حركة الحيوانات أسهل من حركة المواطنين في العراق / اسعد العزوني

 

 

أسعد العزوني ( الأردن ) الثلاثاء 3/3/2015 م …

قبل أيام  شاركت في ورشة عمل نظمتها  في عمّان ،منظمة الفاو الزراعية  التابعة للأمم المتحدة ، لمسؤولي الزراعة في العراق الشقيق ب “شقيه” الحكومة المركزية  في بغداد ، وحكومة كردستان العراق.

ما شدني  في تلك الورشة رغم الألم الذي كان يعتصرني لرؤية العراق الأمل ، مقسما على أرض الواقع ، هي عبارة  قيلت على لسان أحد المسؤولين الأكراد ولاقت ترحابا من الشقين ، وهي  “إن  حركة الحيوانات   ،أسهل من حركة المواطنين في العراق “، وكانوا يناقشون الثروة الحيوانية ، ودخول قطعان الماشية   العراقية إلى مناطق كردستان دون أن يعترضها أحد ، كونها  جاءت من دولة أخرى؟؟؟!!!!

هذه العبارة  تبدو في ظاهرها أبسط من البساطة نفسها ،لكن باطنها يرقى إلى النظرية  السياسية المعمول بها ليس في العراق فقط ، بل في الوطن العربي بأكمله ، والذي بات يلفظ أنفاسه ويحتضر  هذه الأيام ، بسبب سوء سياسة حكامه المفروضين عليه من الدوائر  الصهيوينة والدولية  الرأسمالية.

هذه العبارة التي فلتت من لسان أحد المشاركين الأكراد الذي كان يتحدث عن الثروة الحيوانية في إقليم كردستان وقال فيها أن قطعان الماشية تدخل  أراضي كردستان  من العراق بسهولة في حين أن المواطن العراقي  يجد صعوبات  في ذلك بسبب الحدود الطائفية التي باتت  تسيج العراق .

إنه لتوصيف سليم  وواقع مر يعيشه أهلنا في العراق بسبب عقلية البعض المنغمسة بجهالة العصور الوسطى ،والمسممة بالطائفية  ،ذلك السيف المسموم القاطع الذي سيقسم العراق الذي  كان عراقا واحدا موحدا.

يمر العراق  ومنذ العدوان الصهيو-غربي –الأمريكي عام 2003 على وجه الخصوص، بمرحلة السقم الذي ستؤدي إلى وفاته بالتقسيم إلى ثلاثة  أقاليم ،جرى إنجاز الإقليم الأول  وهو إقليم كردستان ، وحاليا  يتم التحضير وعلى قدم وساق لإنجاز التقسيم النهائي بين السنة والشيعة ،بعد حرب طائفية طاحنة مقبلة  بعد  تسليح أمريكا للسنة ، علما أن داعش بدأ في المشروع بتحالفه مع المالكي  قبيل السيطرة على الموصل وغيرها من محافظات السنة التي كانت تستعد لإستقبال قوات  عزت  الدوري،وها هو داعش  يتمركز بإرهابه في وسط  وقلب الهلال الخصيب في سوريا والعراق ، خدمة ل”مستعمرة “إسرائيل.

معاناة المواطن العربي على الحدود لا تحصى  ،  فالتدقيق  والتنسيق الأمني والإستجواب على الحدود في حال السماح بالدخول ، والفيزا والتأشيرات  وتحديد الإقامة ، في حين  يحظى الأجانب  ومنهم العديد من المخابرات والموساد  الذين يحملون جوازات سفر أجنبية  ، يحظون بكل الإحترام ويدخلون بدون  فيزا  ،وإن تتطلب الأمر  فتمنح لهم في المطار.

 يحضرني هنا تصريح للرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي قال فيه أنه عندما يرغب بزيارة اصدقائه في بلد عربي  سماه وهي ليست مصر بطبيعة الحال ،  لأن الزيارات الإسرائيلية بطبيعة الحال إلى قاهرة المعز  بعد كامب ديفيد  تتم جهارا نهارا ،فإنه يركب الطائرة وينزل في المطار ، ومن ثم يتصل بهم ويخبرهم أنه في مطالر بلدهم ، وأن عليهم أن يأتوا ليأخذوه ، إذ يستضيفونه في قصورهم الفخمة على حد وصفه ، ويجرون معه المحادثات ويقدم لهم الإستشارات  ويعطونه فوق ما يطلب.

المستعمر الإسرائيلي أيضا له نصيب كبير في إستباحة  حدودنا وأمننا القومي  إذ بات  مسموحا لهم زيارة الدول العربية سواء كانت  على صلح علني معهم ، أم أنها ما تزال ترقص  تحت الطاولة  ،وحتى لو إرتكبوا جرائم  هنا أو هناك وما أكثرها ، فإن أحدا  لا يستطيع سؤالهم عن جرائمهم ،وإن إضطروا للتحقيق معهم فبإطار خدمةخمس نجوم ولمدة قصيرة جدا  ،وضمن  الإحترام الزائد لهم، ومن ثم يغادرون مكرمين ومعززين، وكأنهم لم يرتكبوا  جريمة علما أن المواطن العربي يحاسب في بلده على  النوايا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.