية والميدانية طالما حاولت تحقيقه ، وكان قد كلفها خسائر مؤلمة في العديد والعتاد .
استراتيجيا ، تشكل المدينة ومحيطها نقطة ربط نزاع بين الجيش العربي السوري والاتراك من خلال درع الفرات ، وسيكون ميدانها حقل اختبار، اولا لصدق الاتراك في محاربة داعش وفي الانخراط بالتسوية جنبا الى جنب مع الروس ، وثانيا لجدية مشروع التسوية المرتقب الذي اُسس له في استانة بين الدولة السورية و المجموعات السورية المعارضة غير الارهابية ، وذلك برعاية روسية – ايرانية – تركية ، وحيث يمكن ان تظهر في مدينة الباب ومحيطها لاحقا طبيعة الاجراءآت وقواعد الاشتباك والتداخل والتنسيق ، سوف يكون لنجاحها فرصة حقيقية للمضي قدما بالتفاوض الجدي المنتج و الصحيح على طريق انهاء الحرب واكتمال التسوية السياسية المرتقبة .
واخيرا … قد تتفوق مدينة الباب كمدينة صغيرة على حلب او الرقة ، وذلك من خلال ربط النزاع الاقليمي والدولي الذي ستحضنه ، في انها ستكون بابا لحل الازمة السورية و مدخلا للتسوية المرتقبة ، ومفصلا لتحوّل الاطراف الاقليميين من تسعير الحرب على سوريا الى تنفيس الاحتقان ووقف دعم الارهابيين والمسلحين الجامحين .
التعليقات مغلقة.