هل يهوي السيسي أمام الضغوط السعودية للمصالحة مع قطر وتركيا؟ / د.خيام الزعبي

 

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) الإثنين 2/3/2015 م …

شهدت العلاقات المصرية التركية توتراً متصاعداً يتجاوز التصريحات الدبلوماسية، وذلك لدعم الرئيس التركي أردوغان للرئيس الأسبق محمد مرسي، وإعتبار عزله إنقلاباً عسكرياً قاده السيسي، وإستمر في مهاجمته للنظام المصري بكل مناسبة يحضرها, وبعد الفض لإعتصام رابعة في آب 2013، تبادلت كل من أنقرة والقاهرة إستدعاء سفيريهما، وأعلنت الخارجية المصرية إلغاء مناورات بحرية كانت من المقرر أن تقام بين البلدين، وفي أواخر شهر تموز الماضي، قررت مصر طرد السفير التركي، وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من مستوى السفراء إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت تركيا بخطوة مماثلة، وخلال المحافل الدولية كانت الحكومة التركية تلقي بتصريحات ضد الأحداث السياسية بمصر، وتنفي شرعية الحكم بإستمرار، وإحتضنت تركيا جماعة الإخوان المسلمين، وقدمت لهم الدعم السياسي والمالي والإعلامي.

اليوم تجمع أرض المملكة السعودية، كلا من الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد، حيث تتزامن زيارتهم للمملكة في وقت واحد، ما يثير الدهشة والتساؤلات حول ما الذي يمكن أن تتمخض عنه تلك الزيارة، هل ستتحقق مصالحة ثلاثية برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، أم أنه من الصعب تحقيق ذلك؟

في إطار ذلك إن تزامن زيارة السيسي وأردوغان للسعودية هو السبب الرئيسي فى طرح هذا السؤال، خاصة فى ظل ما يتردد دولياً وإقليمياً حول وجود مبادرة سعودية لإحتواء الخلافات المتفاقمة بين مصر وتركيا، فى ظل رغبة المملكة فى إنهاء الخلافات بين القوى السنية الكبرى بالمنطقة، بعد تزايد المخاطر التى تواجه المنطقة بدءاً من تنظيم داعش الذى يسيطر على أطراف حيوية فى الدولتين السورية والعراقية، بما يهدد الأمن القومي السعودي بشكل مباشر، بالإضافة إلى تآزم الوضع اليمني بشكل كبير، لذلك ليس من المستبعد أن تكون السعودية فى طريقها لبحث سبل لم الشمل العربي ووقف الإرتباك الحادث فى المنطقة، خاصة بعد أن أصبحت قطر دولة مقلقة فى مجلس التعاون الخليجي بإعتبارها الحليف الأول للإخوان، ما أدى لتوتر العلاقات معها، كما أصبحت قطر تبحث عن نقطة توازن ترضي من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية ودول التعاون الخليجي من جهة أخرى، ومن هنا تضع السعودية خطة لكيفية وضع حد للتوتر المصري القطري التركي، وإنطلاقاً من ذلك تضغط المملكة على مصر لقبول هذه المصالحة ليس فقط بسبب أمنها الداخلي، إنما لتحقيق أهداف أخرى على المستوى الإقليمي ومواجهة الإرهاب الدولى، والحد من نفوذ إيران القوي فى سورية والعراق واليمن، خاصة إذا نجحت طهران فى التفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية حول برنامجها النووي، كما تريد السعودية إعادة ترتيب البيت السني برعاية مصرية قطرية تركية.

