الخليج العربي إلى أين ؟
الخميس 22/6/2017 م …
الخليج العربي إلى أين ؟ …
الأردن العربي – هبة مصطفى – قال جدعون رخمن رئيس تحرير الشؤون الدولية بصحيفة فايننشيال تايمز: “لم تمس مدن الخليج المزدهرة قطرة من دماء العنف الذي سال في بقية الشرق الأوسط، لا بل لقد استفادت بشكل غير مباشر بتحولها إلى ملاذات آمنة في تلك المنطقة الهائجة”.
لكن الجدار الفاصل بين العالمين العربيين بدأ يتداعى؛ فالسعودية والبحرين ومصر والإمارات قد فرضت حصاراً على قطر بزعم أن القطريين يدعمون الحركات الجهادية في أنحاء المنطقة خصوصاً في سوريا وليبيا. بالتالي، فقد تلاشى لتوّه السراب الذي كان يخيل للناظرين أن دول الخليج الثرية ستبقى في منأى ومأمن من نطاق النزاعات الأوسع في الشرق الأوسط.
يضيف رخمن” السؤال الذي يطرح نفسه بكل وضوح الآن هو: هل ستشهد دول الخليج سقوطاً مدوياً مهولاً يذهلُ له الكل مثلما ذهلوا لنهضتها الصاروخية المدهشة؟ إن كانت الأقدار تخبئ ذلك، فإن التداعيات المترتبة على ذلك ستكون عالمية الأبعاد.
ويجيب قائلاً: “من أحد الأسباب التي جعلت العالم ينظر ببرود إلى محنتي سوريا وليبيا فيما تتفككان هو أن أياً من هاتين الدولتين لا تملك دوراً بارزاً في الاقتصاد العالمي؛ أما بالنسبة لدول الخليج، فالأمر عكس ذلك، لأن أزمة أمنية هناك من شأنها أن تضرب وزارات اقتصاد دول بأسرها ومجالس إدارات عالمية طولاً وعرضاً”.
فرغم صغر حجمهما، فقطر والإمارات تؤويان 2.2 مليون نسمة و9.1 مليون نسمة على التوالي، إلا أن لدول الخليج دوراً على خارطة الاقتصاد العالمي يفوق حجمها بكثير. فقطر أكبر مصدّر عالمي للغاز الطبيعي المسال، ولجهاز قطر للاستثمار أسهم كبيرة في شركات غربية مهمة مثل Volkswagen و Barclays كما له استثمارات بملياراته النفطية في أصول وممتلكات تعد من درر عقارات العالم مثل مبنى The Shard الأطول في لندن، ومتجر Harrods، ولا يفوتنا أن قطر على موعد مع استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
أما دبي من جهتها فاستغلت بذكاء وتحكمٍ قربَها من أوروبا وجنوب آسيا وإفريقيا وروسيا لكي تحول نفسها إلى ملعب الشرق الأوسط؛ فالبرج الأعلى ارتفاعاً في العالم، برج خليفة، يقف وسط مدينة دبي، كما أن طيران الإمارات واحدة من كبرى شركات الطيران في العالم. أما جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) فيتحكم بأصول تربو قيمتها على 800 مليار دولار، أي أنه ثاني أكبر صندوق سيادي في العالم، وأحد أكبر الملاك العقاريين في العالم أيضاً.
ثم نأتي إلى السعودية، أكبر وأقوى دول المنطقة، فمكانتها التي تتصدر إنتاج النفط العالمي لطالما عززت أهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي”
ولقد انضم المسؤولون الغربيون إلى جوقة السعودية والإمارات في الشكوى من تمويل قطر للجهاديين في أنحاء المنطقة، لكن لو قلنا إن الملامة الوحيدة في هذا الخلاف هي الإرهاب لكان الكلام غير دقيق لأن السعوديين أنفسهم معروفون بتصدير وترويج الفكر “السلفي” الذي تعتنقه الحركات الجهادية.
ووفقاً للكاتب فإن السعوديين لطالما اغاظتهم مساعي قطر الناجحة بالعمل بشكل منفرد مستقل لاعبةً على الساحة الدولية، وهو ما يتمثل في رعايتها لقناة الجزيرة، التي أتاحت منبرها لجماعة الإخوان المسلمين الذين تمقتهم السعودية. كذلك ترى السعودية أن قطر تقربت كثيراً جداً من إيران.
ويشير إلى أن هذا الخوف من تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة هو أصلاً ما دفع السعوديين والإماراتيين لخوض غمار حرب اليمن في الجوار رغم كل التبعات الفادحة التي تكبدها المدنيون. لكن من أكثر تبعات حصار قطر مفارقة هو أن هذا الحصار قد يدفع البلاد نحو التقرب أكثر فأكثر من إيران.
أما الولايات المتحدة الأميركية، فلو كانت الظروف طبيعية لكانت بذلت قصارى جهدها لرأب الصدع وتهدئة الوضع الخطير بين حلفائها الخليجيين، لكن واشنطن اليوم ليست كواشنطن البارحة، والوضع هناك والظروف ليست كالمعهود؛ لقد اصطفّ ترامب مع الجانب السعودي في النزاع، ولعل البيت الأبيض بالفعل هو الذي منح الضوء الأخضر لهذا الحصار الذي تتزعمه السعودية أثناء زيارة ترامب للمملكة الشهر الماضي.
لكن في المقابل لزم كل من البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية الحياد لأسباب ليس أقلها أن قطر تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط.
التعليقات مغلقة.