الأسرى … أجساد منتهية الصلاحية.. ومطالبات دولية لإنقاذ ما تبقى منها صالحاً

الجمعة 24/2/2017 م …

الأردن العربي – أمجد عرفات

الأسرى … أجساد منتهية الصلاحية.. ومطالبات دولية لإنقاذ ما تبقى منها صالحاً

180 أسيراً فلسطينياً ممن يقبعون بسجون الاحتلال الإسرائيلي، يشتكون من أمراض مستعصية لا علاج لها سوى الموت والارتياح من أوجاعها نتيجة سياسة الإهمال الطبي وتركهم بلا علاج، أوجاع السنين التي تركت ملامحها على أجسادهم المهلكة نتيجة جرعات متتالية من الموت البطيء، وكائنات حية أرواحها غائبة عن جسدها، تحتاج لمن يستخرجها من أعماق الظلمات التي قطعت أصواتهم وكسرت أصلابهم.

ويعد الأسير ناهض الأقرع من مدينة غزة من أشد الحالات الصحية خطورة من كافة الأسرى بدول العالم، بالإضافة إلى كل من: الأسير خالد الشاويش وخضر ضبايا ومعتصم رداد ويسري المصري ومراد أبو معيلق وفؤاد الشوبكي، وما هذه الأسماء إلا أمثلة على الكثير ممن لديهم أجساد منتهية الصلاحية.

وأصيب الأقرع بغرغرينة بساقيه، مما أدى لبترهما بشكل كامل على عدة دفعات من عام 2008 حتى أواخر عام 2015، بسبب إصابته بـ 45 عياراً نارياً بعام 2007، حيث كان من المفترض تناول دواء يمنع حدوث التهابات في ساقيه عقب علاجه بمستشفيات مصر بستة شهور، إلا أن سلطات الاحتلال اعتقلته بعد العملية بأسابيع لتتركه بلا دواء لعام كامل، حتى أصاب التعفن ساقيه، الأمر الذي تطلب بترهما.

إضافة إلى ذلك فقد قامت بما تسمى بعيادة سجن الرملة بالإسراف بإعطائه جرعات متتالية من دواء (الكرتزون) الكيماوي بدلاً من العلاج اللازم، الذي أدى مضاعفاته الخطيرة إلى القضاء على ما تبقى حياًّ من جسده، فقد أصابه الصلع وسقوط جميع أسنانه وهو ما زال شاباً، بالإضافة إلى إصابته بهشاشة بالعظام، فضلاً عن ذلك فإنه قد أصيب بانعدام الحركة بشكل شبه كلي بيده اليمنى.

ولا تقل معاناة الأسير منصور موقدة من سلفيت، عن معاناة الأقرع فهو أحد أفراد الأمن الفلسطيني المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، حيث أصيب برصاصتين في حوضه لحظة اعتقاله أدت لحدوث شلل كامل في الجزء السفلي من جسمه، مما جعله على كرسي متحرك، كما أصيب الأسير خالد الشاويش بنفس الشيء.

وأفادت رئيسة القسم الإعلامي بنادي الأسير الفلسطيني برام الله أماني سراحنة، بأن كلاً من الأسيرين خالد الشاويش ومنصور موقدة يعانيان من شلل كامل في الجزء السفلي من جسمها، بالإضافة إلى خروج الأمعاء الغليظة خارج أجسامهم، حيث يُخرجان الفضلات عن طريق أكياس أو عبوات أو قطع من القماش، مشيرة إلى أن الاحتلال يتعمد تركهما على هذه الحالة حتى يقززان بذلك زملاءهما بالزنزانة الذين يمكثون معهما، وأنهما يحتاجان إلى عمليات جراحية لتحويل الأمعاء الغليظة الخاصة بهما إلى مجراها الطبيعي.

