هجوم القضاة وتبرير الكبيسي / أسامة الرنتيسي

 

 

أسامة الرنتيسي ( الأردن ) الأحد 1/3/2015 م …

لا تفهم لماذا يتصدر داعية من وزن الدكتور محمد نوح القضاة ــ يُصنّف في أوساط مستمعيه بالوسطي والمتسامح والمستنير ــ بالهجوم الشرس على جهة اردنية أرادت ان تنظم حفلا فنيا للفنان الكبير جورج وسوف في عمان، وعلى الجامعة التي تستضيفه، ولا الهجوم الاقسى على الفنان ذاته، وان صوته عبارة عن جاروشة، مع ان عشاق صوت وسّوف بالملايين (انا لست واحدا منهم)، ولا يمكن ان يصل اي داعية الى عُشر جماهيريته.

هجوم القضاة على حفلات وسّوف بحجة ان الشعب الاردني لا يزال يعيش حزنًا على استشهاد الطيار معاذ الكساسبة، يتناقض مع حتمية أن أهم وسائل مواجهة التطرف والارهاب لا بد ان يكون بالفن والثقافة والفكر وحب الحياة، لا بالمكوث في بيوت العزاء، والغاء الفرح والحياة من أيامنا.

في العام الماضي اضطرت الفحيص تلك المدينة الساحرة، بأهلها، ورسالتها وبُعدها الحضاري، وعُمقها الوطني، الى تأجيل مهرجان الفحيص الـ 25 “الاردن تاريخ وحضارة” لتكون مع ضمير الأمة الذي صعد مع مقاومة غزة الى السماء.

الذين يطالبون بالغاء الفرح والغناء والثقافة من حياتنا بحجة وجود الدواعش في زماننا المعتم، يساهمون في استغلال لحظة عاطفية، لان دعم المواجهة والمقاومة لكل من يحمل الفكر الظلامي من داعش في العراق والشام، وما تفعله قوات الخليفة ومن على شاكلتهم في “ملح الارض” الموصل، وما ترتكبه في الرقة، وفي عرسال لبنان، انما يأتي في نشر ثقافة المقاومة والفن الملتزم، واعلاء قيمة الحياة والانسان.

قد لا تتمكن الجيوش العسكرية في انهاء ظاهرة عصابة داعش خلال الاشهر المقبلة، وعندما يأتي الصيف ومواسم المهرجانات الفنية والثقافية، سوف تتعالى الاصوات من جديد للمطالبة بالغائها بحجة ان هناك قتالا وحربا في محيطنا، وهم لا يعرفون انهم يساعدون ويسعدون من ينشر الظلام والخراب في حياتنا الى الاستمرار في عمله، لا بل ويشعرون انهم نجحوا في مخططاتهم.

في المقارنة، والمقاربة، لا تفهم كيف يسارع رجل علماني من وزن عضو المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية يحيى الكبيسي في اللحظة التي بثت قناة سكاي نيوز العربية خبر تحطيم آثار متحف الموصل، كخبر عاجل، حيث كان الكبيسي ضيفا على نشرتها الإخبارية، ولما أبلغته المذيعة بالنبأ، سارع الكبيسي الى القول إنها ليست آثارا حقيقية، بل هي نسخ جبسية مقلدة، قال ذلك قبل أن يرى شريط الفيديو!..

تبرير الكبيسي السريع، يرفع الاجرام عن عناصر عصابة داعش التي استباحت تاريخا يتجاوز 6 آلاف سنة، واختصرته بتحطيم الاصنام، حيث لا ترى بجهلها في هذه المنحوتات التاريخية سوى حجارة كانت تُعبد، ولا يفهمون أن تدمير التراث الآشوري والسرياني والآرامي في بلادنا تدمير للذات وللاسهامات التاريخية في الحضارة البشرية والفكر الإنساني على مر العصور.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.