كيف يقرأ «القرضاوي».. حرب «الإرهاب» على مصر؟

 

محمد خروب ( الأردن ) الخميس 13/4/2017 م …  

كيف يقرأ «القرضاوي».. حرب «الإرهاب» على مصر؟

قيل في المأثور: الطبع غلب التطبُّع، ما بالك اذا كان «الطبع» يُقيم على تلال من الايديولوجيا المُحتكِرة للحقيقة والرافضة للشريك «الوطني», على قاعدة انني المُصيب وانتَ المخطئ دائماً، وان «وطنيتي» «نقية» فيما انت مشكوك في انتمائِك وولائِك، ما بالك في وطنيتك؟. رغم ان «المنبوذ»» هو الأًصيل و»النابِذ» هو الدخيل او القادم الأخير إن شئنا الدقة, بصرف النظر عن كيفية قدومه والدور الذي لعبه كي يتقدم الصفوف ويحتكر الحكم ويسعى جاهداً لنفي الأًصيل او دفعه الى الصفوف الخلفية, تحت طائلة الإبقاء عليه في دائرة التبعية والخنوع والتهديد على حياته واملاكه والتلويح باستباحته في اي وقت, اذا ما حاول الخروج على طاعة جيوش «المُفّتين» الذين ملأوا فضاء المحروسة وافسدوا هواءها, وذهبوا بعيداً في تهميش اقباط مصر ونزع الوطنية عنهم واعتبارهم «اهل ذمة»… لا مواطنين.

تزداد الصورة في أرض الكنانة قتامة هذه الأيام, بعد تفجيري كنيستي طنطا والاسكندرية وبخاصة بعد ان اصاب الارهابيون نجاحاً ملحوظاً في التخطيط والتنفيذ للعمليتين الاجراميتين, ما شكّل نقلة نوعية توحي التوفّر على قدرات لنقل «ميدان» حرب الإرهاب على مصر الى «بَرِّها»,بعد ان اقتصرت على سيناء, وتمكُّن الجيش المصري من حصرها في مساحة ضيِّقة، بل كاد يجتثّ المجموعات الداعشية هناك، لولا تواصل التآمر الإقليمي بدعم خفي (حتى الآن) من دوائر استخبارية معروفة, تسعى لِوضع مصر تحت التهديد الارهابي الدائم ومنعِها الإنعتاق من القيود السياسية والعسكرية التي «كَبَّلتها» طوال أربعة عقود, وحالت دون نهوضها بدورها الطبيعي في حماية الامن القومي العربي والدفاع عن المصالح القومية العربية, التي باتت عُرضة للضياع والتبدِّد وبخاصة في فلسطين، ناهيك عما يتعرّض لها جناحها الشرقي من هجمة شرسة, تُنذِر بانهيار «الأطر» التي حكمت دور القاهرة ودمشق (أضف دائماً اليهما…بغداد) في الحفاظ على الهوية العربية, المُعرَّضة هي الأخرى للإندثار, بعد ان اثخنها الأعداء ورهط المتواطئين معهم في الداخل العربي وهم كُثرُ، وانهكوها ووضعوها في حال الدفاع الدائم والعَوَز المُقيم, وهيمنة أنظمة مُستبدّة وقمعية وفاسدة, على شعوبِها ومقدّراتِها.. وقرارِها الوطني.

ما علينا..

