الديمقراطية … سياسة ام اخلاق !!!
م.هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الإثنين 3/7/2017 م …
الديمقراطية … سياسة ام اخلاق !!! …
ان الحرية السياسية يجب ان تكون حرية قائمة على قوة العقل والمنطق وغير متأثرة بعوامل مصيرية تحددها البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الناس حيث ان العقل والمنطق والبصيرة هو القاعدة الاخلاقية والانسانية التي تنطلق منها الحرية السياسية والحرية هي فضيلة من الفضائل الاجتماعية والانسانية والتي تعنى انعتاق الفرد من القيود التي تحدد حركته وتعيق تفكيره وحرية تعبيره المتزن وفضيلة الحرية توجد في العديد من الحقول الاجتماعية والسياسية والانسانية والاقتصادية والدين والمنطق لتمكن الفرد والجماعة من العمل بفاعلية ولتحقيق الطموحات والاهداف دون ان يكون هناك كبت مجتمعي يؤدي به الى حالة الجمود ولا يقوى على العمل او التفكير او التعبير وحتى لا تقل عنده دوافع العمل او الابداع فأساس الديمقراطية التفاهم والتآخي والتضامن والعدالة الاجتماعية والتشارك في الرأي والتعبير للوصول الى القرار السليم بقيم اخلاقية ومصالح مشتركة تحقق الامن والامان والاستقرار كل ذلك بوجود درجة عالية من الوعي المجتمعي والثقافي والنضج الحضاري فالحرية السياسية نضج اخلاقي وقيمة انسانية عالية يجد فيها الانسان نفسه بعيداً عن الضغوطات والمضايقات التي تقيده وتلغي تفكيره وتضعه في مكانة اللاعقلانية والانفعالية وضيق الافق .
لقد ارتبطت الديمقراطية في اذهان الناس على انها المخرج الوحيد القيمي والاخلاقي والحضاري للدول التي تريد الحداثة والعدالة والتطور على اعتبار انها الفكر السياسي النموذجي وكل ما هو سواها تخلف وغير صالح لادارة شؤون اي دولة هكذا كان الشحن الاعلامي من الدول العظمى ليرسم في اذهان الناس بينما نجد ان الديمقراطية ليست سوى شكل من اشكال الحكم السياسي مع منح مساحة اكبر للشعب ليتوهم انه يحكم نفسه بنفسه من خلال صناديق الاقتراع علماً بأن هذه المساحة الممنوحة للشعب تتباين وتتفاوت من دولة الى دولة اخرى تزيد وتنقص حسب مستوى ثقافة المجتمع ونوع الحكم والاسلوب الذي تدار فيه شؤون كل دولة فكثير من الدول لا تطبقها بشكل سليم وتتلاعب تحت مفهومها في كثير من المجالات اي ان الديمقراطية ليست مفهوم اخلاقي كامل بل يشوبها تشوهات وشوارع فرعية تتحايل عليها فحرية الرأي والتعبير اصبحت في كثير من الدول مصيدة لمعاقبة من يعبر عن رأيه مخالفاً لرأي الحكومة حتى اذا عبر عن قضية ما فانه سيحاسب عليها حسب قوة المتنفذ المتضرر من قول الحقيقة .
فالديمقراطية فضفاضة ومتنوعة ومتعددة المفاهيم المهم ان تصب وان تكون في بوتقة الدولة فالديمقراطية متباينة ومختلفة بين امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها فلكل دولة شكل من الاشكال يميزه عن الآخر ولنلاحظ من يخلق التوترات في العالم تحت تغير انظمة الحكم الى حكم ديمقراطي يناسب الدولة القوية في كل شيء اي انها الديمقراطية اثبتت ضعفها كنموذج للسلام والوئام والمحبة على اعتبار انها قيمة اخلاقية فتحت هذا الشعار شردت شعوب ودمرت بلاد وكانت الحروب والقتل والدمار ونهب الثروات وتجارة الاعضاء كل ذلك تحت مظلة وشعار تحقيق الديمقراطية في تلك البلاد فأي قيمة اخلاقية نتحدث عنها اذا كان التعامل تحت مظلتها كما نشاهده حالياً في العديد من الدول المدمرة والديمقراطية لا تصلح الا في دول محددة وفق مساطر صحيحة يفهمها شعبها ويمارسها حكامها وحكوماتها بتأنٍ لتحقق الحرية الملتزمة والتعبير السليم وتحقق العدالة الاجتماعية فكما نعلم ان الاخلاق هي مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري نحو الخير وتجنب الشر اما السياسة فهي الطرق والاساليب المتبعة لقيادة المجموعة البشرية وتدبير شؤونها لما فيه خيرها وكلتاهما السياسة والاخلاق تستهدفان بناء مستقبل للناس تجعل لحياتهما هدفاً ومعنى وقيمة وبالتالي تلتقيان على الدعوة لبناء نموذج ونمط معين من العلاقات والمباديء الانسانية في تفاهم وفق معايير ومقاييس تنظم هذه الشراكة وليس كما حدث في العديد من دول الربيع العربي عندما نستحضر مقولة تولستوي ” ان الشر لا يقتل الشر كما النار لا تطفيء النار ” فهناك يبقى الضمير والمخافة على الوطن وعلى البشر وما ستؤول اليه الامور ان كان الخلاف هو القتال والدمار والتدخل الخارجي ليأكل الأخضر واليابس تحت مقولة الغاية تبرر الوسيلة للاستيلاء على السلطة لخدمة مصالحهم من خلال فرض نظام سياسي بمسمى الديمقراطية ومن منظور اخلاقي انها صياغة التسميات والتوصيفات وليصبح كل معارض لهذه السلطة او مناهض لمصالحها وساداتها شراً مطلقاً لا يستحق الوجود ليقلب الاستبداد كل القيم والمثل الخيرة والقيم الانسانية والاخلاقية ليحمي مكاسبه تحت ديمقراطية الخنوع والذل والفتن كما نشاهد ذلك في العديد من الدول التي حدثت فيها ثورات .
فعلى الشعب ان يتفهم المفهوم الحقيقي لمعنى الديمقراطية ليعطيها قيمة اخلاقية تشاركية بين السلطة والشعب لتحقق المفهوم الايجابي لما فيه مصلحة الوطن والمواطن لا ان تقوده المفاهيم الى معالجة الشر بالشر .
حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.