الحياة التنظيمية والاجتماعية والأمنية للأسرى في سجون الإحتلال!

 

السبت 15/4/2017 م …

الحياة التنظيمية والاجتماعية والأمنية للأسرى في سجون الإحتلال! …

الأردن العربي – نناقش في هذا التقرير العديد من الجوانب للأسرى تتمثل في مجتمع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيليين، والأوضاع الاجتماعية والأمنية، حيث دخل الأسرى الفلسطينيون السجون ويجمعهم قاسم مشترك وهو سبب الاعتقال.

وفي تفاصيل ذلك تفضل عزيز القارئ بالتالي:

مجتمع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية

وصل إلى السجون الإسرائيلية بعض قادة التنظيمات وحركات المقاومة، وممن أرادوا أن تكون هذه السجون محطة أخرى في المحطات التي ينتقل بينها أعضاء هذه التنظيمات.

استطاع الأسرى الفلسطينيون عبر سنوات الاحتلال السير قدماً مع التقدم او التغيير الثقافي للشعب الفلسطيني، والذي تحكمت فيه مجموعة من المبادئ والعوامل، صاغتها تغيرات المرحلة السياسية ممتزجة مع الإرث الثقافي لهذا الشعب.

مارس الأسرى التعليم وكتبوا المؤلفات والمصنفات في مختلف العلوم خاصة السياسية والأدبية، فامتازوا بكتابة الشعب والنثر والقصة، كما تميزوا بوعي سياسي استطاعوا بواسطته أن يكونوا موجهين سياسيين لتنظيماتهم بعد خروجهم من السجن.

تطور الأوضاع التنظيمية للأسرى الفلسطينيين

في البداية كان الانتماء للتنظيم أبعد ما يكون عن الحقيقة، فقد كان الانتماء على أساس بلدي او جغرافي أو شخصي، وفي أحسن الأحوال على أساس العمل في خلية واحدة قبل الاعتقال، فهم لم يتعرفوا من قبل على أدبيات أو هياكل فصائلهم.

يمكن إجمال أهم العقبات التي أخرت عملية البناء التنظيمي في السجن كالآتي:

1- إجراءات إدارة مصلحة السجون المتمثلة في القمع وعزل قادة الأسرى والتفتيش المتكرر.

2- انعدام التجربة التنظيمية للأسرى وعدم وجود الوعي التنظيمي.

3- اعتماد العقلية العشائرية في فض الخلافات بين الأسرى.

4- وجود مرافق العمل، وما يترتب عليها من آثار سلبية كإعاقة البناء التنظيمي.

5- اختلاف بيئات الأسرى وما نتج عنه من تباين اجتماعي وثقافي ومادي بينهم.

بدأت مع نهاية عام 1968 تظهر بوادر تغير في البنية الاجتماعية للأسرى الفلسطينيين، وبدا أن ضوابط العائلية والعشائرية لا تصلح داخل السجون، وبدأت الروح الوطنية التي تسكن في نفوس الأسرى تتولد تدريجياً للتعبير عنها في مواجهة إسرائيل والتي واجهتها شرطة مصلحة السجون، حيث كانوا لا يتورعون عن ردع الأسرى، وهذا ما وجد تشجيعاً لدى أولئك الذين يطرحون فكرة الاستمرار في عضوية التنظيم حتى داخل السجن، هذا بالإضافة إلى بداية تبلور عوامل عديدة ساعدت في البناء التنظيمي وأهمها:

1- مواجهة الإدارة للأسرى وهذا ما تطلب منهم تنظيم أنفسهم.

2- زيادة الصراعات والمشاحنات بين الأسرى.

3- تزايد عدد قادة التنظيمات الذين اعتقلوا على أيدي السلطات الإسرائيلية خاصة أعضاء المؤسسات التنظيمية العليا كالمجال الثورية أو المكاتب السياسية لبعض التنظيمات.

4- الزيادة في وضوح الأطروحات السياسية لكل فصيل تجاه قضايا المرحلة.

5- الاطلاع المتزايد للأسرى على الكتب السياسية والحزبية.

بدايات العمل التنظيمي:

بدأ العمل التنظيمي عام 1969 في المواقع التي بها أسرى ذوو أحكام عالية وتلك التي بها أعداد كبيرة من الأسرى، وقد تجلت أول صورة لهذا العمل في تكليف من يقود الأسرى من اختيارهم وليس من اختيار إدارة السجن، وقد ظهر في البداية الاعتماد على الشخصية القيادية، أي حكم وتوجيه السجين الأكثر وعيا وشعبية لدى أبناء الفصيل الواحد.

