البيت الأبيض.. لا أصدقكم / جهاد المنسي

 

 

جهاد المنسي ( الأردن ) الأربعاء 25/2/2015 م …

 

الولايات المتحدة الأميركية تقول إنها تقود تحالفا دوليا ضد عصابة “داعش” الإرهابية، والبيت الأبيض يؤكد على ذلك، ويشدد على رفضه للإرهاب والتطرف مهما كان شكله وأصله ومنبعه.

الرئيس الأميركي يخرج عابسا، طبعا بعد أن يكون قد وقف أمام المرآة وقام بكل الحركات التي يحب القيام بها وحده، يقطب حاجبيه، يدين ويشدد على إدانة الإرهاب، ويتقزز أحيانا من أفعال عصابة “داعش” الدموية.

تتقاذف وسائل الإعلام تصريحات سيد البيت الأبيض، فتصبح مادة إعلامية خصبة، والمطلوب منا نحن العرب أن نصدق ما يقوله البيت الأبيض لنا، وما يخرج من سيده، ومن سدنته الآخرين الجالسين هناك، يتبحرون في حال العالم ويصرحون بما هو مطلوب.

ولأنني كما غيري أتريث في تصديق ما يقوله البيت الأبيض في واشنطن، فإنني جوازا وبطبيعة الحال، أعتقد أن ما يخرج من هذا البيت الأبيض سواء بلسان رئيسه أو وزير خارجيته أو الناطقين باسمه من كلام موزون، يراجع عدة مرات قبل أن يطلق له العنان لوسائل الإعلام ويصبح مادة خصبة، تدور على نشرات الأخبار والوكالات الدولية.

أميركا توهمنا أنها سيدة الحرية وترى ما يجري، إلا أنني ما أزال أبحث عن تفسير لأسئلة لم أجد حتى الآن لها تفسيرا سواء عند واشنطن ولا غيرها.

بصراحة أريد أن أعرف الطريقة التي تحصل فيها عصابة “داعش” وعصابة “النصرة” وغيرهما على الأسلحة، ومن أي سماء تأتي اليهما، والجهات التي تدعم تلك العصابات، وكيف يصل المتطوعون إلى أرض الشام وما بين النهرين، وخاصة أن دعم وتمويل التنظيمات تلك بات ممنوعا بقرار دولي أممي.

تلك أسئلة تدور في خلدي ومن المؤكد أنها تدور في عقول آخرين غيري على هذه البسيطة، فأميركا هي ذاتها التي رأت ملجأ العامرية وقصفته، وهي التي فرضت حصارا على العراق دام سنين وسنين، فلم يكن الطير يدخل إليه إلا باذنها، كما أنها هي ذاتها التي تفرض حصارا على كوبا منذ عشرات السنين، فكيف لها لا تعرف كيف تمول “داعش” وغيرها؟!

أود أن أعرف ماذا تفعل طائرات رصدهم في سماء منطقتنا، هل تلك الطائرات عاجزة عن رصد فلول “داعش”، وقصف أماكنهم، ورؤية الاستعراض الذي قامت به عصابتهم في مدينة كركوك قبل أيام، أم أنها غفت؟!وهل عجزت أميركا عن معرفة الطائرات التي ترسل أسلحة لاعضاء العصابة، أم أن الطائرات الأميركية ما تزال ترسل معونات مفترضة وأسلحة للأكراد فترسلها عن طريق الخطأ لداعش ورفاقها، كما فعلت سابقا!ترى هل لدى سكان البيت الأبيض تفسير يقنعنا بعدم وجود يد لهم ولو كانت خفية في وصول الرجال والمال والسلاح إلى تلك العصابات الدموية؟!

بلا مواربة ولأن التاريخ خير شاهد أراني ما أزال أشكك فيما تقوله واشنطن، وأشكك أكثر في قول الرئيس أوباما وخاصة إذ استحضرت كلمته العام 2009 في جامعة القاهرة، وتعهده بحل الصراع العربي الإسرائيلي! ومن ثم مضت سنين وما تزال إسرائيل تتغول وتتمدد وتقتل، برعاية أميركية.

حقيقة الأمر فإن واشنطن تخفي دوما أكثر بكثير مما تظهر، وللتدليل على ذلك لا ضير من استحضار أن الرئيس الأميركي رونالد ريغان استقبل بذور تنظيم “القاعدة” في سبعينيات القرن الماضي ووصف الإرهابيين بأنهم “مقاتلون من أجل الحرية”، وزودت بلاده المقاتلين بالأسلحة، وكان كل ذلك لسبب رأته واشنطن وهو: “قتال الاتحاد السوفيتي، وتغيير النظام، وتقويض الحكومة العلمانية في أفغانستان”، ولهذا الغرض أقامت وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) معسكرات تدريب في باكستان، وجنَّدت خلال عشر سنوات (1982-1992) قرابة 35 ألفا من 43 دولة إسلامية؛ للقتال في صفوف “الجهاد” الأفغاني!

هذه هي واشنطن، لا وازع عندها إلا مصالحها، وهي اليوم تكتفي فقط بالتنديد بما تفعله “داعش” من دون حراك جدي، وهي التي تعرف كيف ظهرت تلك العصابة، ومن مولها، ومن دعمها، ومن فتح لها الحدود، وتعرف أكثر عنها، وتخفي عنا الكثير مما تعرف

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.