عن «الصاروخ» الذي..غَيّر قواعد اللعبة!

 

محمد خروب ( الأردن ) الإثنين 20/3/2017 م …

عن «الصاروخ» الذي..غَيّر قواعد اللعبة!

مشهد جديد فرضته منظومة صواريخ S-200 المُعدّلة, والتي قيل ان دمشق تسلّمتها مؤخراً، ما يعني لجم العربدة الاسرائيلية, التي اتّخذت في معظم تجلّياتها خلال السنوات التي انقضت على الحرب الاجرامية التي شنّتها قوى اقليمية بغطاء دولي على الدولة والشعب السوريين، «عادة» الإغارات المُنتقاة على أهداف استراتيجية للجيش السوري, وفي معظمها كانت لدعم الجماعات الارهابية في هجماتها المُنسّقة مع غرف العمليات السوداء التي اقيمت لدعم هذه الجماعات بتسهيلات وخطط اقليمية ودولية, وايضاً للحؤول دون خسارة هذه الفصائل لمواقعها التي اراد الجيش السوري تنظيفها من بقاياهم, وكانت المساحة الجغرافية الممتدة بين الجولان السوري المحتل وضواحي دمشق وفي ضمنها جبال القلمون, هي مسرح عمليات سلاح الجو الصهيوني, الذي نادراً ما اعترف بهذه الغارات وترك المهمة لقطعان الإرهابيين,التي لم تخجل عندما كانت تقول: ان الطيران الاسرائيلي ضرب «مواقع للنظام» في المنطقة او المطار.. كذا.

هذا يدفعنا, (قبل ان نمضي في الإضاءة على الاجواء الجديدة التي فرضها التصدي السوري الشجاع لطائرات العدو, الذي توغل بعيداً هذه المرة, وظن ان بمقدوره تحقيق عنصر المفاجأة عبر ضرب مواقع ومخازن اسلحة قرب مطار «T4» في ضواحي تدمر)، للتذكير بما كان «الثوار» الذين رفعوا شعار المطالبة بالحرية والديمقراطية, يستهدفون بطاريات وقواعد الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري, مع علم الجميع ان بقاء هذه المواقع في يد الجيش السوري من عدمه، لا يُغيّر كثيراً في موازين القوى لصالح الفصائل المسلحة, التي تدفقت عليها الاسلحة من كل الأنواع ومن عواصم الاقليم ومن خارجه, ، لكن «الثوار» كانوا في خدمة مُشَغّليهم وتحديداً في تل ابيب, الذين يريدون كسر شوكة الجيش السوري وتقليم أظافره وإرجاع القوة العسكرية له الى الوراء, حتى تستطيع اسرائيل ان تفرض جدول اعمالها على المنطقة وكي تضع هدف تصفية القضية الفلسطينية موضع التنفيذ, بعد ان لم تعد هناك اي تهديدات «أمنية» لكيانها, وسط ارتياح كامل من قادة العدو بأن اسرائيل لم تعشْ منذ قيامها وضعاً استراتيجياً مريحاً كما هي عليه منذ ست سنوات, وخصوصاً بعد ان نجحت في بث الفتنة المذهبية على الساحات العربية ووجدت بعض الأنظمة العربية ضالتها في التصويب على ايران, كعدو يتقدم في عدائه على الحركة الصهيونية واسرائيل التي يمكن تحويلها الى صديق او حليف.

هنا والآن… جاءت غارة تدمر وتشغيل «رادارات» الدفاعات الجوية السورية وصدور التعليمات باطلاق الصواريخ المضادة, كي تقول لقادة الكيان الصهيوني: ان الاجواء السورية لن تكون مستباحة بعد الان. صحيح ان نتنياهو ورغم «دخول السبت» كابَر وتحدث بعنجهية وغطرسة وهدّد بأن اسرائيل ستواصل سياستها التي تقوم على» منع تزويد حزب الله بأسلحة كاسرة للتوازن» وغيرها من الترّهات والاكاذيب. وصحيح أن وزير استخباراته الليكودي المتطرف إسرائيل كاتس, لم يتردد في التبجح بأن اسرائيل «لن تسمح بتغيير قواعد اللعبة», الا ان الامور على ارض الواقع, تشي بأن ما بعد فجر السابع عشر من اذار لن يكون ما قبله, وان تغييراً حقيقياً قد حدث يصعب على أحد في الاقليم تجاهله , واكثر مَن ادرك الامكانية الماثلة لانزلاق الجميع الى هوة حرب مفتوحة, هم المعلقون العسكريون الاسرائيليون ونظراؤهم الاعلاميون, الذين سنرى كيف يقرأون المشهد الجديد, وبخاصة أن مواقع الصحف الاسرائيلية الالكترونية اسهبت في سرد التفاصيل. لكن الصحف نفسها تحتجب.. السبت.

موقع يديعوت احرونوت اشار الى امكانية ارتفاع التوتر وقابلية الانفجار والى صدامات قد تتطوّر الى حرب, وفيما كانت بعض الفضائيات العربية تتحدث عن «تصدٍ» لصواريخ سورية, أُطلِقت على اسرائيل, في ايحاء بأن اسرائيل تُدافِع عن نفسها ضد عدوان سوري سافر, كان الجدل في دولة العدو يحتدم, وما اذا كان نتنياهو يقود «الدولة» الى حرب او توتر جديد لإبعاد النقاش على التهم الجنائية التي قد توجّه له, جراء التحقيقات الجارية معه حول الفساد واستغلال السلطة, والكفيلة بإنهاء مستقبلة السياسي وربما زجّه في السجن؟, فضلاً عن «الرسالة» التي قد يكون اراد توجيهها الى موسكو التي كان عاد منها للتو, وعما اذا كان يقصد الايحاء (كما دأب) بأنه تلقى «غمزة» لمواصلة ضرباته, ضد ما يُزعَم انها قوافل تحمل اسلحة لحزب الله؟ وهو ما كان الكرملين نفاه بشدة وغضب خلال وجود نتنياهو في موسكو؟, ولهذا لم تتردّد الاخيرة في «دعوة» وليس «استدعاء» السفير الصهيوني في العاصمة الروسية للاستضياح (…) وهي خطوة دبلوماسية روسية, ذات مغزى, صحيح أنها لم تصل الى درجة الاستدعاء بما هو اجراء «غاضب» في العرف الدبلوماسي, الاّ انها اشارة بأن الكرملين غير راض عن خطوة كهذه, موغلة في الغطرسة, وبخاصة استهداف عمق الاراضي السورية , حيث يصعب ابتلاع ان سلاحاً من «تَدمُر» كان في صدد الوصول الى حزب الله, نظراً لطول المسافة وخصوصاً نظراً للحرب الضروس الدائرة الان في تلك المنطقة.

مرحلة اختبار «النظام» السوري انتهت, سواء كان «المُختبِرون» عرباً أم صهاينة. اذ بات لديه من الثقة بالنفس والانجازات الميدانية ومعادلة الاصطفافات الجديدة والراسخة,ما يسمح له بتغيير قواعد الاشتباك ووضع ضوابط لها, على نحو يحول دون مواصلة العربدة والتدخل لصالح المجموعات الارهابية, التي باتت في مربع التصفية, بعد ان تخلى عنها المُشغِّلون ورفع اردوغان يده – مُرغَماً – بعد أن وظّفهم لخدمة مشروعه الذي يواجِه الفشل.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.