دلالات فوز ترامب: القارة العجوز تتحدث

 

د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الثلاثاء 7/3/2017 م …

دلالات فوز ترامب: القارة العجوز تتحدث

* باحث في السياسة والاقتصاد...

أتى فوز الفيل الأمريكي ترامب في الانتخابات بعد أن استكمل الديمقراطيون ما عليهم من تحضيرات لوصول الجمهوريين لسدة الحكم، وعلى غرار ما يحدث في كل تبديل تهيئ له جماعات الضغط في الولايات المتحدة، فقد رسم ترامب ملامح الفترة القادمة خلال سيناريوهات حملته الانتخابية حينما توجه نحو البيت الداخلي ضارباً عرض الحائط اهتمام العالم بملفات دولية متعددة وخطيرة. ولعل المبرر السائد في الإعلام العالمي بأن المواطن الأمريكي لا يهتم بالسياسة الدولية بقدر اهتمامه بمتطلبات رفاهيته واستدامتها، كما أن تأييده للعمل الدولي ينطلق من ارتباط هذا العمل وتأثيراته في مستوى معيشة المواطن الأمريكي على أرضه هو وأسرته.

لكن الواقع الحالي الذي ترسمه استراتيجيات السياسة العالمية ينطلق من تداعيات الخيارات الأمريكية على السياسة العالمية عموماً، وعلى القارة العجوز على وجه الخصوص.

فالتوجه الداخلي الذي أعلن عنه ترامب، والذي أتى عقب إغراق ألمانيا وأوروبا بالمهاجريين غير الشرعيين، قابله توجه جماعات الضغط لتحقيق سيطرة أحزاب اليمين في أوروبا على مقاعد البرلمانات والحكومات، الأمر الذي يشير إلى توجه أوروبا كما هو الحال في أمريكا نحو أولويات البيت الداخلي بحلته الجديدة من أجل الوقوف في صف واحد مع الهيمنة الأمريكية على العالم.

فإذا أيقنا أن سياسة التكرار في استراتيجية الولايات المتحدة هي التي تتحقيق من خلال تعاقب الديمقراطيين والجمهورين على الحكم بما يخدم التحضير للحرب ثم خوضها، فإن الآلية نفسها تنطبق على أوروبا عند وصول اليمين المتطرف لمواضع صنع القرار الأوروبي أو التأثير فيه، مع مراعاة تعدد وتنوع الدول صاحبة القرار في أوروبا، الأمر الذي يعيد لنا سيناريوهات القرن الماضي وتبدلات السيطرة الدولية على العالم، والتي أعقبها حربين عالمييتين ونظام دولي عالمي جديد انتقلت فيه الولايات المتحدة إلى صدارة المسيطرين على العالم.

ولعل الصورة الأخطر في هذه الفترة هو أن الولايات المتحدة لا تزال في مواجهة المسيطرين على القرار العالمي، وأن مرونة انتقالها في صناعة أعدائها وتضخيمهم، إلى تحريك الحلفاء وتعبئتهم لا تزال على الوتيرة نفسها التي كانت عليها في العقود الماضية، والفارق الوحيد حالياً هو بانكشاف أهدافها الاستراتيجية في المناطق المتنازع عليها والمترافقة مع بروز منظومة البريكس لواجهة القرار العالمي.

فهل يقول اليمن الأوروبي كلمته في ترتيب البيت الداخلي الأوربي من أجل حرب لا تبقي ولا تذر من النظام العالمي الحالي، أم أنه سوف يخرج عن الاستراتيجية الأمريكية في سياساته، ويكتفي في إعادة دمج المهاجرين وفق مهوم جديد للمواطنة تجعل من هذه المهاجرين أداة مستقبلية لاحتلا أوطانهم الأصلية عبر القوى الناعمة بطرق غير مباشرة قوامها التثاقف والسياسات الاستهلاكية الغربية واختراقات التعليم والأمن المجتمعي.

لتبقى الكلمة النهائية في الحرب العالمية المتجددة للعالم في القارة العجوز، كما كانت الكلمة الفصل للجيش العربي السوري في إعادة هيكلة أولويات السيطرة على القرار العالمي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.