ولاة الأمر … هل هي الهاوية ؟ أم ماذا ؟
ماجد عبد العزيز غانم ( الأردن ) الجمعة 24/2/2017 م …
ولاة الأمر … هل هي الهاوية ؟ أم ماذا ؟ …
أَدرك أن الكثيرين من قبلي كتبوا وتطرقوا لهذا الموضوع ، ولكن حباً في وطننا وترابنا سنبقى نكتب على أمل أن تصحو ضمائر من يتولوا أمورنا ، قبل أن يفوت الأوان ، رغم علمي مسبقاً أن كتاباتنا أيضا لا تُأخذ على محمل الجد من جانب أولو الأمر لغاية هذه اللحظة ، ولكن هذا أيضا لم اعد استغربه إذ كيف يلتفتون لكتاباتنا رغم أنها أصبحت صراخا يوميا في الشارع فمن لا يريد أن يسمع هل يمكن أن يلتفت لما يُكتب ؟
ولكن لا بأس ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية عامة وبلادنا خاصة بدأت تأخذ منحى لا يبشر بالخير ، فمواطننا يصرخ صباحا مساء أن اتقوا الله فينا ولاة أمرنا ، لم يبق لدينا شيئا لتجردونا منه ، لم يبق في وطننا شيئا لم تبيعوه أو تخصخصوه ، لم تبق سلعةً إلا ورفعتم سعرها ولم تبق ضريبةً إلا وفرضتموها علينا ، بل إن قاموس الضرائب في العالم اجمع قد يعجز أحيانا عن احتواء بعض المسميات الضريبية التي تبتدعونها يوميا .
ولكن يبدو أن ولاة أمرنا مشغولون عنا بما يتم الترتيب له في هذه المنطقة سواء على الجانب السوري أو على الجانب الفلسطيني وهو الذي بدأت تلوح ملامحه في الأفق والتي هي أيضا لا تبشر بالخير ، وما اجتماع العقبة السري الأخير وما رشح عنه وعما سبقه من اجتماعات هنا أو هناك عنا ببعيد ، ونسي أو تناسى هؤلاء صرخات مواطنيهم التي أصبحت كالمَرجل الذي حُمل عبئاً أكثر من قدرته .
لكنّ اللافت في هذا الأمر هو أننا في الآونة الأخيرة ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة ومن خلال وسائل التواصل على شبكة الانترنت بدأنا نرى ونسمع مناشدات مباشرة من المواطنين موجهة لأولي الأمر بدءا من جلالة الملك مرورا بالحكومة ووزرائها وانتهاء بالبرلمان الهزيل الذي اثبت أن وجوده وعدمه سيان ، وكل هذه المناشدات تصب في خانة واحدة ألا وهي تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن الأردني الذي لم يعد لديه قدرة على تحملها ، ورغم كثرة هذه المناشدات وجدية طرحها وحضارية لغتها الموجهة للمسؤولين وأولي الأمر إلا أننا لم نجد من يولي لها بالا من أولي الأمر ، بل على العكس وجدنا من يُخون هؤلاء المواطنين ، ومن يصفهم بالفئات المندسة ، ومن يفتي بان لهم أجندات خارجية !
لا ادري أين هي الأجندة الخارجية التي تجعل المواطن يطالب بخفض ثمن طبق البيض أو كيلو البطاطا ، بالله عليكم هل يُعقل أن يخرج علينا احد ممن يدعون الوطنية ويقول عن حملات المقاطعة الحضارية بأنها طعنة في خاصرة الوطن ! ففي كل دول العالم تحدث هذه الحملات عندما يشعر المواطن بأنه مُستهدف بالغلاء والاحتكار والربح الفاحش ، ولكنا لم نسمع يوما من يتهمهم بهذه التهم الباطلة .
ولكن يبدو أن البعض يستكثر على المواطن الأردني أن يقوم بالاحتجاج بطريقة حضارية كهذه ! فهذه الطريقة لم يَعهدها هذا البعض سابقا ولكن يبدو أنه أدرك بمكره ودهاءه أن السلعة التي يتاجر بها هو ستكسُد إذا كان المواطن حضاريا في التعبير عن احتجاجه .
حاولت مرارا أن أتقمص دور أولي الأمر عَلّني أتوصل لتفسيرِ ما يحدث في هذا الوطن ، ولكن في كل مرة كنت أجد نفسي فاشلا في العثور على تفسير منطقي ، فالمواطن بات يستجدي حقوقه استجداءً من أولي الأمر فهو لا يطلب الكثير بل يطالب بأقل القليل من الحياة الكريمة التي تحفظ له كرامته في وطنه ، لكن على الجانب الآخر أجد المسؤولين عن توفير هذا القليل للمواطن أجدهم وكأنهم يخوضون حربا ضروسا ضده ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة وجبروت إذلال هذا المواطن بالرسوم والضرائب والغلاء .
شيء يدعو للحيرة والتساؤل هذا الذي يحدث في وطننا ، ومعادلة عصية على الفهم ، مواطن يطالب بالقليل الذي هو حقاً له لا منة ولا مكرمة فيه ، وسلطة تقابله بممارسات تدعوه بل تستجديه ليثور عليها !
لدرجة أنني بدأت أخيرا اقتنع بجدية الطرفة المحزنة المتداولة عن الشعب الأردني والتي تقول ( النظام يطالب الشعب بالثورة عليه ولكن الشعب مكبر رأسه أوعقله ! )
يا ولاة أمرنا قولوا لنا بالله عليكم ما المطلوب من المواطن الأردني بكل صراحة ، هل تريدونه مجردا من كل شيء ! هي بقية من كرامة التي بقيت لدى هذا المواطن فإذا شعر أنه سيفقدها صدقوني أنه لا توجد قوة على الأرض توقف ثورته ، فكرامته هي آخر شيء بقي له ، وهذا الأمر لن يكون في صالحكم بأي حال من الأحوال ولن تنفعكم كراسيكم التي تتشبثون بها .
أتحدث كمواطن له وجهة نظره فيما يحدث فقناعتي بدأت توحي لي أن النظام يريد انتزاع كرامة المواطن الأردني بل وإبقاءه في حالة من الصراع والتشتت ، ضرائب جديدة ، رسوم مبتكرة ، غلاء فاحش ، رواتب ضئيلة ، وكل ذلك بغية بقائه بعيدا عن التفكير والانتباه لما يحدث حوله من مخططات وترتيبات تصفوية جديدة ستحدث في هذه المنطقة .
ولاة أمرنا عودوا إلى رشدكم ولا تقودونا للهاوية ، فمواطننا لم يعد ساذجا كما تظنون فبوجود هذا الفضاء الواسع من وسائل الإعلام الالكترونية أصبح الطفل في وطننا هرماً ، ويستطيع استقراء واستخلاص ما الذي يحدث من حوله ، فلا تظنوا أنه سيبقى صامتا للأبد ، فالبراكين تدخل سباتا قد يصل إلى العشرات بل المئات من السنين ولكنها في النهاية تثور وتزيل كل ما يعيق مسيرها ، فلا تكونوا الشرارة التي تثير هذا البركان ، ولكم فيما حدث في محيطنا العربي عبرة بغض النظر عن النتائج التي ربما كان بعضها مدبرا بلَيل ، وتذكروا كلما خط قلمكم قرارا أو مرسوما جائرا أن كرامة الإنسان كانت منذ الأزل وستبقى للأبد خطه الأحمر الأخير الذي لا يمكن لأحد تخطيه .
ماجد عبد العزيز غانم
جرش 22/2/2017
هاتف 0777805125
التعليقات مغلقة.