البادية السورية في الموقف الأخير..على طريق تحريرها

 

 

د. خيام الزعبي ( سورية ) الجمعة 7/7/2017 م …

البادية السورية في الموقف الأخير..على طريق تحريرها

بعد أسابيع من المواجهات الضارية التي خاضها الجيش السوري وحلفاؤه، ها هي البادية السورية تتحرر من قبضة تنظيم “داعش”والجماعات التكفيرية الأخرى، فتحرير البادية لا شك أنه يشكل فرحة عارمة لدى السوريين، خاصة بعد المجازر التي ارتكبها هذا التنظيم ضد المئات من الناس الابرياء ومعظمهم من الأطفال والنساء، إلا أنه في الوقت نفسه يضع العديد من التساؤلات الهامة عن مستقبل سورية والمنطقة بأكملها، هل يعني هذا التحرير نهاية الوجود الداعشي في سورية ؟ وما هي ملامح الخارطة الميدانية والعسكرية الجديدة لسورية بعد هذا النجاح الذي حققه الجيش السوري ومحور المقاومة في الحرب ضد الإرهاب؟. سقطت البادية بيد الجيش السوري وبدأت تتساقط جميع المواقع الإستراتيجية الى أن وصل إلى الحدود العراقية شمال التنف، وهذا الإنجاز الذي حققه الجيش منع تقسيم سورية، وهو ما يتقاطع في المحصلة مع أهداف الحلفاء عبر إفشال محاولة قطع التواصل بين سورية والعراق وضرب التواصل بين أركان محور المقاومة الأربعة، وبذلك تمكن الجيش السوري من خلق حاجز فولاذي صلب منع الجماعات المتطرفة المدعومة أميركياً من التحرك شمالاً، وفتح طريق بري يسهّل العبور للشاحنات والآليات بين سورية والعراق، وبذلك يكون آخر مسمار في نعش الرئيس الأمريكي ترامب ومشروعه الخبيث في المنطقة، وأنه آن الآوان لكي تعيد واشنطن تقييم أهدافها حتى تجد باباً للخروج من ورطة المستنقع السوري الذي يتربص بها عندما بدأت عملياتها الهجومية ضد الجيش وحلفاؤه.. في هذا السياق حقق الجيش السوري بالتعاون مع الحلفاء تقدماً جديداً ومهماً في ملاحقة تنظيم “داعش” وأخواته في عمق البادية السورية عبر تطويقه حقل الهيل النفطي في ريف تدمر الشرقي ليحكم بذلك تطويقه أوكار التنظيم في الحقل من الغرب والجنوب والجنوب الشرقي، وفي الاتجاه الأخر يتابع الجيش السوري تطوير قدراته العسكرية ويعزز ترسانته بأحدث أنواع الآليات التي تمكنه من تحقيق إنجازات ضخمة في إطار مكافحة الإرهاب خاصة في منطقة البادية من خلال استخدامه آليات عسكرية مدرعة تشبه الدبابة “ترميناتور” والتي سيكون لها الأثر الكبير على مجرى الأحداث الميدانية والعسكرية في سورية. في السياق ذاته انسحب تنظيم داعش بالكامل، من محافظة حلب في شمال سورية، مع تقدم الجيش في المنطقة الواقعة في جنوب شرق المحافظة، وانسحب التنظيم من 17 قرية وبلدة في جنوب شرق حلب، ليصبح بذلك خارج المحافظة بعد أكثر من أربعة سنوات على تواجده فيها بعد أن استعاد الجيش وحلفاؤه السيطرة على طريق أثريا-الرصافة ومناطق شرقي خناصر، بمعنى إن وجود التنظيم سينتهي بشكل كامل من محافظة حلب، وبذلك يكون الجيش قد أمن طريق حلب – خناصر – أثريا بشكل كامل والاقتراب من حقل توينان للغاز. لن تجد داعش ما تبكي عليه بعد خسارتها أكبر المواقع الإستراتيجية في البادية، سوى أن تعيد مع داعميها النظر في إستراتيجياتها المتبعة، من أجل خلق وتعزيز مخطط “الفوضى الخلاقة” وهو الأسلوب المرجح