قير سليمان شاه … ليس رفاة بل مسمار جحا ابتدعه الأتراك … ليكون ذريعة في المستقبل

 

 

الأردن العربي – سور ابراهيم ( الأحد ) 22/2/2015 م …

 

بينما كان سليمان شاه جدّ عثمان ووالد أرطغرل بك يجتاز مع عشيرته نهر الفرات قرب قلعة جعبر في سورية، غرق في النهر مع بعض حاشيته العام 1231 م، ولم يعثر على جثته فأقيم له قبر وآخر لأحد وزرائه قرب منحدرات قلعة جعبر الغربية.

ولمّا احتلّ السلطان سليم الأول سورية إثر معركة مرج دابق حلب في 8 آب 1516 أقام قبراً لائقاً بجدّ العثمانيين دعاه الرحالة والزائرون”المزار التركي”.

عندما خسرت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى مع حليفتها ألمانيا العام 1918 وتمّ تطبيق اتفاقية سايكس – بيكو على أراضيها وضعت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين والأردن والعراق تحت الانتداب البريطاني.

قام مصطفى كمال بثورته الشاملة على السلطنة العثمانية وقاوم الحلفاء والاحتلال الفرنسي في الأراضي التركية المحتلة من كيليكيا وجنوب الأناضول وأزمير، كما قامت الثورات السورية ضد الانتداب الفرنسي في سورية وفي مقدّمتها ثورة إبراهيم هنانو والأكراد في شمال غربي سورية والتي كانت تلقى الدعم والتأييد من مصطفى كمال والحكومة التركية.

وكان مصطفى كمال يعرف حلب جيّداً وآمن بحسّه الوطني بمبدأ “تركيا للأتراك” وقام بثورته للتخلص من الجيوش الفرنسية واليونانية في كيليكيا وأزمير.

ووضعت سورية تحت الانتداب الفرنسي بعد غزو غورو ومعركة ميسلون في 24 تموز واستشهاد وزير الدفاع يوسف العظمة وانتهاء الحكم الفيصلي (8 آذار – 24 تموز 1920) غادر الملك فيصل سورية من درعا في الأول من آب 1920.

مع الضغط المتزايد للجيش التركي تمّ الاتفاق على انسحاب الجيوش الفرنسية من جنوب تركيا لقاء اعتراف تركيا بالانتداب الفرنسي على سورية ووقف التأييد والدعم لثورة المجاهد إبراهيم هنانو ضد فرنسا، ما اضطرّه إلى مغادرة سورية إلى الأردن حيث قبض عليه الانكليز في 10 آب 1921وسلّموه إلى الفرنسيين لمحاكمته.

وتمّت تبرئته من التهم الموجّهة إليه عن طريق المطالعة الشهيرة التي قدّمها في 22 آذار 1922المحامي فتح الله الصقّال بحلب.

تمّت اتفاقية أنقرة بتاريخ 21 تشرين الأوّل 1921 وهي اتفاقية حسن الجوار بين الحكومة الفرنسية المنتدبة على سورية ممثّلةً بهنري فرانكلين _ بويّون ، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي ووزير سابق وقد سُمّيت الاتفاقية باسمه، وبين يوسف كمال وزير الخارجية التركية آنئذٍ. وتألّفت الاتفاقيّة من 13 مادة، أوقفت بموجبها الحرب بين تركيا وفرنسا وعدّلت الحدود الشمالية بين سورية وتركيا حيث يمرّ الخط الحديدي الواصل بين برلين وبغداد والتي سبق أن أُقرّت بمعاهدة سيفر المؤرخة في 10 آب 1920 التي أنهت الحرب العالمية الأولى.

وقد تخلّت فرنسا بموجب هذه الاتفاقية لتركيا عن أجزاء من سورية مقابل اعتراف تركيا بالانتداب الفرنسي على سورية.

