حول التفجيرات الأخيرة في سورية .. إليكم المعطيات والدور الإعلامي التحريضي
كمال خلف ( السبت ) 18/3/2017 م …
حول التفجيرات الأخيرة في سورية .. إليكم المعطيات والدور الإعلامي التحريضي …
بعد سيطرة الجيش السوري وحلفائه على مدينة حلب ، اتفقت جميع الأطراف و المتابعين للشأن السوري أننا أمام منعطف أولى تأثيراته تتمثل في ميزان القوى العسكرية و في مبادىء المسار السياسي على طاولة المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة ، وربما لا ينتهي بتأثيره على مستوى صراع الأرادات الإقليمية والدولية على الأرض السورية .
بعد حلب مباشرة أنفردت محطة تلفزيونية عربية داعمة للفصائل المسلحة بالترويج عبر برامجها وضيوفها من المعارضة لفكرة الانتقال من القتال الجبهوي على محاور قتال واضحة إلى ما أسمته بحرب العصابات ، والعمليات النوعية بوصفة الأسلوب الانجع الذي يتناسب مع مرحلة خسارة الفصائل المقاتلة للارض لحساب الجيش السوري وحلفائه . انتقل الجدل حول الانتقال إلى العمليات النوعية والإنتحارية إلى مواقع المعارضة والمواقع التابعة للفصائل المسلحة وتحديدا حركتي( أحرار الشام ) و(هيئة تحرير الشام ) الأخيرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا ) ، الجدل تراوح بين مؤيد لها باعتبارها تعويضا عن خسارة المدن والبعض ذهب أبعد إلى اعتبار السيطرة على المساحات الجغرافية خطأ وتحديدا مدينة حلب ، وبين معارض للفكرة باعتبارها مجربة في العراق وأفغانستان ، ولم توصل إلى نتائج بمستوى تغيير الأنظمة في تلك البلدان . الجدل انتقل ليصبح مادة للنقاش بين الشرعيين والقادة العسكريين للفصائل المسلحة في سوريا .
في بداية شباط عقدت( هيئة تحرير الشام ) اجتماعا في ادلب لغاية مناقشة الانتقال إلى العمليات الانتحارية حضره القادة العسكريون والشرعيون ، لم يعلن عن نتائجه ، إلا أن تغريدات القادة والمقربين من الهيئة كانت تشي بأن الأمور ذهبت إلى تبني خيار تصعيد العمليات الانتحارية فيما سموه تنويع أساليب القتال ، لضرب ما قالت إنه مراكز حيوية للنظام .
في الخامس والعشرين من شهر شباط فبراير هزت انفجارات كبيرة باستخدام 6 انتحاريين مبنى الامن العسكري في حمص ، وبعدها بيوم واحد خرج زعيم جبهة النصرة أبو (محمد الجولاني) ليعلن مسؤولية ( هيئة تحرير الشام) التي تشكل النصرة عمودها الفقري عن الهجوم ، وأعلن كذلك تنويع الهيئة لأساليب القتال ضد النظام واعتماد أسلوب العمليات الانتحارية والنوعية . إذن حسم الجدل والتحريض لصالح الذهاب إلى هذا الخيار وبات معلنا من قبل زعيم القاعدة في سوريا الجولاني .
بدأت بعدها سلسلة تفجيرات كلها استخدمت انتحاريين في دمشق كان آخرها عمليات أمس في القصر العدلي وهو مكان الغالبية الساحقة فيه كما قال الأستاذ عطوان تماما من المواطنيين الذين يأتون لانجاز معاملاتهم ومتابعة قضاياهم المرفوعة أمام المحاكم المدنية وليست العسكرية . واحد مطاعم منطقة( الربوة ) الدمشقية حيث قتل أيضا مدنيون أبرياء .
نؤيد ما ذهب إلى الأستاذ عطوان في افتتاحية راي اليوم أمس للأسباب التالية
أولا – أن من حرض ووجه وأطلق النداء للتحول إلى أسلوب العمليات الانتحارية ، ربما يعلم أو لايعلم أن هذا النوع من القتال حسب تجارب المنطقة السابقة والراهنة، يدفع ثمنه الأبرياء بالدرجة الاولى و يدفع السكان إلى نبذ مستخدميه ويزيد ويعزز من شرعية أي حكومة تواجهه .
ثانيا – انه يكرس إثبات( محليا ودوليا) أن هذه المجموعات إرهابية ومدانة ، وينهي أمام الرأي العام المحاولات السابقة المحمومة لتلميع صورة هذه المجموعات ، وتسويقها على أنها مجموعات من الثوار الباحثين عن الحرية والمجتمع المتحضر والعدالة الاجتماعية .
ثالثا – كان الأستاذ عطوان حصيفا في ربط تصاعد هذه العمليات بوجود قادتها في ادلب . وبالفعل فإننا نكشف هنا أن ما يجري هو بدء التخطيط العسكري الجدي لفتح معركة السيطرة على إدلب ، معقل أمراء الانتحاريين . بل أكثر من ذلك ، أن الحشود العسكرية للجيش السوري وحلفائه بدأت تتجمع بالفعل على تخوم الجبهات في ادلب وريفها ، إذانا بفتح المعركة الكبرى لاجتثات ( هيئة تحرير الشام ) . وأولى الأهداف العسكرية فتح جبهة جسر الشغور للوصل إلى أريحا ، بينما الجبهة الأخرى سوف تتجه لفك الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا .
تذكرنا الغارات الروسية الكثيفة التي شنتها المقاتلات الروسية فجر الأربعاء على مدينة إدلب ، ببداية المعركة في مدينة حلب ، حيث مهدت الغارات على مدى أسابيع و التي ضربت حينها مراكز القيادة والسيطرة ما وصلت إليه من مخازن سلاح ،للمعركة البرية الطاحنة التي انتهت بإخراج كافة المسلحين من مدينة حلب التي تلملم اليوم جراحها.
نعم نؤيد الأستاذ عطوان وبالمعطيات بأن تصاعد هذه العمليات الانتحارية و حصدها لأرواح المدنيين السوريين سوف يعجل في بفتح معركة إدلب ، وربما قبل الرقة . وسوف يعطي الحكومة السورية والروسية الأسباب الموجبة للدخول إلى ادلب . وأذكر هنا أن قرارا مماثلا اتخذ في عام 2013 بدخول منطقة( القلمون) على الحدود اللبنانية السورية وتحديدا (يبرود والقصير) ، بعد أن ثبت أنها كانت منطلقا لتنفيذ عمليات انتحارية في الضاحية الجنوبية وبيروت .
نستغرب أستمرار الاصرار على مراهنات الدم في سوريا باستخدام التطرف وجماعاته من قبل بعض الجهات العربية ، بوجود مسار سياسي يمكن أن يثمر تصالحا وتفاهما بين السوريين ، إذا ما تم دعمه سياسيا وإعلاميا ، بدلا من تعمية الرأي العام العربي للاستمرار في لعبة الدم ، التي يدفع ثمنها الشعب السوري وحده راهنا، و مستقبلا سيدفع ثمنها جميع المساهمين .
التعليقات مغلقة.