استانا يعكس سياسياً موازين القوى على الأرض لا جنيف.. كيف ؟

 

الثلاثاء 14/3/2017 م …

محمد شريف الجيوسي …

استانا يعكس سياسياً موازين القوى على الأرض لا جنيف.. كيف ؟ …

كيف سيكون حل الأزمة ووقف الحرب الإرهابية على سورية ، بل وفي مجمل المناطق العربية الساخنة والحروب العدوانية الإرهابية التكفيرية في العراق واليمن ومصر وتونس والجزائر والصومال ..

وفي السياق يُطرح مؤتمرا استانة وجنيف .

ومن هي الأطراف المؤثرة القادرة على الحسم بخاصة في سورية ، وفي غيرها ؟ هل هي روسيا وسورية وإيران والقوى الرديفة ،أو التحالف الآخر، بما اعتور تركيا العثمانية من تذبذب وتباين وتردد وفشل وتردٍ في علاقاتها الأوروبية والأمريكية وإنتكاسات على الأرض السورية،ومن تصنيف جماعات طالما كانت على تنسيق وافر معها كعصابات إرهابية، وما زال بعضها على تنسيق معها، فيما ارتد بعضها عليها.

وباتت جهات إقليمية تعاني أيضاً من فشل على الأرض في سورية واليمن وعلى أراضيها، وأخرى في ليبيا، كما تعاني من أزمات إقتصادية ومن تفكك في البنى الحاكمة الضيقة ، وفي إتساع رقاع التذمر غير المسبوقة في عقر( ديارها) .

وعلى صعيد العصابات الإرهابية باتت هذه كلها تعاني وعلى كل الجبهات من انتكاسات عسكرية واسعة في كل جبهات القتال ليس في سورية فحسب، وإنما في كل الجبهات العسكرية على الأرض العربية ، كما لم تعد هذه المجاميع الإرهابية لتحظى بالرعاية السابقة والتغطية في الغرب ، بما الحقت بأوروبا والولايات المتحدة من ضربات موجعة عندما اشتد ساعدها أو ظنت أنها كذلك، وتغليبها الأيديولوجيا على حساب الأولويات والمصالح، وبما ضخت تركيا من لاجئين إلى أوروبا من مختلف بقاع الأرض متخذي من الظرف السوري فرصة للعبور إلى تركيا فيما غالبياتهم كما تؤكد التقارير غير سوريين وينتمون إلى جماعات إرهابية وخلايا نائمة من شأنها تقويض الغرب في ساعات من جنون .

هذه (العبقرية) العثمانية انعكست سلباً على علاقات تركيا الأوروبية،وجاء موقف واشنطن المساند للأكراد ليزيد من تردي علاقات تركيا بمجمل الغرب،وجعلها بالتالي في حالة دفاع وسعي محموم لتقليل حجم الخسائر لا تحقيق ربح، يكرس ذلك فشلها على الأرض وانكشاف انتهازيتها المفرطة في محاولات اللعب على روسيا وإيران،والاستفادة البائسة من التباينات الدولية الروسية الأمريكية، وهو امر انعكس سلبا على ما يسمى معارضة معتدلة وبخاصة منصة الرياض، وعمق الخلافات بين المنصات، وأفرز فهما سعودياً قطريا مختلفا عن الفهم العثماني لاختلاف المصالح جراء مستجدات تركيا(التي لم تعد قادرة على الخروج عن المطالب الروسية باعتبارها أقل الخسائر، فتحقيق مكاسب لتركيا أصبح خارج الزمن) والفشل السعودي مُحبط على الأرض اليمنية وجنوب السعودية، واختلاف الرؤية الإماراتية عن السعودية للصراع.

ويعكس اختلاف الرؤى والمصالح والمستجدات بين حلفاء الأمس، كابتعاد الأردن،وأكثر منه مصر،وانشغال المغرب كما يقال بتفجير الصراع مع الجزائر(..) مواقف مختلفة تماما، ومن بينها علاقة العصابات الإرهابية ببعضها، وتغليب التباينات الأيديولوجية بما هي عليه من أفكار تكفيرية وتشنجات وروى ظلامية وضيق أفق وجهل للأولويات وعمى ألوان سياسي ، وحمق.

إن إقتصار تصنيف الصفة الإرهابية على داعش والنصرة وهما الأقوى بين هذه العصابات مجتمعة وأكثرها إنتشارا، سيجعل الجماعات الأخرى هدفاً لهاتين الجماعتين،وفي آن فإن تمكن سورية وحلفائها والعراق من تحرير اراضيهما منهما سيجعل العصابات الأخرى المصنفة معتدلة بلا غطاء، حيث سيضعف موقفهما السياسي إزاء الدولتين السورية والعراقية من جهة، ولا يعود من مبرر وقتها للإلتفاف على حلول سياسية ، لكن اشتراطات داعميها لن تراعي الحجوم الحقيقية لهذه الجماعات (المعتدلة)، ما يفقدها عنصر البقاء.

وفي آن ستقود هزيمة داعش والنصرة، إلى لجوء فارين ناجين منهما إلى هذه المجاميع،ما يفقدها (الاستقلالية) عنهما علنا وموضوعيا،فتعود محل استهداف جديد لما تؤويه من إرهابيين سيعمدوا الى تفخيخ معادلات الحل،ولا بد بالتالي من شن حرب عليهم وإخراجهم من ساحة الصراع نهائيا وتحرير الأرض بالقوة أو بمصالحات تكنس الإرهابيين، ليس الى إدلب، فإدلب ستحرر هي الأخرى ـ وإنما إلى بلدان صدرتهم أو يحملون جنسياتها.

بهذا المعنى فإن حسم الصراع في سورية بداية حسم للصراع في بلدان عربية أخرى، فالقاعدة والنصرة وداعش مسميات لذات الإرهاب في كل المناطق العربية الساخنة، وقهره نهائيا على الأرض السورية، سيرسم خارطة الحسم عربيا وفي أستانا تكون المقدمة ، وستتوقف نتائج جنيف (الذي لم يعد على هذه الأهمية بانطلاق مؤتمرات استانا) على نتائج استانا .. فالجهات الداعمة لجنيف فقدت الصدقية والإمكانية والقدرة والحوافز على تحقيق شيء في معزل عن نتائج استانا الذي يمتلك رعاته كل عوامل النجاح على الأرض وفي السياسة والديبلوماسية والاقتصاد ، وفي كل مناطق الصراع العربية.

[email protected]  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.