مصر، التي في خاطري وخاطر معظم العرب, الذين تَشّخص عيونهم نحوها باستمرار، ستنتصر على الارهاب والارهابيين, الذين يشنّون الحرب الراهنة عليها, وبخاصة إستهدافهم احد «عُنصُرَيّ» الشعب المصري, الذي لا يمكنه ان يخطو اي خطوة الى الامام دون «الأقباط», ملح ارض الكنانة وابناء المحروسة الأصليين، لا الدُخلاء ولا الطارئين او العابرين.. ولهذا فَالوقت حان, لأن تدرك الدوائر والمؤسسات المسؤولة في مصر, بأن «الخطاب» والمُقارَبة اللتين اتُبِعتا حتى الآن في معالجة استهداف اقباط مصر, وبخاصة في دلالات تفجيرات «احد السُعُف» (الشعانين) تستدعي الإنخراط الفوري في معالجة جذرِية ذات رؤية واضحة, تضع حداً لثقافة المجاملات والتبريرات والكلام المكرور الذي يقال بعد كل مجزرة, كتلك التي تتواصل بحق المصريين كافة… مسلمين وأقباط، فضلاً عن ان خروج البابا تواضروس الثاني «سالماً» من تفجير الكنيسة المرقسية في الاسكندرية، وهو المستهدف الاول في هذا التفجير الاجرامي البشع، يجب ان يُشعِل اكثر من ضوء أحمر في دوائر صنع القرار المصري, امنيا وسياسياً واجتماعياً وإعلامياً. وللمرء ان يَتصوَّر ماذا كان سيحدث في مصر والمنطقة, لو طالت يد الارهاب رأس الكنيسة بكل ما يمثله بابا الكرّازة المرقسية, من رمزية دينية ووطنية, وما يتوفر عليه من حكمة وبُعد نظر وهدوء وإبتعاد عن ردود الفعل الصاخبة او ذات النَفَس التحريضي, الذي يَبرَع فيه كثيرون, داخل العنصر القبطي وايضاً داخل العنصر الاسلامي في مصر وخارجها, والتي برزت في تغريدة مفتي التطرف وابرز المُحرَّضين على الفتنة في المنطقة, ودائماً بلسان ورداء اسلاميين وهو الشيخ يوسف القرضاوي, الذي يُقال في «وَصفِه» انه رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين», وهو اتحاد مُصطَنع تم اختراعه لخدمة سياسات وتوجهات انظمة مُعينة, تُموِّله وتسهر على رعايته, وتُخْرِجُ رئيسه (متى شاءت) كي يُسهم في إذكاء الفتنة والنفخ في كيرها والتحريض, خصوصاً على مسيحيّي الشرق وفي مقدمتهم اقباط مصر, وكأن «إسلام»القرضاوي لا ينتصر ولا يتقدم الا على جثث الاقباط ودمائهم ومصادرة املاكهم واموالهم وسبي نسائهم, ودفع هؤلاء «الكُفّار» للهجرة الى بلاد الغرب الكافر… بما هي مكانهم «الطبيعي».

غرّد سماحة الشيخ يوسف, شامتاً في ضحايا تفجيري الكنيستين,مُبرِّراً تلك الجرائم, بأنها لا تحدُث الاّ في «عهود الاستبداد التي لا توفِر الأمن ولا الحرية ولا الحياة الكريمة» واكتفى رئيس اتحاد العلماء, الذي لا يعرف احد شيئاً عن نشاطاتِه ومهماتِه, سوى التحريض وخدمة السلاطين وآخرهم خليفة المسلمين الجديد.. العثماني اردوغان, الذي دعانا سماحته كـَ(عرب) الى مبايعته.!! اكتفى القرضاوي بهذه «التغريدة» التي تفيض «غِبطة وفرَحاً» بعد أن نال الكفرة الاقباط «عِقابَهم», ثم ما لبِث.. بعد أن عاب عليه كثيرون, هذه السادِيّة المُفرِطة في التلذذ وإنتشاء برؤية الأشلاء وفيضان الدماء والحزن, ان حذف تغريدته المعيبَة وانشأ أُخرى تفوح منها رائحة النفاق والرياء.

هنا يكمن الخطر في هذا «الفِكر» التكفيري, الذي يُبرِّر القتل وسفك الدماء, ومن هنا ايضاً.. يجب أن تبدأ الحرب الفِعلية والجادة على «أُسّ» الارهاب ومُنظّريه.ونحن على قناعة أن نواطير مصر لن تنام عن ثعالبها هذه المرّة, لِأن ضَرّبة»أَحَدْ السُعُفْ»..أقسى وأخطر مِن أن يُسمَح لِأحد بِأن «يغّفوا» اثناء… الحِراسة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.