ثقافة الاستقالة … !
م. هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الثلاثاء 20/6/2017 م …
ثقافة الاستقالة … ! …
الاستقالة نوعان الاولى الاستقالة السياسية وهي عادة ما يحركها قرار او رغبة رئيس الحكومة بذلك بسبب عدم الانسجام مع الفريق الوزاري او بسبب خلافات اما النوع الثاني من الاستقالة فهو الناتج عن الفشل في اداء المهام المناطة بوزارته فشل في انجاز المشاريع فشل في التطوير والتحديث وادارة شؤون وزارته وتسيب الامور وهي نابعة من الشعور بالمسؤولية اتجاه المصلحة العامة تقتضيها المصلحة الوطنية وهو موقف راق في الممارسة السياسية وفي اغلب دول العالم الديمقراطية نسمع كثيراً عن استقالة وزراء ومسؤولين كبار لمجرد شبهة فساد او الوقوع في خطأ جسيم او لفشله في تحقيق الانجازات التطويرية واهداف حكومته او وزارته حيث ان الاخفاق اياً كان نوعه يتحمل تبعاته المسؤول الاول في تلك الوزارة فلا يجد مخرجاً الا بتقديم الاستقالة وهذه خطوة يرى فيها كثير من المحللين انها شجاعة لمواجهة الموقف لديه احترام للذات وتعتبر الاستقالة بمثالة اعتذار مبطن امام الرأي العام فالمصلحة العامة تغلب على المصلحة الشخصية وفي المقابل نجد ان كثيراً من المسؤولين يعتبرون المسؤولية تشريفاً وليس تكليفاً وتقع من ضمن دائرة البريستيج وهي تحقق له الامتيازات لتحسين وضعه المالي ومكانته السياسية والاجتماعية وبالرغم من عدم تحقيقه لأي منجز وفشله لكنه رغم كل ذلك يتشبث بالمنصب حتى آخر رمق وكلنا يعلم ان ثقافة العمل لأي مسؤول يجب ان تخضع الى معايير ووحدات قياس لمستوى الاداء ومستوى جودة العمل وذلك من قبل جهات رقابية لا تخضع لأي تأثير حكومي ليدرك اصحاب القرار مستوى الاداء والكفاءه ونسبة الانجاز او مدى الاخفاقات وتأثيرها حتى يتم تحديد الوقت المناسب ليتم انسحابه ليقدم استقالته بكل احترام وان اردنا ان نشخص الامور اكثر ونتساءل هل ثقافة الحكومة موجودة وهل تخضع بكامل طاقمها الوزاري الى معايير تقيّم ادائها والتي يجب ان تكون في اطار دولة القانون والديمقراطية وتحت رقابة مجلس النواب ( مجلس الشعب ) .
لكن كلنا يعرف ان ثقافة الاستقالة بدول العالم الثالث تعتبر من المحرمات فلم نسمع بأن وزيراً قد اخفق في عمله وقدم استقالته من تلقاء نفسه فالجميع يتمسكون بالمناصب بل يطمحون الى مناصب اسمى من تلك التي يتبوأونها ولقد اصبح الشعب لا يتفاعل كثيراً مع أي استقالة لأي وزير لأنه يعتبر (الرايح اخو الجاي) والشعب اصبح اكثر وعياً لاستفادته من خبراته التراكمية في معايير واسلوب التعيين خاصة في ظل بالونات الاختبار التي تطلقها الحكومة بين الحين والآخر قبل التعيين وحتى عند الاعلان عبر وسائل الاعلان المختلفة عن وجود شاغر لوظيفة عليا فأن الامور شكلية ليس اكثر وفي كثير من الحالات يكون التعديل الوزاري لاطالة عمر الحكومة يرافقها احالات على التقاعد لعدد من المسؤولين في مختلف المواقع والمناصب وعادة ما يرافق الاستقالات جدل ولغط سياسي واعلامي لتصبح حديث صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها وعلى انها بسبب التقصير في الاداء في الوقت الذي لا يعترف فيه المسؤول على انه تقصير في الاداء او الفشل او العجز عن الاصلاح في ظل عجز بالموازنة وعدم توفير المخصصات المالية اللازمة لاحداث اي اتغيير او تطوير وهذا سيؤدي بالمسؤول الى تأثيرات نفسية ويتولد عنده شعور باليأس والاحباط ولا يوجد اي شخص على وجه الارض لم يمر بتجارب عملية فاشلة وهناك من تحكم فيه الفشل واحكم سيطرته عليه رغم ذلك تتشبث الحكومة بوجوده ونقله من مكان لآخر لاسباب عديدة وهناك من قاد الفشل الى نجاح من خلال التفكير الايجابي فكل شخص من المؤكد ان لديه قدرات تؤهله ان توفرت لديه الامكانيات ان يحقق النجاح ويعزز الثقة بالنفس وكذلك فأن من اهم اسباب فشل بعض الوزراء عندما يتم تعيينهم بوزارات ليست من اختصاص دراستهم او مجالهم العملي ففي احدى الحكومات تم تعيين طبيب وزيراً للاشغال العامة ولأكثر من مرة عند اجراء التعديل على الحكومة لكنه رغم عدم فهمه للامور واخفاقاته وتجاوزاته في امور كثيرة لم يقدم استقالته حتى انتهاء عمر الحكومة وهذا الامر تكرر في العديد من المناصب كذلك نجد ان كثيراً من المستشارين لا يلتزمون بالدوام الرسمي ولا يحققون اي انجاز يذكر ويصرف لهم امتيازات وزراء رغم ذلك يسافرون دون اذن رسمي لكن تم ذلك بناءاً على المحسوبية ولا يعتبر ذلك اخفاقاً بل غض البصر عن الامر رغم تكلفته لموازنة الدولة مبالغ طائلة على اعتبار ان المحافظة عليهم مكسب للوطن اي ان ثقافة الاستقالة معدومة حتى ان هناك من ابناء المسؤولين استحدثوا لهم مناصب ليتم تعيينهم ففي احدى الحكومات تم استحداث وزارة المرأة لتعيين احدى سيدات المجتمع ولم يكن كادر الوزارة الا الوزيرة ومديرة المكتب والسائق ولم يكن لها موازنة انما وزارة تم استحداثها لتلك الحكومة فقط وما ان استقالت الحكومة حتى تم الغاء تلك الوزارة .
ما يهمنا بالامر ان الاصلاح والتغيير الحقيقي يجب ان يطال كافة الجهات الرسمية ويجب ان يتم تفعيل دور الجهات الرقابية في الاداء والتقييم ويجب ان يكون هناك ضوابط ومعايير لكافة الامور اذا اردنا الاصلاح والتغيير المنشود لبناء دولة المؤسسات القائمة على الكفاءات التي تستطيع ان تواكب المتغيرات والتطورات لتسير بركب الحداثة والحضارة مع وقف للتجاوزات .
حمى الله هذا الوطن في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه قائد مسيرة الاصلاح والتغيير نحو مستقبل مشرق لهذا الوطن .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.