الحركة القومية العربية ..الاعتراف بألاخطاء خير وسيلة لمنع السقوط / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الأربعاء 4/3/2015 م …

قبل أيام معدودة أستذكر جميع الشرفاء من أبناء أمتنا العربية ، بأحترام وأجلال الذكرى السابعة والخمسين للوحدة المصرية السورية ،، وبغض النظر عن النتائج التاريخية لهذه الوحدة التي دامت لبضع سنوات ،، فهي ستبقى ذكرى عزيزة “لموقف مشرف” أجتمعت به ثنائية النهضة العربية بمرحلة تاريخية صعبة،ولكن ومع مرور هذه السنيين السبع والخمسين ،يبدو ان القوميين العرب لم يستطيعوا للأن وللأسف ألاستفادة من اخطاء من سبقوهم،فهناك أخطاء تاريخية كبرى وقع بها القوميين العرب مع تقديرنا واحترامنا الكامل لكل مراحل نضالهم وتضحياتهم التاريخية ,فكانت هذه الاخطاء بحاجة الى دراسة عميقة لايجاد الخلل , وهذا مالم تستطع الحركة القومية العربيه بأجيالها اللأحقة وللأسف معالجته ودراسته لستغلاله لمصلحتها ولمصلحة مشروعها الوحدوي ألاكبر، وهذا ماهو ألأ خطأ كبير يجسد حجم ألاخطاء التاريخية التي وقعت بها الحركة القومية العربية منذ عقود وسنيين مضت  ولليوم  .

ومن هنا فأننا عندما نتناول قضايا الحركة القومية العربيه في الوطن العربي ونحاول استبصار أزماتها التاريخية بطريقة معرفية سياسية واضحة، وعندما نضع الخطوط تحت السلبيات ونحاول اظهار الاخطاء حتى تكون نقطة الارتكاز والاتطلاق لاشتقاق الرؤى والممكنات لبعث فكرة النهضة والمقاومة المستديمة في الأمة من جديد، والسعي من جديد لاحياء قيمها وربطها مع ممكنات الواقع ،، فما الوحدة العربيه بالنهاية ألا تعريف تاريخي لهوية وخصوصيات، ألامة، وهي ماهية للأمه، وعنوان ومحتوى لتكونها التاريخي، وحافظ لهذه الماهية في كل الأطوار والمراحل، ومن هنا لنعترف أنه بالمرحلة الاخيرة مرت مسيرة الحركة القومية العربية بانتكاسات عده .

فاليوم هناك واقع مؤلم تعيشه الحركة القومية العربية و هناك حقيقة لا يمكن لمتابع لمسيرة الحركة القومية العربية منذ انطلاقها  بمطلع العقد الثالث من القرن العشرين ولليوم ان ينكرها ،، وهي أن مساحة المناوره أصبحت ضيقة امام الحركة القومية العربيه بهذه المرحلة، وهذا الموضوع لم يعد يخفى على احد، وخصوصآ بعد سقوط اهم قلاعها بمصر الناصرية، والعراق البعثية، وبعد الكثير من الانشقاقات عن هذه الحركة والسبب أموال البترودولار، التي أشترت الكثير من الاراء والمواقف بل هؤلاء الذين أشترتهم هذه الاموال أصبحو من ألد الاعداء لهذه الحركة ،، وما تبقى وهو الذي نراهن على صموده اليوم وهو الحصن الاخير وهي سورية العروبية ولهذا فان مساحة المناوره لاحياء المشروع العروبي اصبحت تمر بمخاض عسير، نتيجه لعدة متغيرات عشنا تفاصيلها جميعآ، ليس أولها ولا اخرها أن وقتنا الحاضر وقتآ ارتفع فيه الصراع الى مستوى المذهبيات وصراع القوميات والطوائف والافكار المتطرفه ولم تعد فيه مكان ومساحة لمناوره واسعة لاحياء المشروع العروبي الوحدوي وفق رؤية الواقع المعاش والطموح الذي يوصل الى بناء واحياء المشروع العروبي من جديد ،، فاليوم المشروع الصهيو-امريكي تغلغل بعمق الكيان العربي، واصبح هو القائد لمسيرة الحراك العربي وهو الموجه لها ليتبدل العدو وتتبدل القيم وتصبح الطائفة عنوان الوجود والقومية هدف للاستقلال والمذهبية هي الحزب والوطن، وو، الخ ،،،، وهذه الحقيقه لاينكرها الا أنسان يعيش بعصر اخر على وجه هذه المعمورة .

أن القومية العربية أو العروبة في مفهومها المعاصر وفق تعريف قوميي العروبه الجدد ،، الذين نسو للأسف مشروع الوحده الاكبر ،، وبنو تعريفهم على المصطلح التالي وهو الإيمان بأن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج، وللأسف الكل تحدث عن هذا الأيمان ولم يعمل به أحد، وللأسف أيضآ اقول انه ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1978،ومابعد فقد تبنت معظم الأنظمة العربية والعروبية منها شعارات جديدة تمجد الانتماء القطري وتضعه في مقدمة الأولويات ,, وازداد هذا الشعار ظهورا بعد الفشل الذريع الذي منيت به بعض الأنظمة العروبية على صعد تتعلق بانهزام مشروعها امام المشروع المتكون من الحلف ,, الصهيو -امريكي -الاعرابي -والاسلاميين الجدد، وعلى صعد الديمقراطية والتنمية والاقتصاد وزيادة البطالة ومشاكل التعليم والصحة، فأصبحت بعض الأنظمة تنمي مشاعر التفرقة وتقيم الجدران بين قطر وآخر ،، علاوة على ذلك، أصبحت هناك شعارات تمجد الانفصال والنزعة القطرية ،، شيئا عاديا ومألوفا، وأصبح كل نظام عربي يحاول العثور على انتماء غير عربي سواء كان فرعونيا أو فينيقيا أو إفريقيا، وو، ألخ.