بالتالي هناك حالة عدم يقين، ومصر لديها تحفظات كثيرة على سياسة تركيا ودورها فى المنطقة، فقد أصبحت أداة للغرب ولديها الأجندة الخاصة بها، وزيارة الرئيس السيسي للسعودية بصورة عامة، أمر طبيعي بعد تولي الملك سلمان للحكم إذ تأتي ضمن تحركات واسعة تشهدها المنطقة العربية، للتأكيد على ثبات وقوة العلاقات بين الطرفين، وسعي كل منهم لمكافحة الإرهاب وتحقيق الإستقرار في المنطقة العربية لأن المملكة مهمة لكل دول المنطقة، بمعنى أن الهدف من زيارة السيسي للسعودية، هو الإتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب، ضمن المفاوضات التي تجري بين مصر والإمارات والأردن والكويت حول تشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة مخاطر الإرهاب، لذلك ليس هناك مجال للتفاوض حول المصالحة في هذا التوقيت، وليست هناك أية مؤشرات في تراجع أردوغان عن هجومه على مصر ونظرته لثورة 30 يونيو، التي يصفها بالإنقلاب، أما قطر لم تستوف مطالبات المصالحة ما يؤكد صعوبة المصالحة بينهما، و من هنا أرى صعوبة أن يلتقى أردوغان مع السيسي فى الرياض، حتى لا يخسر الأول الكثير من مؤيديه، لكن من الممكن أن تطلب السعودية من الرئيس التركي أن يتوقف أو يقلل من هجومه العنيف لمصر، وخاصة أن أردوغان مقبل على إنتخابات برلمانية، وجزء من دعايته الإنتخابية مهاجمة مصر وقائدها، وبالتالي فإن جلوسه مع الرئيس المصرى يعنى أنه سيخسر جانباً كبيراً من قواعده الشعبية،  وفي سياق متصل هناك أيضاً صعوبة تحقيق المصالحة بين مصر وقطر، خاصة بعد أن نقضت الأخيرة ما تم الإتفاق عليه في مجلس التعاون الخليجي ومبادرة السعودية للمصالحة، وإستمرار تحريض إعلامها على إحداث الفتنة والتخريب والعنف، ومواصلة رعايتها للجماعات الإرهابية، وعن ما يثار حول ضغوط سعودية على مصر للمصالحة مع الإخوان،  فمصر لن ترضى بقبول أي ضغوط تمارسها أي دولة عليها بعد ثورة 30 يونيو.

هنا أستطيع القول إن المعركة مفتوحة في المنطقة العربية مع الإرهاب المدعوم من الغرب وبعض الدول العربية والإسلامية، كغطاء للدعم الأمريكي الإسرائيلي الهادف لتقسيم الأمة العربية ونشر الفوضى فيها، ومصر وسورية هي رأس الحربة في مواجهة هذا الإرهاب وهذه المؤامرة، وبالتالى أي كلام عن مصالحة مصرية مع تركيا وقطر هو بالتأكيد وهم.

مجملاً… لقد آن الأوان أن تستعيد مصر مكانتها ودورها البارز على المستويين الإقليمي والدولي، وتؤكد على أنها لن تسمح لأي طرف بالتدخل في شؤونها الداخلية، ويجب عدم الشعور بخيبة الأمل من مستقبل مصر، فمصر دولة مهمة، وبالتالي فإن حلفائها وشركائها على المستويين الإقليمي والدولي لن يتركوها وحدها، خاصة سورية التي تربطها معها علاقات متميزة على كافة الأصعدة وفي مختلف القضايا فضلاً أن هناك اتفاق كامل بينهما في معظم القضايا المشتركة منذ النضال من اجل الاستقلال ومواجهة أطماع الدول الاستعمارية، هنا يمكنني القول إن دمشق والقاهرة تنطلق من رؤية واحدة وهي ضرورة مواجهة أي أطماع إقليمية أو دولية، وخاصة بعد نجاح كل منهما في ضرب المخطط الغربي لتقسيمهما، كما أن مصر تحتمل من السعودية الخلاف حول سورية على مضض، لأن مصر المستقلة تعرف أن أمنها الوطني يبدأ من بلاد الشام، وأن المصريون يدركون أن تدمير الدولة السورية وإستنزاف الجيش السوري، يهدد أمنهم الوطني إستراتيجياً، ويضعفهم إزاء العدو الصهيوني والغرب، وينقل معركة الإستنزاف والتفكيك والفتنة إلى داخل مصر نفسها.

[email protected]

 

 

 

   

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.