ومن أهم التجارب التنظيمية للأسرى في السجون التجارب الآتية:

أ‌- تجربة سجن نابلس:

يعود استحداث أول عمل تنظيمي في السجون إلى شهر كانون أول 1968 في سجن نابلس، حيث كان يضم في تلك الفترة 1000 أسير بين موقوف وإداري ومحكوم، وقد تم ترتيب الأوضاع بتوزيع المهام على بعض الأسرى المتسمين بالوعي الثقافي.

مارس الأسرى الفلسطينيون أول نشاط تنظيمي في 1/1/1969 في سجن نابلس بالاحتفال الذي تم ترتيبه تنظيمياً، وشارك فيه غالبية المراتب التنظيمية في السجون من عضو الخلية وحتى الموجه العام.

ب‌- تجربة سجن بيت ليد:

نظرت مصلحة السجون لتجربتي سجني نابلس وعسقلان بعين الخطورة، فنقلت العديد من الكادر التنظيمي من هذه السجون إلى سجن بيت ليد.

ظهر أول هيكل تنظيمي في سجن بيت ليد في نهاية عام 1972 بضوابط معروف وتشكلت أطر تنظيمية قوية ونشطة.

ويتضح من تجربة سجن بيت ليد أن تطورا قد طرأ على العمل التنظيمي يتمثل في تجاوز فكرة سجن نابلس في تعيين الشخصية القيادية التي تقود كل شيء، وكذلك أسلوب العمل والذي يوضح ان الاتصال أصبح أكثر سهولة عما قبل.

دخل العمل التنظيمي مع بداية عام 1973 مرحلة جديدة تميزت بوجود هياكل إدارية وأطر تنظيمية واضحة، استطاع الأسرى في العامين التاليين نقل هذه التجربة إلى غالبية السجون.

تطور مفهوم الأسرى للبناء التنظيمي مع بدايات عام 1975 فقد أصبحت السلطة التنظيمية تمثل الثورة، فهي نظم الثورة وأطرها وقوانينها وتمثل الكيان الاجتماعي والسياسي القائم على عدة أسس:

– المجتمع الاعتقالي: هو لكل الاسرى وكل من يخرج عن هذا المجتمع يعرض نفسه لعواقب.

– الفكر الثوري: فالسجين في موقع نضالي آخر داخل السجن.

– التنظيم: فالسجين ملتزم في تنظيم له ديمقراطية خاصة تتمثل في التسلسل داخل الأطر التنظيمية من عضو الخلية إلى الموجه العام.

– القوانين الثورية: هي أساس يحكم العلاقة والحياة التنظيمية وتفصل بين كافة أبناء التنظيم في السجون.

هيكلية البناء التنظيمي وتطوره:

بدأ إنشاء الهياكل التنظيمية المختلفة بدون قانون مكتوب، بل تم صياغتها بما يلبي حاجة كل سجن على حدة حسب ظروفه الخاصة، وتطورت هذه اللوائح والهياكل عبر سنوات الاحتلال بشكل يكاد يكون متشابهاً مع عام 1983.

وقد استندت غالبية الهياكل التنظيمية في كل السجون إلى ما يلي:

– ضبط الواقع التنظيمي بتحديد الصلاحيات والنشاطات ونظام المحاسبة والمتابعة.

– التقيد العام بمبدأ جماعية العمل التنظيمي النابع من الالتحام بين أبناء التنظيم.

– العمل بمبدأ المركزية الديمقراطية.

– تشجيع حرية الرأي الملتزم بمواقف الحركة مع حرية النقد والنقد الذاتي

– عدم الانفلاش والتمسك بعضوية الحركة.

تضمنت اللوائح والهياكل التنظيمية للأسرى الفلسطينيين جزءا هاما في حياتهم وهو العقوبات والتي تطورت ابتداء من قيام ما سمى بالمختار بعقوبة الأسرى بناء على تعليمات سلطات السجن.

العلاقات بين التنظيمات داخل مجتمع الأسرى:

تعاملت مصلحة السجون الإسرائيلية مع الاسرى الفلسطينيين على انهم جاؤوا إلى السجن لمحاربتهم وليس لسبب آخر، وبالتالي لم تكن تفرق بين انتماءاتهم السياسية، وتعامل الاسرى الفلسطينيون في البداية مع إدارة السجن على هذا الأساس.

استطاع المعتقلون الفلسطينيون بعد تجربة مريرة في علاقتهم، الوصول إلى مرحلة مثلى، تمثلت في عمل غرف مشتركة سميت بخنادق الوحدة الوطنية، لتعميق التفاهم وزيادة التنسيق بينهم لتدارك أي أزمة تقع بين الأعضاء الآخرين، واستطاعوا تشكيل لجان مشتركة ابتدأت من الصراع على الشاويش الذي تعينه الإدارة والتي كانت مهمته استلام حاجات الأسرى وتحضيرهم للعدد، وذلك لتفادي سلبيات الشاويش أو ما يسمى بالمختار.

