مصر بين قناة بن غوريون وسد النهضة

مصر بين قناة بن غوريون وسد النهضة … ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 28/6/2017 م … أنظر إلى مصر بعين من كان يراها رمزاً لعزة العرب وموطناً للقومية العربية ، واستذكر ما قدمته مصر لنصرة العرب في فلسطين والجزائر واليمن والخليج والجنوب العربيين ، أنظر إلى مصر وتاريخها الرائد كقائد للدول العربية والدول النامية ودول عدم الإنحياز …. اتذكر كل ذلك .. واستذكر كيف أن دور مصر على المستويين العربي والدولي قد أخذ بالتراجع منذ عام 1970 حتى هذا اليوم الذي يمكن القول فيه بحسرة بأن دور مصر قد تقلص إلى الحد الذي أخذت فيه بعض الدول التي لم تكن شيئاً وقت كانت فيه مصر عملاقاً عربياً وإفريقياً ودولياً … أنظر إلى حالة الوهن العربي عامة ، وحالة ضعف الدور المصري في معالجة وقيادة ترتيب البيت العربي ، وإلى ما تقدمه من تنازلات غير مبررة ، تنازلات لم تكن يوماً لتخطر على بال أحد ، تنازلات لا تؤثر على غيرها من الدول فحسب بل تدمر الاقتصاد المصري ومستقبل التنمية في مصر، ولعلني هنا اتوقف عند موضوعين أحدهما أهم من الآخر وهما : 1.     سدّ النهضة  : أو سد الألفية وهو السد التي تقوم أثيوبيا بإنشائه على نهر النيل الأزرق بالقرب من حدودها مع السودان بخبرات صهيونية وتمويل من صناديق دولية وأمريكية وعربية والذي من المنتظر أن يوضع في الخدمة قريباً حيث سيكون أكبر السدود المنتجة للكهرباءفي أفريقيا وسيبلغ ارتفاعه مائة وسبعين متراً وعرضه ألف وثمانمئة متر وسحتوي على محطّتين كهربائيتين وسيعمل السد على حجز مياه حجمها ستمائة وثلاثة مليارات متراً مكعباً وستجني أثيوبيا من بناء السد فوائد كبيرة  علاوة على توليد الكهرباء أهمها: أنّه سيحدّ من فيضان نهر النيل الأزرق الموسمي إلى حد كبير كما يعمل على حماية التجمّعات السكانيّة التي تنتشر على ضفافه. أما مصر التي كانت ومازالت تعارض بناء السد لما سيترتب على إنشائه من انخفاض في مستوى منسوب مياه النيل وانخفاض حصتها منه علاوة على تراجع نسبة الأراضي المزروعة مما سيهدد مليوني مزارع مصري في مصادر رزقهم ، بالإضافة إلى تأثيره الكبير على إمدادات الطاقة الكهربائية وانخفاضها لمستويات كبيرة بسبب الانخفاض المتوقع في منسوب مياه بحيرة ناصر علاوة وتأثيره السلبي على السد العالي وعلى سد سنار الروصيرص في السودان ، وإن إصرار الجانب الإثيوبي على المضي في بناء مشروع هذا السد بالمواصفات الحالية سيقود حتماً إلى نتائج خطيرة تمس الأمن القومي لكل من السودان ومصر. تؤكد المعلومات والدراسات المتوفرة عدم قدرة السد علي تحمل ضغط المياه الضخمة التي ستحتجز خلفه علاوة على كونه مشيد من الاسمنت ومن ثم فإن خطر انهياره وارد في أي  وقت، الأمر الذي لو حصل فإنه سيتسبب بحدوث كارثة كبيرة وسيتسبب في إغراق شمال السودان وجنوب مصر مما ينجم عنه  تشريد ملايين الأسر الذين سوف يتم تدمير منازلهم وزراعاتهم ومن المتوقع أن تغرق الخرطوم بكاملها بينما ستغرق مساحات شاسعة من أسوان إلى الجيزة. لقد رفعت اثيوبيا شعار “لقد انتصرنا” أمام مصر بعد تنظيمها احتفالات ببناء السد وتحويل مجرى النيل الأزرق إلية ، فيما اتبعت مصر منذ البداية المسار القانونى مع أثيوبيا وداومت على التشبث بالمبدأ القانونى الذي لا يمكن تحقيقه دون قوة ، متناسية في ذلك دور ” إسرائيل ” في العمل على تطويق الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص وحرمانها من أي نفوذ في  القارة الإفريقية ، إذ يعمل الكيان الصهيوني على تعميق الخلافات العربية مع بعض الدول الأفريقية ويعمل على تهديد أمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل بمحاولة زيادة نفوذ الكيان الصهيوني في الدول المتحكمة بمياه النيل من منابعه، مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فكتوريا . فلماذا الصمت إذن بعدما باتت “إسرائيل ” لاعبًا أساسيًا في بلدان أعالي النيل، ولا أجافي الحقيقة هنا عندما استذكر أن رؤساء مصر السابقين كانوا قد هددوا بتدمير هذا السد إذا  حاولت أثيوبيا البدء بإنشائه ، هكذا كانت مصر في عهد ناصر والسادات وحتى مبارك  فإنشاء هذا السد هو بمثابة إعلان حرب من أثيوبيا على مصر … فهل ستنتظر مصر حدوث الكارثة وهي متشبثة بالقانون الدولي الذي تم إغتصاب فلسطين وتدمير العراق تحت مظلته ….. أم ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 2.     