تركيا والرقص على حافة الهاوية / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأربعاء 4/3/2015 م …
في محاولة لتفتيت سورية، تكاتفت تركيا، مع حلفائها في الغرب، من خلال دعمها للمجموعات التكفيرية وعلى رأسها داعش الى درجة التحالف المعلن والتدخل مباشرة في الحرب على سورية، ومنذ بداية ما يسمى بالربيع العربي الذي يمثل مخططاً دولياً لتمزيق الدول العربية من خلال صراعات داخلية طائفية تهدف الى إظهار الإسلام بصورة القتل والذبح والكراهية، أرادت تركيا إحياء عثمانيتها من جديد من خلال التدخل في شؤون سورية، وأصبحت ممراً آمنا لها حيث يدخل من أراضيها أكثر من60بالمئة من الإرهابيين، وقد رفضت إدانة المجاميع الإرهابية ولم تجعل من قتال داعش أولوية في سياستها، وتدخلها السافر في سورية ﻻ يحتاج الى دليل، وكان آخر فصل من تدخلها هو التنسيق لدخول داعش الى مناطق الشمال السوري للسيطرة عليها.
عشرات الآلاف من الدواعش إجتازوا الحدود من تركيا الى سورية خلال الأزمة، من المستحيل أن يكون هؤلاء الأشخاص قد عبروا من دون معرفة جهازي الإستخبارات وحرس الحدود التركيين، ومن المستحيل أن يكون هذا العدد الهائل من الدواعش قد مرّ من دون ضوء أخضر من الحكومة التركية، لذلك فإن تركيا الأردوغانية ضالعة على نحو مباشر ومع سبق الإصرار والترصد في حرب داعش ضدنا، لذلك فإن القانون الدولي يبيح لنا الدفاع عن أنفسنا ضد تركيا المتوّرطة في الحرب السورية، بكل الوسائل الممكنة ما دامت تفتح حدودها أمام من يقتلوننا ويدمّرون حياتنا من الدواعش.
عندما نتابع الأحداث في المنطقة وبرؤية تحليلية متجردة عن أية دوافع وميول سياسية أو مذهبية فأننا نكاد نجزم إن تركية على حافة الهاوية وذلك لتدخلها في أكثر من بلد عربي لتحافظ على هيمنتها ونفوذها بالمنطقة في حلبة صراع مع سورية وحلفائها، هذه السياسة المتبعة من قبل تركيا جعلتها تخسر الكثير من قواها إقتصادياً وأصبح شعبها يعيش ظروف صعبة، وهو بأنتظار شرارة ليثور وينتفض بوجه سياستها في التدخل بشؤون المنطقة على حساب منفعة ومصلحة الشعب ورفاهيته، فتركيا التي يبني الكثير من الحالمين طموحاتهم وآمالهم عليها باتت قريبة من الوقوع بالهاوية، لذلك نحن على أعتاب متابعة مشهد جديد في المنطقة خصوصاً بعد حملة تحرير واسعة في الشمال السوري.
يبدو واضحاً هذه الأيام، أن دمشق قد نجحت في قلب الموازين في الداخل وعلى المستوى الإقليمي والدولي، فبعد زيارة وفد البرلمانيين الفرنسيين لدمشق، وزيارة وزير العدل الأمريكي الأسبق رمزي كلارك لها، إستقبلت دمشق وفود تركية يضم نواباً عن أحزاب المعارضة، فكثافة هذه الزيارات، يؤكد أن سورية التي تحارب الإرهاب لم تصل إلى المصير الذي أراده لها أعداؤها، بل بالعكس من ذلك كله، إستطاعت سورية أن تنتقل من دائرة الدفاع عن النفس، إلى ساحة الهجوم وأخذ المبادرة، والتحكم في خيوط اللعبة إقليمياً ودولياً، ففي الوقت الذي كانت تركيا تراهن على إسقاط نظام الأسد وإقامة الجدار العازل مع سورية، نجح محور المقاومة في تحويل هذه المنطقة إلى ساحة قتال مع العدو وهذا بحدّ ذاته شكل إنعطافاً كبيراً في مسلسل الحرب على سورية، وبات يتهدد أمن الكيان الصهيوني، وأعتقد أن أحد أهم الأسباب التي جعلت البلدان التي تقود العدوان على سورية، يُعيدون حساباتهم من جديد، لأنّ إحتدام المواجهة بالقرب من الكيان الصهيوني، قد يشكل بداية الحرب المفتوحة على إسرائيل ومن جبهات عدّة، في هذا السياق فأردوغان أدخل تركيا إلى نفق مظلم، قد لا تخرج منه بسلام، فتركيا التي راهنت على التنظيمات المسلحة تجد نفسها تغرق في مستنقع سياسة أردوغان، وتنزلق إلى هاوية أزمة غير مسبوقة، إذاً السياسة التركية تسببت في محاصرة وعزلها في المنطقة، فعلاقات تركيا مع السعودية ومصر وليبية وروسيا وايران في حالة من التوتر والفتور.
في سياق متصل لقد حرقت أنقرة سفنها مع نظام دمشق تماماً، ولقد سبق وأن أكدت في هذه الجهة، بأن الدبلوماسية التركية أطلقت النار على أقدامها، وما عاد بمقدورها أن تدخل في الملف السوري إلا من بوابة داعش والمعارضة، وبالتالي فأن الخلاف التركي – السوري، قد دخل في طورٍ من الشخصنة الذي يجعل الدبلوماسية فاقدة لقدرتها على إجتراح الحلول والمبادرات الخلّاقة، لذلك لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح الى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا اليها الحكومة السورية بإستمرار والجلوس الى طاولة المفاوضات لإيجاد الحلول السياسية العادلة لكافة المشاكل عن طريق الحوار المباشر، الهادف والبناء االذي يخدم المصالح المشتركة لجميع الأطراف ويحفظ جميع حقوقهم.
مجملاً…ان الدور السلبي لأردوغان في سورية، لم ولن يكون في صالح تركيا، فمن الخطأ تصور أن بإمكان تركيا أن تنعم بالأمن والإستقرار، فيما ألسنة النيران تشتعل في سورية، فالتجربة أثبتت أن الأمن القومي لأي بلد من بلدان المنطقة يرتبط إرتباطاً عضوياً مع أمن الإقليم ، فإذا لم تنهي تركيا تحالفها المصلحي مع داعش اليوم، فإن نيران هذا التنظيم سيشعل أنقرة غدا، وعلى أردوغان أن يتعظ بتجربة دول الخليج مع القاعدة، عندما إتخذتها ورقة ضغط لتمرير أجنداتها وأجندات الغرب في المنطقة ، إلا أنها انقلبت عليها بعد ذلك، ولأن أردوغان يعي جيداً أن تركيا لا يمكنها أن تواصل سياستها العدائية تجاه سورية دونما أن تدفع ثمناً غاليا لذلك، وأن طريق تركيا نحو الإزدهار الإقتصادي يمرّ بالضرورة على دمشق، وأنه في حال بقاء طريق دمشق مغلقاً في وجه تركيا، فلا يُستبعد أن ينهار الإقتصاد التركي، وبذلك يخرج أردوغان من الباب الضيق للسلطة، بإختصار شديد أن أمريكا وتركيا وحلفاؤهم العرب والغربيون أمام مأزق خطير ومن صنع أيديهم، تتواضع أمامه كل المآزق الأخرى، بما في ذلك أخطار تنظيم القاعدة الأم، لذلك سيكون من الحكمة إعادة فتح قناة اتصال مع النظام السوري لمكافحة خطر التنظيم.
التعليقات مغلقة.