تطور الأمر إلى قيام الاسرى في عام 1976 في سجن عسقلان بفرز ممثلين عن كل فصيل لتشكيل لجنة موحدة، ولكن إدارة السجن انتبهت لخطورة هذا الامر، ورفضت في البداية التعامل مع هذه اللجان، ثم ما لبث أن اعترفت بها.

يبدو أن تزايد أعداد الأسرى شكل عائقا أمام الإدارة في تعاملها مع هذه الآلاف وكذلك بروز ظاهرة الإضرابات، وبعد نجاح هذه التجربة، شكل الأسرى لجان مشتركة ساهمت إلى حد ما في ضبط العلاقة بينهم، وأهم هذه المؤسسات:

– ممثل الأسير: وينتخب من قبل الفصائل ويكون ممثلا للمعتقل أمام الإدارة ويتحدث باسم الأسرى جميعا، ويجب أن يتميز بالسمعة الأخلاقية والأمنية العالية.

– لجنة التنسيق: ونظرا لزيادة القضايا فقد تم القفز عن التنسيق المباشر بين مسؤولي الفصائل لتشكيل جنة من كل الفصائل للتنسيق اليومي في كافة القضايا.

– شاويش الغرفة: مهمته الاشراف على النشاطات العامة للأسرى في الغرفة.

– لجنة التعبئة والتوجيه الوطني: يتم تشكيلها عند التحضير لخطوة نضالية من قبل كافة الفصائل.

– لجنة الصندوق: ويطلق عليها أحيانا اللجنة المالية، ومهمتها شراء حاجات السجن كله.

تطور الأوضاع الأمنية للأسرى الفلسطينيين

العلاقة مع السجناء الجنائيين اليهود:

تميزت العلاقة بين الأسرى الفلسطينيين والسجناء الجنائيين اليهود كما هي النظرة تجاه بعضهم لبعض خارج السجون، متسمة بسمات الكره والعداء، لكن الاستعداد للتعبير عن هذا الشعور من الطرفين سيختلف باختلاف المكان وظروفه، فالمصلحة الشخصية للسجين الجنائي هي في أولوياته كالحصول على جرعة مخدرات أو حتى أي امتياز شخصي من إدارة السجن، وهذا بخلاف المعتقل الفلسطيني المحكوم في سلوكه بمجموعة من القوانين يمليها عليه انتماؤه التنظيمي لهذا الفصيل أو ذاك، وفي الحلتين ستلعب إدارة السجن دورا هاما.

كانت إدارة السجون تضع بعض الموقوفين من الأسرى العرب في غرف السجناء اليهود، فكانت تمارس ضدهم كافة أنواع الاضطهاد المعيشي والاجتماعي الذي يصل إلى حد الحرمان من الغذاء والقيام بكل أعباء الغرفة خاصة نظافتها.

وفي عام 1976 كاد الاسرى الفلسطينيون فس جن الخليل يعلون التمرد للاحتجاج على وضع زملاء لهم في غرف السجناء اليهود.

تطور الأوضاع الاجتماعية للأسرى الفلسطينيين

أولا: الأوضاع المعيشية:

حرصت إسرائيل على وضع الاسرى مع بداية فتح كل سجن في ظروف تساهم في صياغة وضع نفسي سيء للسجين، ويتمثل هذا في تعليماتها وتدخلها في تفاصيل حياة السجين، فكان على السجين أن يصحو مبكرا وينظم فراشه، ويجلس عليه بطريقة محددة إلى أن يأتي العدد.

يلتزم السجين بساعة معينة لتناول وجبة الإفطار والعودة إلى فراشه حتى بداية المساء، ويمنع من النوم أو الاضطجاع على البرش، حتى يقوم الشرطي بإطفاء النور، وكثيرا ما كان يمنع خروج الأسرى ليلا لقضاء الحاجة خاصة في السجون العسكرية لمعتقل أنصار والفارعة.

تطورت علاقة الأسرى بالشرطة أثناء الفسحة بعد الإضرابات الشهيرة، فأصبح للأسرى القيام بجلسات واجتماعات تنظيمية في الفسحة تضم العشرات، بل زيارة بعض الغرف لبعضها البعض.

منعت سلطات السجن، الأسرى من تأدية صلاة العيدين جماعة، وكثيرا ما كانت تقتحم الغرف لمنع خطب الصلاة، أو حجز الأسرى في غرف معينة لكي لا يستطيعوا تأدية أو سماع الصلاة، وهذا ما حصل عندما تم حجز السجينات الفلسطينيات في غرفة منعزلة في أحد أطراف سجن الرملة.

