رفقاً بالعقول!!

 

 

د. بثينة شعبان* ( سورية ) الجمعة 7/7/2017 م …

رفقاً بالعقول!! …

*مستشارة الرئاسة السورية …

– إن منطق الولايات المتحدة، وخاصة بعد توليّ هذه الإدارة الجديدة، أصبح مضحكاً، لأنه لم يعد يلبس اللبوس اللغوي الذي كانت الإدارات الأخرى حريصة على استخدامه. إذ أصبحت بقلم/ د. بثينة شعبان –

إن منطق الولايات المتحدة، وخاصة بعد توليّ هذه الإدارة الجديدة، أصبح مضحكاً، لأنه لم يعد يلبس اللبوس اللغوي الذي كانت الإدارات الأخرى حريصة على استخدامه. إذ أصبحت مواقف الولايات المتحدة اليوم عارية يمكن رؤيتها بالعين المجردة من أي مكان في العالم.

اعتبر مندوب الولايات المتحدة الأميركية، إلى فريق العمل المعني بوقف الأعمال القتالية في سوريا هنري انشر أن “القوات العسكرية الأميركية، أينما وجدت في أي منطقة من العالم، هي قوات دفاعية للرد على أي تهديد، وعملياتها العسكرية، من أي موقع كان هي دفاع مشروع عن النفس فقط، وأضاف أن هذا ما ينطبق على الهجمات التي استهدفت الجيش السوري”.

في الوقت الذي يعتبر هذا السفير الأميركي اعتداء جيشه، المعروف بالحروب والمجازر على الجيش السوري المدافع، عن أرضه وشعبه والعالم ضد الإرهاب يعتبره دفاعاً عن النفس، علماً أن سوريا بعيدة عشرات آلاف الأميال عن الولايات المتحدة، ورغم ذلك يعتبرها دفاعية، فهو يعبّر عن احتجاجه على قيام الجيش العربي السوري بالدفاع عن ترابه سواء على الحدود مع العراق، أو في الجنوب السوري العربي، أو في أية بقعة على الأرض السورية.

في الواقع إن منطق الولايات المتحدة، وخاصة بعد توليّ هذه الإدارة الجديدة، أصبح مضحكاً، لأنه لم يعد يلبس اللبوس اللغوي الذي كانت الإدارات الأخرى حريصة على استخدامه. إذ أصبحت مواقف الولايات المتحدة اليوم عارية يمكن رؤيتها بالعين المجردة من أي مكان في العالم ولهذا فقد سقطت الأقنعة وغدا المنطق الذي تستخدمه أقوى دولة عسكرية في العالم مدهشاً إلى حدّ بعيد. إذ من أجل تحضير الرأي العام لاعتداء غير مبررّ، ولكنه محتمل على سوريا، تعلن الولايات المتحدة أن لديها معلومات بأن الحكومة السورية تحضّر لهجوم كيميائي، وأنها سوف تردّ على مثل هذا الهجوم.

إن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على إفلاس العاملين في الشأن الدبلوماسي الأميركي، والذين لا حجة لديهم ولا منطق ولا ذاكرة، حتى لأنّ أدنى درجات المهنيّة تتطلب أن يتذكروا حادثة خان العسل، وكيف بقيت حكومة الجمهورية العربية السورية تطالب الأمم المتحدة بإرسال لجنة تحقيق للتأكد من الطرف الذي استخدم غاز الكلور ولا من مجيب، والأحدث من ذلك هي حادثة خان شيخون وعدوان الولايات المتحدة على مطار الشعيرات بحجة أنه كان المنطلق للمواد الكيمائية التي استخدمت في خان شيخون.

