من يقف خلف الأبواب / د. يحيى محمد ركاج

 

د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الأربعاء 4/3/2015 م …

 *باحث في السياسة والاقتصاد

تقترب الأحداث التي تشهدها سورية من نهاية العام الرابع على التوالي ويقترب معها وأد الحلم العربي في وحدة حملناها في صدورنا شعارات رنانة لسنوات طوال، وحلمنا بتحقيقها بعد أن روينا أرضنا العربية بدماء أهلنا وذوينا.

أربعة أعوام تحمل لنا أيضاً جرحاً كبيراً ناجم عن الحجم الكبير لخيانة بعض العربان وعمالتهم بالرغم ممَّ يعلنوه أمام شعوبهم من مبادئ.

أربع سنوات مرت ولم يخل فيها شهر أو اسبوع من التقاء الأعراب فيما بينهم ومع الأجانب للتآمر سعياً لمزيدٍ من سفك الدم السوري.

أربع سنوات حملت معها انتصارات عظيمة سطرها عناصر الجيش العربي السوري بمداد دمائهم، وخلفت ورائها أيضاً فقدان الكثير من شباب الأمة وعقولها وعلمائها دون أي رادع أخلاقي أو وجداني أو حتى حساب للمصلحة الوطنية في ميزان البقاء والسيادة للدول العربية والاسلامية المشاركة في العدوان على سورية أو للدول الصامتة والمتفرجة تحت مسمى الحياد.

إن المفارقة الغريبة في الأمر معرفة جميع الدول بلا استثناء لأهداف ونوايا العدوان على سورية ومعرفة أثاره أيضاً ومدى خطورته عليهم، بيد أنهم يسيرون صم بكم عمي لا يفقهون.

كما يتجلى الحدث الجديد القديم فيما أعلنه أحد مسؤلي الأمن القومي الأمريكي عندما سأله أحد الإعلاميين المنخرطين في الهجوم على سورية في ساعة أُنس عن الأهداف الأمريكية في الحرب التي تُشن على سورية، حيث أعلنها بكلمات واضحة صريحة لا تحتاج إلى علامات ترقيم أو تشكيل أو تصريف أو تهجئة أو حتى زخرفة، بقوله:

لن تتوقف سورية عن دعمها للمقاومة إلا إذا تم تدمير بنيتها التحتية وإشغالها بحالها بعيداً عن شعارات القومية التي تسوق لها، ولن نستطيع إيقاف تمدد حزب الله ما لم نزجه في صراعات الشعوب التي تدعمه وتحتضنه، فقد أصبحت شعبيته تشكل خطراً حقيقياً إن استمرت على منوالها السابق، خاصة مع الرعاية السورية التي يتلقاها. ولن نستطيع إيقاف الطموح الإيراني ما لم نعمد إلى استنزاف مواردها المادية والبشرية، وإشغالها بعداوات تلهيها عن متابعة البناء، وفي نهاية الأمر فقد قمنا بالتخلص من كل من قد يحمل في يوم من الأيام شعور العداء لأمريكا، إذ جمعناهم في بقعة واحدة (سورية) ليدمروها ويُقتلون، ومن يبقى للنهاية ويظن أنه قوي يمكننا التخلص منه دون عناء بعد أن تكون الحرب قد أثقلته.

 وعند سؤاله عن روسيا والصين تبسم وتابع سهرته بأحاديث اجتماعية (كما نقل البعض) وإن كنت أعتقد أن إجابته ماكانت لتخرج عن نطاق الاستراتيجية الأمريكية القديمة في الاحتواء ،رغم اختلاف بعض الحسابات العالمية عموماً وتغيُّر التكتيك الأمريكي على وجه الخصوص.

فالحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لا تستند فقط على التبادل التجاري وسندات الخزينة والسوق الآسيوية بل تمتد إلى الوصول الأكفأ للأسواق الأوروبية بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا لن يتوقف عند اقتسام بعض مناطق النفوذ فقط حيث الإثنين متفقين على استمرار التقسيم والتجزئة لمناطق الصراع التي تجمعهما، بل سيمتد ليشمل السيطرة على المستقبل سواء أكانت السيطرة مباشرة أو غير مباشرة.

واللافت في الأمر إدراك العربان لكل ما سبق، واستمرارهم في القافلة نفسها التي تجمع كلاب الولايات المتحدة الأمريكية بتبجح كاذب مستتر بشعارات السيادة والأمن القومي، فقد بدأت معظم الدول العربية المنخرطة في الحرب على سورية بالترويج أمام شعوبها لخطر التنظيم الإرهابي المسمى (داع ش) مع استمرارها في دعم الإرهاب سراً، وهي تدرك أن فتح باب الإرهاب سوف يقوم بتجزئتها وتقسيمها، ولكنها تتجاهل من يقف خلف هذه الأبواب عمداً وغباءً تحت وعود وأوهام يسوقها لهم الغرب. فحكامها يريدون كرسي ولو كان بأرجل خمسة واحدة منها مقلوبة.

كما تقوم باقي الدول بلعب الدور المرسوم لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهي تدرك أن مصيرها كالدول التي سبقتها في طاعة الأمريكان ورغم ذلك فهي تستمر في طرق الأبواب التي حُددت لها.

إن حكومات الدول العربية تتجاهل ولا تريد أن تفصح عمن يقف خلف هذه الأبواب التي تحددها الولايات المتحدة الأمريكية، فهل يستطيع الشعب العربي تدارك بلاهة حكوماته، أم أن سيلان الدماء قد قضى على الشرف العربي ونخوته لديه

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.