ثانيا: التغذية:

سمحت إدارة السجون الإسرائيلية عقب حرب 1967 بإدخال الأهالي الأطعمة لذويهم، فقد كان الأهالي يجلبو في يوم الزيارة مختلف أنواع الأطعمة.

ومع بداية عام 1969 منعت السلطات إدخال أي شيء له علاقة بالغذاء وبقدر ما كانت الحالة الأولى تبرز الفوارق الاجتماعية بين الأسرى، وما لهذا الأمر من سلبيات على العلاقة الاجتماعية بينهم في وقت لم يكن هناك بناء تنظيمي أو قوانين تنظيم العلاقة بينهم، إلى أن البديل الأسوأ تقديم طعام الإدارة فقط، فقد أصبح الغذاء سلاحا تستعمله الإدارة ضد الأسرى، ويقدم للأسرى كما ونوعا بناء على احتياجات السياسة العامة لمصلحة السجون، حتى عام 1976، تم تقديم ما حدوده 800 سعر حراري لكل معتقل، وهذا ما لا يصل إلى تلبية ثلث حاجة جسم الانسان، في الوقت الذي كانت السجون النازية تقدم لنزلائها 1050 سعرا حراريا، وقد شهت السنوات التالية تناقصا في هذه الكمية للأسرى في غرف العزل أو من لا زال منهم في مرحلة التحقيق.

ثالثا: الأوضاع الصحية:

ساهمة الظروف التي عاشها الأسرى الفلسطينيون في انعكاس الحالة الصحية لهم، فقد عاشوا في سجون يسودها الاكتظاظ والازدحام، في ظل تهوية سيئة وقلة تعرضهم للشمس، كما في وصف غرف سجن نفحة الصحراوي، فيما استمر الأسرى في النزم على فراش على الأرض حتى عام 1982، هذا كله في ظل تغذية سيئة لا تكفي الانسان العادي، وعدم وجود الرعاية الطبيعية الملائمة لهذه الصورة، فما هي النتائج التي أدى إليها هذا الوضع في السجون؟

تسببت هذه الأحوال في إصابة الأسرى بأمراض مختلفة بشكل انفرادي وجماعي، وفي أماكن وأزمان مختلفة، مثل ضغط الدم والسكر والقلب وضعف النظر وأمراض العمود الفقري والروماتيزم والبواسير والتسمم وأمراض الجلد.

كان الأسرى الذين دخلوا السجون في فترات مبكرة هم الأكثر عرضة لهذه الامراض، فقد كانت السنوات الأولى لافتتاح المعتقلات هي الأكثر سوءاً في الأحوال السابقة.

في عام 1985 كانت مستشفى سجن الرملة يعكس صورة واضحة عن عشرات الأسرى المصابين بأمراض، فقد أصبح المصابون بالأمراض النفسية يزيد عن 20 معتقلا، وليس أقل من هذا الرقم كانوا مصابين بأمراض القلب، والعشرات من مرض القرحة والسكر والكلى وآلام العمود الفقري.

مع افتتاح سجن جنيد، أصيب أكثر من 20 معتقلا بالتسمم لفسا الأكل المقدم لهم، كما أصاب الجدري أكثر من 36 معتقلا.

كان الإهمال الطبي من قبل مصلحة السجون سببا في وفاة أكثر من 37 أسيرا حتى عام 1985، فيما كان أكثر من 60% من الاسرى المفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في أيار لعام 1985 مصابون بمضاعفات بعض الأمراض.

رابعاً: زيارة الأهالي:

بدأت زيارات الأهالي لأبنائهم في السجون الإسرائيلية بأن يدفع المعتقل وكذلك الأهالي الزميد من المعاناة، فقد كان على السجين أن يخرج من غرفته إلى مكان الزيارة وهو ناكس الرأس والأيدي خلف الظهر، وينتظر في مكان معين وهو جالس على ركبتيه وممنع التكلم مع زملائه، ولم تكن الزيارة تخضع لقوانين أو تعليمات منظمة أو مكتوبة.

بدأت المدة المسموحة بالزيارات في بداية فتح السجون حسب تقدير الضابط المناوب، فمن الممكن لسكان شمال الضفة الغربية السفر إلى سجن بئر السبع على بعد 200 كلم ليروا أن الزيارة لا تزيد عن عشرة دقائق أو ربع ساعة.

وبعد الخطوات التي خاضها الأسرى الفلسطينيون وحتى عام 1985 كانت مدة الزيارة قد وصلت إلى نصف ساعة أو أقل في بعض السجون.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.