عندما يصبح النفاق عبارة للوصول للمواقع القيادية
د.انيس الخصاونة ( الأردن ) الأحد 2/4/2017 م …
عندما يصبح النفاق عبارة للوصول للمواقع القيادية …
من المعروف والمألوف ان القيادات السياسية في الدول التي تعيش أجواء حقيقية للديمقراطية يتم إفرازها وفقا لقواعد تستند لقدرتها على تحقيق تطلعات الشعب وخدمة قضاياه. هذه القيادات تشريعية أو حزبية أو تنفيذية او غيرها يتم تبديلها أو استمرارها في مواقعها استنادا لفعاليتها في تلبية وتحقيق وعودها وبرامجها الموجهة للتعامل مع القضايا الحيوية للجماهير .وعليه فإن اتخاذ المواقف المزدوجة ، وممارسة النفاق على نطاق واسع ، وممالئة المسؤولين والتسبيح بحمدهم بكرة وعشيا لا يعود بالنفع على هذه النخب لأن نفوذها وسلطتها وشرعيتها مستمدة من الناس والجماهير. ولعلنا نذكر من خلال تخصصنا واطلاعنا على ممارسات الساسة في كثير من الدول الديمقراطية أن بعض السياسيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية قد يتبنون مواقف مغايرة تماما لقناعاتهم الشخصية ويتبنون أراء ومواقف جماهيرية وشعبية لا تنسجم وآرائهم الذاتية .كثيرا ما سمعنا عن استقالات من مؤسسات وحكومات ومواقع متقدمة بسبب عدم إيمان هذا المسؤول أو ذاك النائب أو الوزير بقرارات أو سياسات معينة.
يا ترى إلى أي مدى ينسجم أداء القيادات السياسية الأردنية بمستوياتها المتعددة مع قناعاتها الشخصية ومدى إيمانها بالسياسات التي تصوت عليها؟ نعم نتساءل إلى أي مدى يؤمن أعضاء مجلس الوزراء الذين يصوتوا لصالح قرار أو سياسة معينة في مجلس الوزراء بصحة وسلامة هذا القرار أو تلك السياسة؟ سمعنا عن كثيرين من هؤلاء نوابا ووزراء وأعيان ومدراء وحتى بعض القضاة السابقين يتحدثون عن عدم قناعتهم بما يجري في بلدنا وما آلت إليه الأمور وبما نحن مقبلين عليه من تنفيذ لمخططات متوقعة يمكن أن ترسم جغرافيا وديموغرافيا جديدة للأردن؟ أنهم ذات الشخوص الذين أظهروا وربما ما زالوا يظهرون مواقف مؤيده للسياسات بحضور المسؤولين!!! كيف يمكن تفسير هذه الحالة النفاقية وهذا النوع من الانفصام والكذب البواح؟
لا أتحدث هنا عن كلام نظري ولكن أكاد أجزم بأن هؤلاء الساسة النفعيين يدركون عندما يقرأون هذه المقالة بأن ما نقوله صحيح وأن ما يقومون به هو مجرد فهلوة لتحقيق أكبر منافع ممكنه من المسولين في الدولة والتي قد تأتي على شكل مالي أو سفر أو ابتعاث أو معالجات في الخارج أو توظيف الأبناء والأحفاد أو السلطة وبهرجتها وألقابها. خالطت بعض هؤلاء فوجدتهم الأشد نفاقا والأكثر كذبا وتزلفا لأصحاب السلطة ، وبقدر ما يمتلئ صدري بالغضب على هؤلاء لهدرهم كراماتهم وتضحيتهم بوقار أعمارهم بقدر ما أشعر بالشفقة على ذلك الذل والرخص الذي يبدونه تجاه السلطة وأصحابها.
القيادات السياسية التي نتحدث عن نفاقها وكذبها هنا تتغلغل في كافة القطاعات ابتداء من السفراء والوزراء والنواب والأعيان والمفكرين والخبراء والمدراء ورؤساء الجامعات ورؤساء مجالس الأمناء والمؤسسات المستقلة والمنظمات التجارية والنقابية والجمعيات الخيرية .إنهم يقلبون الحقائق ويزينون الأمور لمن بيدهم الحل والعقد ويتفننون في مدحهم وتعظيمهم والإشادة ببعد نظرهم وتوجيهاتهم وحكمتهم…نعم إنه وطن مختطف من قبل نخب منافقة تفعل أي شيء لإرضاء المسئولين والذين برضاهم يستمر تدفق المنافع والامتيازات إلى هؤلاء المنافقين. قرارات مختطفة ومجالس نواب مختطفة ،وجامعات مختطفة من قبل قيادات مهلهلة ،وتعيينات قيادية مختطفة، وتلفزيون وإذاعة مختطفة من قبل لون واحد من الناس، وحرية الكلمة والتعبير مختطفة، وموازنة الدولة مختطفة ومفرغة فماذا بقي جاهزا أو قابلا للاختطاف ؟؟؟
هؤلاء السياسيون المنافقون يضرون الوطن ولا يخدمون الحكومة ولا النظام. سيستمر مثل هؤلاء النفعيين في ممالئتهم للسلطة والمسؤولين وللأسف فإن بعض المؤسسات الرسمية تكافئ مثل هذه السلوكيات وتعززها وتسهم في ترشيح أسمائهم أصحابها للمواقع القيادية وهذه القيادات هي التي تستحوذ على شاشات التلفزة يستدعون على عجل للتعليق على وفاة أمير خليجي أو الترويج لقرارات الحكومة برفع الأسعار أو الاحتفاء بنعمة الأمن والأمان أو بذكرى تأسيس التلفزيون الأردني الذي لا يراه ولا يتابع برامجه إلا العاملين فيه. تبا لكم أيها المنافقون وبئس ما تفعلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
التعليقات مغلقة.