اغتيال الشخصية في المجتمع الأردني

 

 

ماجد عبد العزيز غانم ( الأردن ) الثلاثاء 11/7/2017 م …

اغتيال الشخصية في المجتمع الأردني …

قد يكون مصطلح اغتيال الشخصية مصطلحا غامض المعنى لدى البعض من افراد المجتمع لكنه موجود ويمارس من قبل الافراد والجماعات بمسميات ومصطلحات مختلفة ، وهذا المصطلح بداية استخدامه كانت في الأوساط السياسية حيث يعتبر اغتيال الشخصية من أنجع الوسائل والأساليب الغيرمشروعة التي اتبعتها الأنظمة السياسية عامة والعربية على وجه الخصوص   لتحقيق مكاسب مادية او معنوية من خلال بث الاشاعات والتهم بحق الآخرين رغم العلم بأن هذه التهم والاشاعات ليس لها اساس من الصحة ، وهناك الكثير من الأمثلة التي حدثت في مجتمعاتنا العربية وكلها كانت تقوم على اساس تشويه صورة وسمعة بعض السياسيين او المفكرين المعارضين وربما وصلت لبعض رجال الدين وذلك بهدف النيل من مكانتهم في المجتمع وصولا الى مرحلة ابعادهم عن الساحة في هذا المجتمع كي تبقى الساحة مشرعة الأبواب لغيرهم ممن هم على توافق مع الأنظمة.  

وأسوق هنا مثال حي في مجتمعنا نعيشه خاصة في الفترات التي تسبق اي انتخابات حتى لو كانت لانتخاب مختار للحي ، فكثيرا ما نسمع او نقرأ اشاعات بحق بعض المرشحين ويساق لها عدة اكاذيب للتدليل على صحتها بحقهم ، ورغم عدم التثبت من صحة هذه الاشاعات الا انها تعلق بأذن أفراد المجتمع وتؤدي غالبا الى التاثير على نتيجة عملية الانتخاب فالكثير من العامة وبحكم الطيبة الزائدة التي يتصف بها افراد مجتمعنا يلجأون الى النأي بأنفسهم عن مثل هذا الشخص او المرشح ولو من باب درء الشبهات على الاقل كما يقولون ، علما بان بعض الاشاعات والتهم يكون مصدر تسريبها بعض المتنفذين في الاوساط السياسية والاجتماعية ، والهدف هنا بمفهوم العامة حرق هذه الشخصية التي تتمتع بشعبية وسمعة جيدة في المجتمع وابعادها نهائيا عن الساحة السياسية ، وبنفس الوقت وصولا لتلميع شخصية أخرى بديلة لها في المجتمع رغم علم الكثيرين بان هذه الشخصية البديلة تحوم الكثير من الشبهات حولها ، ولكن هذه الجهات المتنفذه تبذل كل جهودها   في سبيل تجميل هذه الشخصية بشتى الوسائل والأكاذيب أمام الفئة المستهدفة من المجتمع بغية تقبل هذه الفئة للشخصية البديلة لا بل والوصول بها الى تقلد مناصب سياسية عليا في أجهزة الدولة ، وهنا تكمن الكارثة عندما يستبدل الشخص الصالح بالسيء .

وهذا ألأمر جدا سيء وخطير وقد بدأنا نلمسه في مجتمعنا في الآونة الأخيرة بشكل كبير رغم أنه موجود في المجتمعات الأخرى على نطاق ضيق الا أنه طاريء على مجتمعنا الطيب ، حيث يتم النيل من بعض الاشخاص في المجتمع من خلال التعرض الى الجانب الاخلاقي لهم بالسوء ، وذلك بعدة وسائل أهمها وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت نقمة على مجتمعاتنا بدلا من أن تكون نعمة ، وهذا يدلل على تدني الوازع الديني والاخلاقي عند من يستخدم مثل هذه الأساليب وهويعلم حقيقة ان ما يقوله او يكتبه غير صحيح على الاطلاق ، ولكنه يلجأ لهذا الاسلوب لدغدغة عواطف وطيبة افراد المجتمع ، وهكذا تكون النتيجة دوما في مجتمعنا فما ان نسمع خبرا يتعرض لأخلاق أحد ما إلا ونسارع لنبذه بيننا في المجتمع ، بل ونسابق الزمن في سبيل إيصال هذا الخبر إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء والمعارف وكأنه عمل خير نتقرب به إلى الله ، وكل ذلك يتم دون أن نكلف أنفسنا عناء التحقق من صحة هذا الخبر الذي هو بالأصل إشاعة ، وكل هذا الجهد الذي نبذله نضعه في خانة درء الشبهات ، وتكون النتيجة موت وتصفية لهذا الشخص في المجتمع .

وأصل هنا إلى أن مفهوم اغتيال الشخصية ما هو إلا جريمة كبرى تقع بحق من يستعمل هذا الأسلوب ضده لما له من آثار نفسية واجتماعية بل وربما مادية تقع على هذا الشخص ، وهذه الآثار من الصعب نسيانها أو محو آثارها لديه بل ولدى بقية أفراد المجتمع ، وستبقى وصمة عار في جبين هذا الإنسان ما دام حيا ، ولا تعوضه عنها أموال العالم كله ، فنحن في مجتمع رأسمال الفرد فيه أخلاقه وحسن تعامله ، وأنهي حديثي بأن أدعو الله أن نبتعد عن مثل هذه الأساليب الدنيئة للنيل من بعضنا بواسطتها،   وكم كنت أتمنى لو كانت العقوبات مغلظة بحق كل من يثبت أتباعه لهذه الأساليب الرخصية من بث لإشاعات كاذبة ومغرضة بحق غيره .

وهنا أتمنى أن لا يفهم من حديثي السابق أنني من دعاة الحد من الحريات وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل على العكس تماما فأنا من أشد المدافعين عن هذه الحقوق، ولكن المتابع لوسائل التواصل يرى كما هائلا من الأمثلة على ما تحدثت عنه ، وأقول في هذا المقام أن النار ليس بالضرورة ان يتبعها دخان فهناك الكثير من النيران تستعر في داخلنا ولا نرى لها دخانا .

ماجد عبدالعزيز غانم

الإثنين.   10/7/2017

جرش / 0777805125

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.