إضــراب الــكــرامــة: “الخيار الإنساني للمقاومة”

 

 

د. فيحاء عبد الهادي ( فلسطين ) السبت 6/5/2017 م …

إضــراب الــكــرامــة: “الخيار الإنساني للمقاومة” …

كيف نسند إضراب الكرامة؟

ما الذي يحتاجه أسرى الحرية لتحسين شروط اعتقالهم؟

وما الذي يحتاجونه من شعبهم، ومن الشعب العربي، ومن شعوب العالم الحر؟

وكيف يتم التضامن الحقيقي معهم؟

هل يفيدهم جلد الذات؟ هل يفيدهم الدعاء؟ أو التمني؟ أو التغني ببطولاتهم؟

كيف يمكن رفع سقف المواجهة في معركة الأمعاء الخاوية، على حدِّ تعبير القائد “مروان البرغوثي”؟

وكيف يتم الربط بين استمرار الإضراب وصمود الأسرى؟ على حدِّ تعبير القائد “أحمد سعادات”؟

وكيف نقصِّر مدة الإضراب ولا نطيله، حفاظاً على حياة الأسرى كما عبَّرت المناضلة “فدوى البرغوثي”؟

وما هي العناصر التي استند إليها أسرى الحرية المضربين، حين قرّروا المواجهة السلمية مع جلاديهم، من خلال الإضراب عن الطعام؟

*****

جاءت رسائل القائد “مروان البرغوثي” الثلاث، الموجَّهة إلى الشعب الفلسطيني، وإلى طلبة المدارس، وإلى المجتمع الدولي؛ لتحدِّد مطالب الأسرى من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وخاصة الشباب، ومطالبهم من المجتمع الدولي.

ولإيضاح عدالة المطالب الإنسانية للأسرى بشأن تحسين شروط أسرهم؛ بدأ القائد رسالته بوصف لمعاناته منذ الاعتقال الأول، وتعذيبه طفلاً، حتى اعتقاله الأخير، مجسداً المعاناة المتواصلة، وأنواع التعذيب المتعددة، التي مورست ضد أسرى الحرية كافة: رجالاً ونساء، أطفالاً وشيوخاً، والتي تبيِّن بوضوح انتهاك الاحتلال لاتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، والتي “تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتـل بجميـع أشـكاله، والتشـويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب”، والتي تؤكِّد على وجوب “معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. ويحظـر أن تقتـرف الدولـة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسـيماً لهذه الاتفاقية. وعلى الأخص، لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البـدني أو التجـارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته”.

كما تبيِّن انتهاك الاحتلال لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تعتبر حجر الزاوية للقانون الإنساني الدولي، والتي وضعت المعايير القانونية الإنسانية، لمعاملة المدنيين تحت الاحتلال، حين نصَّت، بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، على “حظر التعذيب، بوصفه انتهاكاً لآدمية الإنسان”.

ولبيان ضرورة رفع سقف المواجهة فلسطينياً؛ أشار “مروان البرغوثي” إلى العامل الذاتي الذي يمكن أن يرفع سقف المواجهة، وهو المزيد من انخراط الشباب، والمزيد من إبداعهم/ن. بيَّن ذلك من خلال رسالة وجَّهها إلى طلاب المدارس، مؤكِّداً على أﻥ “ﺍﻟﺘﻌﻠيم ﻫو ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴر لدى ﺍﻟﺸﻌوﺏ ﻭﺍﻷﻣم، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼوﺩ ﻫو ﺍﻟﺘﻌﻠﻴم ﺍﻟﻌﺼرﻱ ﺍﻟذﻱ ﻳﻌطﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴرﺓ ﻟﻠﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﻳﺮﺑﻲ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻠوﺏ ﺍﻟﺘﻔكير ﺍﻟﻨﻘدﻱ، ﻭﺗﻌزﻳز ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤوﺍﺭ، ﻭﻗﺒوﻝ ﺍﻵﺧر، ﻭﺍﻟﺸرﺍﻛﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻌدﺩﻳﺔ، ﻭﺣرﻳﺔ ﺍﻟرﺃﻱ، ﻭﺍﻟﺘﻔكير ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ، ﻭﺣرﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، باﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴد ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺍﻷﻋظم ﻟﺤرﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌوﺏ ﻭﺍﻷﻣم ﻭﺍلأﻭطﺎﻥ”.

أما رفع سقف المواجهة دولياً، ليواكب تأثير حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وإنزال العقوبات بإسرائيل كدولة احتلال عنصري (BDS)؛ فقد تحدث عنها من خلال رسالته التي كتبها من داخل معتقل “هداريم”، وأرسلها لتنشر على صفحات “نيويورك تايمز”، في وعي عميق لأهمية مخاطبة العالم الحر، بلغة سياسية حقوقية إنسانية، ولأهمية ربط النضال الفلسطيني ببعده الدولي.

*****

في إجابة عن الطريقة التي يمكن أن يتم بواسطتها الربط بين استمرار الإضراب وصمود الأسرى؛ وجَّه القائد “أحمد سعادات” دعوة إلى الأسرى كافة، للانضمام التدريجي للإضراب المفتوح عن الطعام، إلى أن يشمل الأسرى جميعاً. ومن خلال دعوته؛ ربط القائد استمرار الإضراب وصمود الأسرى “بأحداث الهبة الشعبية في قرى وبلدات ومدن ومخيمات الضفة الغربية”.

*****

كيف نقصِّر مدة الإضراب ولا نطيله؟ لن يتمَّ ذلك سوى من خلال الضغط الرسمي والشعبي؛ لتنفيذ مطالب الأسرى الإنسانية العادلة، بأسرع وقت ممكن؛ حفاظاً على حياتهم الغالية.

صحيح أن إسناد قضية الأسرى تصاعد منذ اليوم الأول للإضراب حتى الآن، على المستوى المحلي، والعربي، والدولي، وصحيح أنه اتخذ أشكالاً متنوعة؛ لكن المطلوب المزيد من الإبداع، والمزيد من الامتداد؛ ليطرق أسماع العالم؛ ويجبر المحتلّ على احترام الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق أسرى الحرية، والعمل بموجبها؛ كي لا يختنقوا داخل الخزان.

أما الإخلاص العميق لقضيتهم؛ فسوف يكون بربطها باستراتيجية وطنية تحررية، قادرة على هزيمة المشروع الصهيوني العنصري، وتبني هذه الاستراتيجية رسمياً وشعبياً، عملاً لا قولاً، ثم التحرك على الصعد السياسية والحقوقية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فلسطينياً، وعربياً، ودولياً، لتحقيق هذه الاستراتيجية، مسلحين بحقنا في المقاومة بأشكالها كافة، وحقنا في العدالة، وحقنا في الحياة الحرة الكريمة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.