وأوضحت سراحنة بأن الأسير الشاويش يُعتبر الأخ الثالث لاثنين آخرين من أخويه يقبعان بالسجون الإسرائيلية، وهما ناصر ومحمد الشاويش، حيث يعاني الأول من شلل نصفي نتيجة سقوطه أثناء ممارسته الرياضة في السجن، الأمر الذي أدى لكسر حوضه، حيث تركه الاحتلال مدة شهر كامل مكسور الحوض بلا علاج حتى أصيب بالشلل، بينما يعاني الثاني من سرطان بالدم.

أما عن الأسيرين يسري المصري ومراد أبو معيلق، فقد ابتُلي الأول بغزو السرطان لجسده، فقد أصيب بورم سرطاني بالغدة الدرقية، مما أدّى لاستئصالها وورم آخر بكليته اليمني وآخر في كبده، وكذلك بجهازه التناسلي، بالإضافة الي خروج روائح حروق من فمه، فيما أصيب أبو معيلق بورم سرطاني بالأمعاء، حيث تم استئصال 150 سنتيمتراً منها، وقد منعت سلطات الاحتلال عائلات الأسيرين من زيارتهما منذ 4 شهور، الأمر الذي يجلب القلق لذويهم ويجعل مصيرهما غير معلوم.

وأوضحت بأن الأسير يسرى المصري، بالإضافة إلى القائد فؤاد الشوبكي فقدا النظر بعيناهما اليسرى، بسبب دخول غبار إلى عينيهما حتى تورمت، وظلت عيناهما متورمتان بلا علاج لأكثر من ثلاثة شهور حتى فقدا الرؤية بهما، مشيرةً إلى أن الأسير الشوبكي تم استئصال 15 سنتيمتراً من كليته اليمنى، ولم يتم تغريز مكان العملية بالشكل الصحيح، حيث تم تغريزه 15 غرزة متباعدة كل منها عن الأخرى من أصل 40 غرزة، بمعنى أنه معرض للسرطان والتعفن بكليته بأي لحظة إذا ما تأثرت بالهواء والملوثات الخارجية.

وأكد رئيس قسم الدراثات والتوثيق بهيئة شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة بأن الإهمال الطبي ترك أثراً على الأسرى، ما زالوا يُعانون منها حتى بعد الإفراج عنهم مثل الأسيرين المحررين عويضة كلاب وفايز الخور اللذين أصيبا بمرض نفسي أفقدهما أهليتهما.

كما يوجد عدد آخر من الأسرى الذين أصيوا بأمراض مستعصية، والذين لم يأخذوا العلاج المناسب خلال فترة اعتقالهم، مما أدى لتفاقم هذا المرض من مجرد التهابات عادية إلى مرض قاتل بعد الإفراج عنهم، مثل الأسير المحرر (مجد عويضة الذي أصيب بالسرطان.

كما اُصيب الأسير المحرر عماد المصري بفيروس (بهجت)، وهو فيروس قاتل يصيب الدم، ولم يكتشف علم الطب الحديث أي علاج له حتى الآن، ولكن بُلّغت عائلة الأسير بأنه توفر لهذا المرض علاج بألمانيا، إلا أن رحلة العلاج تكلف أموالاً باهظة ليس بمقدور ذويهم بتوفيرها كما يبين شقيقه (قدري).

والأدهى من ذلك، يوجد بعض الأسرى الذين لم يتسنى لهم الفرح بحريتهم التي نالوها بعد الإفراج عنهم، بل لاقوا المنية بعد الإفراج عنهم، مثل الأسير المحرر مجدي حماد وفايز بدوي وخميس الفار، وأشرف أبو ذريع وجعفر عوض، وغيرهم الكثير من شهداء الحركة الأسيرة، كما يوضح فروانة.

وطالب وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، الرئيس محمود عباس باتخاذ التدابير اللازمة تجاه المهزلة التي يمارسها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، ورفع ملف يقضي بمحاسبتهم على أفعالهم الإجرامية لدى محكمة الجنايات الدولية التي تنص على حقوقهم كأسرى حرب على الأقل، موضحاً أن سلطات الاحتلال اخترقت بذلك كافة البنود المتعلقة بالأسرى حسب اتفاقيات جنيف.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.