مشروع قناة بن غوريون منذ عام مضى وقضية جزيرتي تيران وصنافير تتصدر عناوين الصحف وقاعات المحاكم المصرية ، فتارة يقولون أن الجزر مصرية وتارة أخرى يقولون بأنها سعودية ، إلى أن استقر الأمر على كون الجزيرتين سعوديتين بموافقة وقرار من مجلس النواب المصري وبمصادقة من الرئيس المصري . وكعربي أقول بأنه لا يهمني إطلاقاً إن كانت هذه الجزر مصرية أم سعودية طالما ستبقى عربية كما أنني سأحترم قطعاً ما تقرره الدولتان بهذا الشأن.  ولكن الخطورة في كل ذلك بأنه وعندما يتم نقل الجزيريتين للسيادة السعودية بشكل كامل فإن مضائق تيران ستصبح مياهاً دولية وفق القانون الدولي ، الأمر الذي ستعتبر معه حرية الملاحة في تلك المضائق مكفولة للجميع بما في ذلك الكيان الصهيوني ولن تملك أي من مصر أو السعودية حق التدخل في تلك المضائق التي كانت في يوم رمزاً لحصار الكيان الصهيوني وتعطيل تجارته مع العالم وكانت أحد أسباب حرب 1967 . فالخطورة هنا تتعدى حرية الكيان الصهيوني بالملاحة ، فتلك مكفولة حالياً بما انبثق عن معاهدة كامب ديفيد من اتفاقيات ، ولكن الخطورة أكبر من ذلك بكثير ، وتتلخص في نية الكيان الصهيوني القديمة الجديدة على شق قناة تربط البحرين المتوسط والأبيض وما تسمى ” قناة بن غوريون “. وقناة بن غوريون مشروع كبير جداً يهدف فيما يهدف إلى ضرب الاقتصاد المصري والسيطرة على طرق التجارة المائية من خلال انشاء قناة مائية تربط بين البحرين الابيض والاحمر تستطيع ان تنافس قناة السويس المصرية وتستحوذ على نصف الدخل المصري السنوي من قناة السويس ، فقد ذكرت التقارير بأن السلطات “الإسرائيلية”  تخطط لإنشاء القناة المذكورة ، ولقد أوضح خبراء صهاينة بأن إنشاء قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط ستصبح منافسة لقناة السويس، فالمسافة بين إيلات والبحر المتوسط تماثل المسافة بين السويس والبحر الأبيض المتوسط ، وأضافت التقارير أن ” إسرائيل ستقوم بحفر قناتين مستقلتين، واحدة من البحر الأحمر إلى المتوسط، والثانية من المتوسط إلى البحر الأحمر، وهكذا سوف لا تتأخر أي سفينة مما يؤدي إلى تقليص الفترة التي تحتاجها السفن ، كما وتنوي ” إسرائيل ” إقامة فنادق ومطاعم ونوادي سهر ليلية على القناة التي ستحفرها ، ولقد سبق وأن اعترضت مصر بشدة على هذا الأمر، مهددة بقطع العلاقة مع ” إسرائيل ” فلم تهتم الأخيرة لذلك ابداً . من المتوقع أن تكون القناة بعمق 50 مترًا، أي بزيادة 10 أمتار عن قناة السويس ، وستتمكن سفينة بطول 300 متر وعرض 110 أمتار وهي أكبر قياس السفن في العالم من عبور القناة التي ستبنيها ” إسرائيل ” ، ومن المتوقع أن تصل مدة البناء ثلاث سنوات وسيعمل في المشروع 150 ألف عامل سيأتون من دول مختلفة للعمل في شق هذه القناة، وتبلغ كلفة حفر القناة حوالي 14 مليار دولار، وتعتقد ” إسرائيل ” أن مدخولها السنوي من القناة سيتجاوز 4 مليارات. وإذا ماتم تنفيذ هذه القناة من قبل وفقا للخطة الصهيونية فسيؤدي ذلك إلى انخفاض ايرادات قناة السويس إلى النصف من 8 مليارات إلى 4 مليارات دولار، فيما ستحصل  ” إسرائيل ” سنوياً على 4 مليارات وأكثر فيما سيتم تمويل المشروع من خلال قروض تحصل عليها ” إسرائيل ” من المصارف الأمريكية بفائدة متدنية جداً وعلى أن يتم السداد على مدى 30 سنة. وعليه اتساءل ، هل فكرت فكرت مصر بكل ذلك؟ وبحجم الخطر على الاقتصاد المصري؟؟ وهل يمكن استدراك ذلك ؟؟؟ وختاماً اقول بمنتهى الألم أن لا أمل للتصدي لهذا المشروع كما هو الوضع بالنسبة لسد النهضة ، فقد وضعت الأحداث ومخلفات الربيع العبري مصر بين فكي كماشة ،،،، فكيف الخروج ؟؟؟؟    

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.