ونتيجة هذه الاتفاقية عزلت مدينة حلب عن معظم المناطق الشمالية التي كانت ضمن ولاية حلب وولاية أضنة و المدن التي أمست تحت السيادة التركية هي، من الغرب إلى الشرق، أضنة وعثمانية ومرعش وعينتاب وكلّس وأورفة وماردين ونصيبين وجزيرة إبن عمر.

وبيّنت اتفاقية أنقرة هذه صلاحية استعمال الخط الحديدي من قبل جيوش الجهتين التركية والسورية وتسهيل انتقال السكّان المجاورين للحدود بين الجهتين.. وذكرت المادة الثامنة من الاتفاقية والخاصة بقبر جد العثمانيين سليمان شاه أنّ موقع القبر يُعتبر جزءاً من الأراضي التركية يُرفع عليه العلم التركي وتُقيم فيه حامية تركية .

وفي ما يلي ترجمة نص المادة “إنّ قبر سليمان شاه جدّ السلطان عثمان مؤسّس السلالة العثمانية( المعروف باسم “المزار التركي”) والواقع عند قلعة جعبر سوف يبقى مع ملحقاته بملكية تركيا التي بإمكانها أن تعيّن له حرّاساً وأن ترفع العلم التركي فيه”.

وافقت حكومة ما يسمى «المجلس الشعبي الكبير» التركي في التاسع من تشرين الثاني عام 1921 على الاتفاقية، ونالت الاتفاقية موافقة حكومة الانتداب الفرنسي في الرابع والعشرين من تموز 1923، ورُفع العلم التركي على موقع قبر سليمان شاه في سورية منذ ذاك الحين.

وأصبح هناك حامية تركية تحضر من الأناضول وتبدَّل مرّة كل شهر، تقوم على حراسة ورعاية القبر المحاط مع توابعه بسور حماية أقيم مقابل مدخله مخفر سوري.

كان قبر سليمان شاه قرب قلعة جعبر بعيداً عن الأنظار يصعب الوصول إليه ونادراً ما يزار.

لكن عندما تقرّر العام 1968 إنشاء سد الفرات في موقع الطبقة (مدينة الثورة حالياً) وسوف يُغمر كامل الضريح وأجزاء من قلعة جعبر بمياه بحيرة السد التي سترتفع 30 م عن منسوبها السابق عند موقع السد، تقرّر نقل الضريح إلى مكان آخر.

وقد أصرّ الجانب التركي في المفاوضات المشتركة حول سد الفرات على إبقاء الضريح في الأراضي السورية ونقله إلى تلّة مرتفعة شمال تل قره قوزاق (يبعد حوالي 30 كم إلى الشرق من منبج) حيث بني العام 1972 جسر عظيم فوق الفرات يصل الجزيرة بالشامية.

وأصبح جميع مستخدمي الطريق بين حلب ومنبج وعين العرب وعين عيسى والحسكة والقامشلي يشاهدون العلم التركي يرفرف على قبر سليمان شاه في ذهابهم وإيابهم.

إنّ الموقع المذكور عند جسر قره قوزاق يبعد حوالي 30 كم عن كركميش والحدود التركية شمالاً، وكان بالإمكان نقله إلى الأراضي التركية وعلى ضفة الفرات كذلك، إلاّ أنّ تركيا أصرّت على إبقائه في الأراضي السورية مثل “مسمار جحا”. ورضخت السلطات السورية للطلب في المفاوضات الحيوية لاقتسام مياه نهر الفرات مع تركيا والعراق.

وتم في الأيام الماضية عملية عسكرية تركية داخل سورية  لإجلاء حراس ضريح سليمان شاه ونقل الرفاة إلى منطقة أخرى بسورية إلى قرية أشمة الواقعة غربي مدينة عين العرب بموجب الاتفاقية ، ليوضع بذلك تحت الحماية الغير مباشرة الكردية ويبقى العلم التركي على الأراضي السورية قبالة الأكراد مما يجعله  ورقة وذريعة في المستقبل لأي تدخل تركي وعدوان على الأراضي السورية .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.