من قبل العديد من المحللين السياسيين ممن حذروا من أن خسارة البادية قد تدفع بالتنظيم لتنفيذ المزيد من الهجمات الشرسة في مناطق أخرى متفرقة من سورية التي تمثل بعداً إستراتيجياً مهماً لواشنطن ولحلفاؤها من الغرب في المنطقة، إذ تدعي أمريكا اليوم ان “النظام السوري” يستعد لشن هجوم كيميائي إنطلاقاً من قاعدة الشعيرات الجوية القريبة من حمص، وهي مسوّغات لمواصلة عدوانها على الجيش السوري خاصة بعد التقدم الكبير الذي حققه في حلب وحمص وحماة، وريف دمشق وفتح الحدود السورية العراقية واستعادة العديد من آبار النفط والغاز التي كانت تحت سيطرة داعش في دير الزور، ولهذا تريد تفجير الموقف مجددا في سورية لأنها لا تريد لهذه الحرب أن تنتهي وأن يتوقف شلال الدم بأي شكل من الاشكال، لأنّ البيت الأبيض يعرف أنّ نجاح وإنتصار الجيش السوري معناه انهيار الجماعات المسلحة والإرهاب ومجمل أصناف التدخّلات الخارجية في سورية، أمّا فبركة كيميائي خان شيخون فليست إلّا دليلاً واضحاً على تفسير السياسة الأمريكية التدميرية المعدة مسبقاً لتقسيم سورية وحل القضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية. بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب على سورية، لا يزال الأمريكيون وأدواتهم من المتطرفين في سورية يراهنون على رهانات خاسرة، فالخطط والإستراتيجيات التي وضعت وعُمل عليها منذ بداية الأزمة السورية تعرضت للتعثر والفشل، فالأزمة التي أريد لها أن تسقط سورية وتقضي على دول محور المقاومة، تراجعت حدّتها لمصلحة المحور نفسه، فأمريكا تشعر انها على وشك خسارة الحرب في سورية، بسبب إنهيار داعش و خسارتها لعاصمتها العراقية (الموصل)، والسورية (الرقة)، ولهذا فهي في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ نفوذها من خلال افتعال وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب في سورية وهي جزء من المخطط الذي وضعته أمريكا لتدمير دول الشرق الأوسط . مجملاً….إن مفتاح الحل، يقترب من أن يصبح بيد الدولة السورية بعد السيطرة على مساحات واسعة من أراضي البادية ومن ثم تحقق الحلم السوري العراقي بالتلاقي للمرة الأولى على الحدود المشتركة منذ سنوات الأزمة، بذلك نجح الجيش السوري بإجهاض العملية الجنوبية ونجح بإسقاط الخط الأحمر الأميركي في الحدود ،وإنطلاقاً من وقائع الميدان يأتي التصعيد الأميركي في محاولة لإفشال نتائج الإنجازات العسكرية الأخيرة للجيش السوري التي ستكتمل بالتوجه إلى منطقة البوكمال وأيضاً إلى دير الزور، حيث ستكون هناك الضربة القاضية لتنظيم داعش ونهاية المشروع الأميركي، ويمكن تلمس ذلك من خلال القلق الذي تشعر به أمريكا وحلفاؤها، إزاء تطورات الأوضاع في سورية، وهي التي كانت تعتبر خيوط اللعبة بيدها تديرها كيف تشاء، فإذا بالسوريين يثبتون للعالم أجمع بأنهم قادرين على هزيمة داعش ومن يقف وراءها، ويبرهنوا أن سورية أرض العزة والكرامة ستبقى مرفوعة الراية عالياً مهما كانت قوة وقدرة المؤامرة التي حيكت وتحاك في الغرف السوداء التي يديرها رعاة لا يعرفون للإنسانية أي معنى.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.