بين سطور رسالة الغارة العراقية داخل الأراضي السورية

السبت 25/2/2017 م …

الأردن العربي …

بين سطور رسالة الغارة العراقية داخل الأراضي السورية

رغم ان الغارة التي نفذتها مقاتلات عراقية من طراز اف 16 ولاول مرة داخل الاراضي السورية، والتي استهدفت مقرات لـ”داعش” في مناطق البوكمال السورية، جاءت متأخرة الا انها جاءت ايضا في وقت لا يخلو من دلالات.

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال في بيان صدر يوم الجمعة 24 شباط / فبراير “وجهنا أوامرنا لقيادة القوة الجوية بضرب مواقع الإرهاب الداعشي في حصيبة ( داخل الاراضي العراقية) وكذلك في البوكمال داخل الأراضي السورية والتي كانت مسؤولة عن التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد”.

يبدو ان الغارة العراقية لن تنفذ دون علم الحكومة السورية، وهو ما اعلنه مصدر مقرب من وزارة الخارجية السورية الذي اكد ان الغارة العراقية تمت “بالتنسيق الكامل” مع الحكومة السورية، ويبدو ايضا ان الغارة لن تكون الاخيرة، مثلما لن يكون التنسيق الذي جرى بين العراق سوريا بشأنها هو الاخير ايضا، كما بدا واضحا من بيان العبادي عندما اكد “لقد عقدنا العزم على ملاحقة الارهاب الذي يحاول قتل ابنائنا ومواطنينا في اي مكان يتواجد فيه”، اي ان مثل هذه الغارات والتنسيق الذي صاحبها سيتكرر.

هذه الغارة جاءت متأخرة، كما هو حال التنسيق بين العراق وسوريا، بسبب ارادات اقليمية ودولية حالت دون ان يتعاون البلدان بالرغم من انهما يحاربان عدوا مشتركا لا يعترف بالحدود بينهما، ويتنقل مسلحوه بين جانبي الحدود دون اي موانع، الامر الذي ساهم في ان يدفع العراق وسوريا ثمانا باهظا من ارواح ابنائهما وامنهما واستقرارها.

الغارة العراقية في الاراضي السورية، جاءت لتؤكد ان التنسيق بين الحكومتين العراقية وصل الى مراحل متقدمة في ظل الظروف والمستجدات التي تشهدتها سوريا والعراق وعلى ضوء ما يقال عن قيام تحالف تركي اردني مصري سعودي “اسرئيلي” تحت اشراف امريكي لمحاربة “داعش”!.

لا ندري كيف يمكن للجيش التركي ان يدخل العراق ويعسكر في بعشيقة ويرفض الانسحاب رغم الدعوات المتكررة للحكومة العراقية والبرلمان العراقي، ولا ندري كيف يمكن ان يدخل الجيش التركي منذ اكثر من 6 اشهر وباعداد ضخمة الى الاراضي السورية ويحتل مدنا وقرى سورية رغم رفض الحكومة السورية التي اعتبرت تواجد الجيش التركي في الاراضي السورية احتلالا سافرا، بالرغم من ان تركيا غير مهددة من “داعش” او الجماعات التكفيرية الاخرى، بل ان جميع هذه الجماعات كانت ومازالت تعمل تحت العباءة التركية، الا انه لا يمكن للعراق او سوريا ان يتعاونا عسكريا وامنيا من اجل التصدي للجماعات التكفيرية وعلى راسها “داعش”، والتي لا يمر يوم حتى تزهق ارواح العشرات بل المئات من ابناء الشعبين العراقي والسوري.

عندما تكشف صحيفة “وول ستريت جورنال” عن قيام السيناتور الأميركي جون ماكين بزيارة شمال سوريا سرا والتقائه بقادة عسكريين أميركيين، وعندما يعلن فيه الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، أن خطة البنتاغون لهزيمة “داعش” ستظهر بحلول ايام وأنها ستتجاوز حدود العراق وسوريا، وعندما يعلن خلوصي آكار رئيس هيئة أركان الجيش التركي إن عملية “درع الفرات” التركية في شمال سوريا حققت أهدافها في أعقاب السيطرة على مدينة الباب السورية، وعندما تؤكد مصادر اعلامية تركية ان الجيش التركي يعزز مواقعه في ولاية كيليس على الحدود مع سوريا عبر ارسال قافلة تضم عربات مدرعة لنقل الجنود، وشاحنات محملة بحواجز خرسانية، وجرافات، بهدف دعم الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا، وعندما ترفض تركيا وبصلافة سحب جيشها من العراق، وعندما يتم التاكيد في واشنطن وانقرة على “ضرورة” اقامة مناطق “آمنة” في سوريا تكون بداية لتقسيم هذا البلد، عندها لا يجب على سوريا وكذلك العراق ان يقفا مكتوفي الايدي حتى تحقق هذه الجهات اهدافها، وهي اهداف لن تكون في صالح البلدين، ولابد من ان يتخذ البلدان خطوات سريعة وكبيرة على طريق التنسيق فيما بينهما من اجل احباط المخططات التي تستهدف وحدة اراضيهما.

بيان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي اكد ان القوات المسلحة العراقية ستطارد “الدواعش” اينما كانوا، وكذلك تصريحات وزير المصالحة السوري علي حيدر، التي اكد فيها على ان دمشق تفضل أن تجري معالجة ملف التدخل العسكري التركي في شمال سوريا بشكل سياسي، الا انه لم يستبعد المواجهة العسكرية لاجبار الجيش التركي على الانسحاب من سوريا، هذا الموقفان العراقي والسوري يؤكدان ان مسؤولي البلدين ادركا ان الوقت ليس في صالح الشعبين العراقي والسوري، فهناك مخطط يتم اعداده وبعناية من اجل التدخل العسكري بهدف تقسيم سوريا والعراق بذريعة محاربة “داعش”، بينما المستهدف في الحقيقة هو “وحدة” العراق وسوريا، فاعضاء التحالف الامريكي لم يخفوا يوما عداءهم للحكومتين العراقية والسورية، كما لم يتمكنوا من التستر على علاقاتهم بالجماعات التكفيرية التي نشأت وترعرت في احضانهم، والذي يستميت هذا التحالف اليوم لتسويقها على انها معارضة معتدلة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.