ورغم مرور بضعة أشهر على الحادثة الأخيرة، ورغم مطالبة الجمهورية العربية السورية، وروسيا الاتحادية للأمم المتحدة، وللغرب بإرسال بعثة تحقيق في حادثة خان شيخون فإن أحداً لم يصل حتى تاريخه، وذلك لأنهم يعلمون علم اليقين أنّ الحادثة مفبركة وأن لا علاقة للجيش العربي السوري بها ويعرفون من يمّول ويسلّح الإرهابيين، ومن يزودهم بالأسلحة الكيماوية ضد الجيش السوري.

إن أقلّ درجة من المهنية أو حتى الحياء يتطلب التفكّير في هاتين الحادثتين وتحضير أجوبة عليها قبل فبركة إدعاء ثالث باحتمال وقوع هجوم كيميائي وضرورة الردّ عليه. يبدو أن من يقبع وراء المحيط ويستقي معلوماته من المخابرات الإسرائيلية، ويأتمر بأمر هذا اللوبي الصهيوني آيباك في كلّ ما يخصّ قضايا الشرق الأوسط قد انحدر في فهمه وتحليلاته للواقع إلى درجة مزرية ومخجلة. ففي الوقت الذي يتخبط فيه الأميركي في الملف السوري، وغيره طبعاً تسطع الشمس هنا على الميدان فتفرز الغث من السمين وتظهر الحقائق واضحة وبسيطة أمام كل الناس. إذ لا يحتاج الناس هنا في بلداننا أن يكونوا سياسيين، أو دبلوماسيين، أو مدربين، حتى يوقنوا أن الاعتداءات الأميركية، والإسرائيلية على الجيش العربي السوري، أتت بعد أن سجّل هذا الجيش انتصارات هامة على عملائهم الإرهابيين في مناطق مختلفة في سوريا، وأن الولايات المتحدة، وإسرائيل، وكعملية إنقاذ يائسة لأدواتهما من الإرهابيين، قد اضطرتا إلى توجيه اعتداءات مباشرة على قوات الجيش العربي السوري، وحلفائه في محاولة يائسة لإنقاذ المدّ الإرهابي، ورفع معنويات الإرهابيين، وتشجيعهم أن يصمدوا وألا ينهاروا. ولكن الانهيارات في الموصل، والجنوب السوري، وريف حلب، وريف حمص، ودرعا، هي انهيارات أكيدة ومستمّرة إلى أن يتمّ دحر الإرهاب عن الأرض المقدسة في سوريا، والعراق، وعن كل بقعة من الأرض العربية بما فيها اليمن المظلوم.

والمتأمل لمسار هذه الأحداث في سوريا، والعراق، واليمن وليبيا، ولبنان، وخاصة اندفاع الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة لإنقاذ الإرهابيين في أي مكان، يدرك دون أدنى شك أن الهدف النهائي لمجريات العقد الأخير هو تدمير الحضارة العربية، وإعادة الدول العربية مئة سنة إلى الوراء من أجل إتاحة الزمن والجغرافيا للكيان الصهيوني كي ينتهك المقدسات، والحقوق، ويزرع اليأس في قلوب الواهنين، والواهمين، كي يسيروا في مسار التطبيع معه ويحاولوا تصفية القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني. وهنا لا يقلّ جهلهم في التاريخ البعيد والقريب عن جهلهم في فهم حادثة خان العسل، وخان شيخون، فهم لا يدركون أن هذه الأمة لا تموت، وأنّ كل ما لحق بها من ظلم وتدمير لن يزيدها إلا تصميماً على إعادة البناء، وإعادة بناء جبهة المقاومة، وتعزيز التحالف المشرّف مع الحلفاء، والأصدقاء وأنه لن يهدأ لهذه الأمة بال إلى أن تدحر كل قوى الإرهاب وأسيادهم وتسطّر التاريخ بأحرف من نور. إنّ اللغة الإعلامية والسياسية التي يستخدمها أعداء هذا التحالف المقاوم هي لغة مسفّة ومستهينة بعقول البشر ولم تعد تجد من هذا الجانب من المحيط، اهتماماً بمقاصدها أو حتى بسماعها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.