والسؤال الاهم هنا أين كانت الحركة القومية  العربية من كل هذا؟,, ببساطة ستكون الاجابة هي، الانغلاق وعدم الانفتاح مع ان هذا التوجة الانغلاقي الضيق لم يجلب سوى المصائب على المستوى القطري والمستوى القومي، فلم تستطع الأنظمة العروبيه حل مشاكلها الداخلية أوالحفاظ على أمنها أو تحقيق النمو والازدهار لشعوبها وقدعانت دول مثل مصر والعراق ولبنان واليمن من عنف دموي أو انقسام طائفي وصل أحيانا حد الحروب الأهلية، ولم تستطع معظم الأقطار العروبية تخفيض معدلات البطالة العالية أو الفقر أو الجهل أو الأمية .

ومن هذا الباب فأن حديث أغلب المعارضين لهذه الحركه القومية العربية هو كالأتي،،” لقد كانت الهزائم التي تلقاها العرب بحروبهم مع الكيان الصهيوني هي صفه تلازم الحركة القومية العربية، لقد كان سبب د خول امريكا الى العالم العربي ،، هي الحركة القومية العربية ،، لقد كانت دائمآ للاسف صفة الانظمه الاستبدادية تلازم الحركات القومية العربية ورموزها” ،، وهذا للأسف بسبب الانغلاق التي عاشته هذه الانظمة وهذه الحركات على أنفسها، فمن اليوم علينا أن نعرف حقيقة أنه ليس كل من ينتقد ايديولوجية القومية العربية وينتقد آراء او مواقف القوميين بمختلف فصائلهم هو عدو لنا، ، بل قد يكون هو الناصح والصديق ،، والذي يبحث له عن مكان بين الحركة القومية العربيه ولكن يريد أفكار جديده تتماهى مع خطورة المرحلة تتماهى مع طبيعة التغير الحاصل بقواعد عروبتنا والتي أصابتها حالة من الانكسار بالمرحلة الاخيرة.

فاليوم لسنا بحاجه للتذكير ،، أن عبد الناصر قد ذهب لغير عوده ،، ولم تعد مصر هي مصر عبد الناصرفقد كانت وانتهت وهذه حقيقه، وفلسطين لم تعد قضية جامعة لكل العرب، ولم يعد العراق هو عراق البعث بل أصبح عراق الطوائف والملل والاعراق وهذه حقيقه أيضآ ، وسورية اليوم ليست سورية الامس مع علمنا انها تواجه اليوم أكبر ازمة معقدة ومركبة بتاريخها الانساني والحضاري والبشري ولكن مازلنا للأن نراهن ونقف بصفها لانها أخر قلاع العروبة ،، ولسنا بحاجه أيضآ ألى ان نذكر ان المشروع الصهيو -امريكي وصل الى مراحل متقدمة بخطط التنفيذ .

وهنا ولانصاف الحركة القومية العربية فلابد من ذكر هذه الحقيقة ،، فقد عارض وحارب المد القومي العربي تاريخيآ مجموعة من المفكرين الليبراليين المتعلقين بالغرب والذين يدعون إلى الحفاظ على السيادة الوطنية بحجة وجود هوية أو هويات قطرية نابعة من حضارات مرت على الوطن العربي واندثرت الآن من فينيقية وفرعونية وكنعانية وبابلية، الخ ،، و يبرز هذا التيار بأقوى صوره في مصر ولبنان ،، كما لاقت القومية العربية معارضة من بعض رجال الدين الذين يتسترون بستار الاسلام وبخاصة من التيار الوهابي، الذين شككوا بنوايا مؤسسي الفكر القومي، واتهموا الفكر القومي بافتقاره الأيديولوجية اللازمة للتعامل مع الإنسانية والمجتمع سواء في بلاد الإسلام أو خارجها، واتهموا القوميين بأنهم تلقوا أفكارهم من أحضان الغرب والماسونية,,و برز هذا الفكر أساسا في السعودية كجزء من حالة الاستقطاب التي كانت سائدة بين الأنظمة القومية من جهة والأنظمة الملكية المرتبطة عموما بالغرب والتي يصفها القوميون واليساريون بالرجعية .

ختامآ ,، عندما نتحدث عن واقع الحركة القومية العربيه، فهذا الحديث ينبع من غيره، ولسنا ناقدين بل نريد البناء وتصحيح الاخطاء التاريخية، فنحن نؤمن بالقومية العربية المشتقة من وحي الاسلام المحمدي المعتدل لانها الأصل في الوحدة العربيه لأن الوحدة المنسجمة هي خير مخلص لنا كعرب، وأن التجزئة القطرية عارضة ومصطنعة بدأها الاستعمار واستكملتها أنظمة الحكم القمعية لتقوية الشعور القطري وواقع التجزئة ,,للحفاظ على عروش اغتصبوها وكراسي لم يستحقوها …..

* كاتب وناشط سياسي -الاردن.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.