” البورجوازية ” الرثة

إبراهيم غرايبة ( الأردن ) السبت 25/2/2017 م …

” البورجوازية ” الرثة

يطلق مصطلح ‘الرثة’ على الأعمال والطبقات التي لا تشكل إضافة أو مشاركة حقيقيتين في الاقتصاد والإنتاج. وينصرف الذهن عادة، بسبب منشأ المصطلح (البروليتاريا الرثة)، إلى الأعمال الهامشية غير الضرورية أو غير المنتجة، أو التي تنشئها الطبقات المهيمنة لأجل راحتها على حساب الآخرين. لكن المفهوم امتدّ ليشمل جميع الأعمال والطبقات التي تستمد مواردها ومكاسبها من دون استثمار أو عمل حقيقي، أو من الامتيازات والاحتكارات والفرص التي تحصل عليها على حساب غيرها من المواطنين. وفي ذلك فإن ‘الرثاثة’ تعني التشوه ونقص العدالة في التوزيع الاقتصادي للموارد والفرص والإنفاق العام، أو الخلل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

يمكن على سبيل المثال، ملاحظة الأعمال والمصالح والطبقات التي تشكلت حول القرارات والسياسات الحكومية في الإنفاق والإدارة، مثل الامتيازات وإدارة وتوزيع المنح الخارجية والقروض الميسرة.

تشكل العطاءات 40 % من الإنفاق الحكومي في الأردن، بزيادة قدرها 10 % عن المعدل العالمي. وفي ذلك، يمكن للحكومة أن ترزق من تشاء بغير حساب، ويمكن أن ينشأ ثراء طُفَيْلِيّ من غير خدمات مكافئة أو إنتاج حقيقي أو مرافق ملائمة؛ فتتضاعف الخسائر على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين الذين يدفعون كلفة خدمات أساسية لا يحصلون عليها، ثم يدفعون ثمنها مضاعفا للقطاع الخاص. كما لا يحصلون أيضا على خدمات وسلع تتفق في جودتها وكفاءتها مع ما دفعوا ثمنه.

الحكومات قد توزع الضرائب على حلفائها من رجال الأعمال ثم تسلطهم على المواطنين ليأخذوا مرة أخرى ثمن الخدمات الرديئة المطروحة في السوق. ثم تمنحهم إعفاءات وتسهيلات، وتركز الإنفاق على مرافق البنية التحتية في مناطقهم. والأسوأ من ذلك أن الشركات المفترض أن تنشئ شراكة اقتصادية مع المواطنين، تركز على أنشطة وهمية تدر ثروات طائلة تتسرب إليها من جيوب المواطنين. هكذا تشتغل دوامة الفشل.

كل ما يقوم على امتياز أو احتكار أو توزيع غير عادل، هو استثمار طُفَيْلِيّ، والثروة الناشئة عنه هي أتاوات ونزف وهدر لموارد الناس. والطبقة القائمة على هذه الموارد طبقة رثّة، لا تختلف في حقيقتها مهما كانت غنية أو متنفذة عن المتسولين.

ويمكن على سبيل المثال، وبقدر ما تتيح المساحة، عرض أمثلة ونماذج من الموارد الرثة؛ الرخص التجارية المنشئة للموارد، مثل خطوط باصات ورخص تاكسي والاستيراد… إذ يفترض أنها قرار إداري. وعندما يكون لا مناص من تحديدها، فإن هذا الحق وما ينشأ عنه من ثروة يجب أن يكون للدولة أو البلديات، وليس لأحد من الناس.

وهناك الثروة الناشئة عن امتيازات أو فرص في العطاءات والتوريد، ثم تحال بالباطن إلى موردين أو مقاولين آخرين، والخدمات والتوريدات والعطاءات التي منحت من دون منافسة عادلة، والفرص التي منحت في التوظيف والابتعاث والتدريب والمنح من غير منافسة عادلة، والتحيزات في القرارات والتشريعات والإنفاق العام التي تضيف قيما مادية وموارد وخدمات إضافية إلى فئة من الناس، مثل ارتفاع أو انخفاض قيم العقارات، أو الزيادة أو النقص في مستوى الخدمات العامة والأساسية، والمؤسسات والوظائف المستحدثة لأجل منفعة أحد أو فئة، والعلاوات والمياومات والمكافآت الإضافية من غير وجه حق، والبيع والتنفيع والتأجير في أملاك وموجودات ومرافق الدولة من غير وجه حق ومن دون منافسة عادلة أو بأقل مما تستحق، والزيادة غير العادلة في قيمة الخدمات والسلع المشتراة، والتغيير غير العادل أو غير الضروري أو المفتعل في العقود والعطاءات على نحو يزيد في قيمة العطاء زيادة غير عادلة أو يلحق ضررا مقصودا بأحد من المواطنين.

وهناك التزوير في الخدمات والأعمال الممولة بالضرائب أو المنح، والتأثير والانحياز في اتجاهات وفرص الاستفادة من التمويل والمنح والفرص على نحو يعطي أو يحرم أحدا من دون وجه حق. وكذلك التدخل المؤدي إلى امتيازات عامة أو معنوية أو مالية، أو يحرم أحدا، في كل ما تقدمه الحكومة أو الشركات أو المنظمات الدولية أو الجهات المانحة، والزيادة في الرواتب والمكافآت والإيجارات.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.