فلسطين بيـن قمتين

 

محمد العبد الله* ( فلسطين ) الخميس 30/3/2017 م …

فلسطين بيـن قمتين …

تنطلق اليوم أعمال الدورة الثامنة والعشرين «للقمة العربية» في الأردن بمنطقة البحر الميت، بحضور العديد من الملوك والرؤساء والأمراء، في ظل أوضاع عربية رسمية، صعبة وكارثية أدت إلى وجود فالق عميق، يتسع في كل يوم، بين أكثر من قطر عربي وآخر، نتيجة ضلوع عدد من تلك الحكومات في المؤامرة الإمبريالية والصهيونية على الأمة العربية. وتعاني العلاقات العربية-العربية أزمة حادة بسبب ارتهان معظم الأنظمة الحاكمة في العديد من الأقطار للتوجهات الغربية الاستعمارية، ليس في الوطن العربي، بل في عموم الإقليم، ما أدى لبروز حلف بين ملوك وأمراء وحكومات عواصم تلك الأقطار لمواجهة تطلعات الجماهير العربية نحو التحرر من التبعية والهيمنة على طريق تحرير أرضها من الغزاة بمختلف تسمياتهم.

ما بين مؤتمر القمة العربية الأول الذي انعقد في مصر في شهر أيار عام 1946 ومؤتمر الأردن الحالي، توالت عشرات القمم في دورات عادية، واستثنائية/ طارئة، من أجل معالجة أبرز القضايا الملحة في كل مرحلة. ومنذ المؤتمر الثاني الذي انعقد في لبنان في شهر تشرين الثاني عام 1956، أصبحت القضية الفلسطينية تشغل المحور الأساس في كل اجتماع للقمة. في البيان الختامي للقمة السابعة والعشرين التي التأمت في موريتانيا في شهر تموز 2016، والتي حملت اسم «قمة الأمل»!. لم يكن جديداً، الكلام عن «مركزية القضية الفلسطينية» لأنه تكرر في معظم البيانات التي صدرت عن القمم، لكن اللافت كان في اعتبار الحاضرين أن «يكون 2017 عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين».

من هنا، يجب أن يتوقف المجتمعون في «قمة» الأردن التي تنعقد في أخفض نقطة على اليابسة «منطقة البحر الميت» في نهاية الربع الأول من عام الوعد «السرابي» على ما تم تحقيقه منذ انتهاء مؤتمر نواكشوط أواخر تموز 2016 وحتى الآن.. بالتأكيد، هناك الملفات التي تتحدث عن تغول الغزاة المستعمرين في حملات الإعدام للشباب والشابات داخل الوطن المحتل والمستباح، ناهيك بالخطط المستمرة لاقتلاع ما تبقى من الشعب الفلسطيني من أرضه، سواء اعتقالاً أو هدماً لبيوته. لكن العجز الواضح في تحقيق «الوعد» لم يكن مفاجئاً، بل هو نتاج تواطؤ عدد من الأنظمة مع الكيان الصهيوني، سواء التي وقعت معه الاتفاقيات «كامب ديفيد، وادي عربة»، أو التي تفتح عواصمها للوفود الاستخباراتية والتجارية والرياضية له. وفي هذا السياق، أقدمت السعودية والإمارات على تظهير أوجه التعاون مع العدو من داخل الغرف المظلمة، للفضاء، وتكفي الإشارة إلى حادثتين لتكشفا عن الوجه الحقيقي لمن يحاول تضليل الشعب الفلسطيني والأمة العربية، بأنه يسعى «لأن يكون العام الحالي عام إنهاء الاحتلال»، بينما الواقع يؤكد أن ما يجري هو ترسيخ عدوانية الكيان الصهيوني والتطبيع معه، فالزيارات واللقاءات المعلنة بين أركان النظام السعودي ومسؤولي العدو «تركي الفيصل وأنور عشقي» وما يروج له تلميذهما النجيب «عبد الحميد الحكيم» مدير مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية» في جدة، على منتدى «فكرة» التابع لـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» من خلال رسالته المنشورة التي تدعو «لترسيخ فكرة التقارب مع «إسرائيل» والإشادة بالدور التاريخي «للشعب» اليهودي والإسرائيلي وأهميته في المنطقة»، ليس سوى ترجمة للموقف الرسمي للسعودية.

أما الإمارات فإنها تشارك للمرة الثانية هذا العام في تدريبات جوية دولية «إنيوخوس 2017» في اليونان (الأولى كانت في الولايات المتحدة تحت اسم العلم الأحمر) مع طيارين من كيان العدو، ودول أخرى.

حفلت الأيام الأخيرة بتصريحات متضاربة «بالونات اختبار» لمسؤولين من الجامعة العربية ومن السلطة الفلسطينية في وسائل الإعلام المتعددة، عن ورقة فلسطينية تحمل مقترحات جديدة للحل «تصريح منقول عن أمين عام جامعة الدول العربية، نفاه صاحبه بعد ساعات»، وحديث لبعض قيادات السلطة في رام الله للتأكيد على ضرورة التمسك بـ«المبادرة العربية من دون أي تعديلات». لكن الواضح لكل المهتمين كان فيما رشح عن اتصالات أمريكية مع كل من الأردن ومصر، ومن الدولتين الأخيرتين مع السلطة في رام الله، بأن سيناريوهات جديدة يتم التداول بها، خاصة بعد تصريحات ترامب عن سقوط وانتهاء «حل الدولتين»، وكلام رئيس حكومة العدو «نتنياهو» عن ضرورة تجاوز الحلول الثنائية مع الفلسطينيين والتوجه نحو حل إقليمي، تكون فيه قوى عربية فاعلة، وبالتحديد الأردن ومصر، شركاءً لا مراقبين أو ضامنين، يقود للاستنتاج، بأن خطة جديدة يتم العمل عليها، لا تتضمن الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف.

إن تاريخ الصراع العربي مع الحركة الصهيونية وكيانها الاستعماري، لا تقرره تلك القوى، فقط، بل الشعب العربي الفلسطيني وقوى الأمة الحية، لأن الحقوق الوطنية الثابتة للشعب في وطنه، لا يمكن أن تختزل في كيانات هزيلة على الأرض الفلسطينية لتكون بوابات لمرور الغزاة نحو الوطن العربي الكبير.

في لقاء باهت لقمة تلتئم في منخفض، ترتفع فوق المخيمات والأراضي الفلسطينية المحتلة هامات الرجال والنساء وملامح نصر تقرره دماء الشباب والشابات، أمثال: «غسان وعدي أبو جمل وفادي قنبر ومهند الحلبي وبهاء علوان ونشأت ملحم وأشرقت قطناني وباسل الأعرج ومحمد حطاب ومازن الفقهاء».

*كاتب فلسطيني

http://tishreen.news.sy/?p=81865

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.