ويتصاعد العدوان الصهيوني على القدس والاقصى

 

 

فؤاد دبور* ( الأردن ) الأربعاء 19/7/2017 م …

ويتصاعد العدوان الصهيوني على القدس والاقصى …

القدس، مدينة عربية المنشأ والطابع والهوية منذ فجر التاريخ، ثم أصبحت عربية إسلامية منذ البيعة العمرية عام 637م، وهي رمز حضاري وديني مقدس عند المسلمين والمسيحيين حيث المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومكان نهاية إسراء الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وانطلاق معراجه إلى السماء، مثلما توجد فيها كنيسة القيامة المقدسة، هذه حقائق تاريخية مجسدة على ارض الواقع تدحض مزاعم اليهود والصهاينة وتوراتهم المزيفة.

وقع الجزء الشرقي من المدينة المقدسة في قبضة الاحتلال الصهيوني اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967، وبذلك أصبحت المدينة كاملة تحت الاحتلال الصهيوني وكان هذا حلماً طالما سعت الحركة الصهيونية وقادتها لتحقيقه، منذ انعقاد مؤتمرها المنظم الأول عام 1897م بقيادة الصهيوني ثيودور هيرتزل الذي قال، إذا ما وقعت القدس تحت الاحتلال في حياتي فسوف احرق كل ما هو ليس يهوديا فيها. وهذا ما اقدم عليه الصهاينة في نهاية شهر آب عام 1969، حيث اقدموا على حرق المسجد الاقصى المبارك اما ديفيد بن غوريون فقد قال (لا معنى “لإسرائيل” بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل)

ولم تمر سوى أيام، بعد احتلال الجزء الشرقي من المدينة، وبالتحديد في الحادي عشر من حزيران 1967م أي بعد خمسة أيام فقط من احتلال الضفة الغربية حتى بدأت عمليات تهويد القدس عبر إصدار الحكومات المتعاقبة قرارات استيطان المدينة وضواحيها وفي السابع والعشرين من حزيران عام 1967م اصدر الكنيست الصهيوني قرارا أعطى حكومة الكيان الصهيوني حق ضم الجزء الشرقي من المدينة إلى الكيان الصهيوني بمعنى ان احتلال الجزء الشرقي من المدينة قد شكل انعطافا هاما في الواقع السياسي والجغرافي والديموغرافي لها حيث أخذت سلطات الاحتلال الصهيوني تعمل وبشكل مكثف على مضايقة السكان العرب المقادسة من أجل إجبارهم على الرحيل عن منازلهم ومدينتهم ليحل مكانهم المهاجرون اليهود، كما أقدمت هذه السلطات على بناء أحياء يهودية في المدينة على حساب المنازل العربية حيث اقدمت هذه السلطات على هدم العديد منها، كما استولت على مساحات واسعة من أراضيها وأقامت عليها مستعمرات استيطانية من أجل تطويقها وعزلها عن بقية المدن والقرى العربية وتشديد القبضة الصهيونية عليها في محاولة لطمس هويتها العربية والإسلامية تهيئة لتهويدها وجعلها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني وأصبحت القدس محورا للصراع بين الصهاينة والفلسطينيين الذين قدموا قوافل الشهداء من أجل الدفاع عن القدس ومقدساتها وبخاصة المسجد الاقصى، وما زالوا، فالقدس تحتل مكانة خاصة عند شعب فلسطين مثلما هي محط اهتمام العرب والمسلمين وكذلك المسيحيين وهذا الاهتمام نابع من المكانة التي تمثلها المدينة المقدسة.

ان ما تعرضت وتتعرض له مدينة القدس من إجراءات صهيونية يشكل جزءا من عملية إبادة للسكان العرب حيث ترتكب المجازر والمذابح ويتم التهجير القسري والاعتداء على المقدسات والتراث الحضاري والديني، وإذا كانت قضية الصراع حول مدينة القدس مع الصهاينة يشكل محورا ومرتكزا أساسيا لدى شعب فلسطين الذي انتفض من اجل القدس وبخاصة الانتفاضة الثانية عندما اقدم الارهابي المقبور شارون على تدنيس المسجد الاقصى وخرقه لحرماته وقاوم وضحى، ولا يزال، فإن قضية القدس تتجاوز كونها قضية فلسطينية، لأنها في حقيقة الأمر قضية عربية إسلامية ومسيحية وهي من حيث جوهرها تشكل سببا هاما من أسباب الصراع الرئيسية على المستويات السياسية والحضارية والتاريخية والدينية والاجتماعية والاقتصادية.

كما انها تحمل من المنظور الصهيوني أبعادا تاريخية ودينية كما يدّعون مما يجعلها تدخل دائرة الصراع السياسي والديمغرافي والاقتصادي والعسكري، بمعنى ان المدينة المقدسة وفقا للأساطير اليهودية تأخذ أبعادا متداخلة دينية وسياسية .

اكدت التحركات الصهيونية التلمودية التي شهدتها مدينة القدس العربية ومنذ عقود على استهداف المقدسات الاسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك.

المدينة المقدسة مدينة عربية وإسلامية مما يجعلنا نؤكد على مسؤولية كافة العرب والمسلمين في شتى أنحاء الأرض ويحتم عليهم الحفاظ على هويتها العربية والإسلامية وشرعيتها التاريخية وعدم التخلي عنها مهما بلغت التضحيات خاصة وإنها حاضنة لمقدساتهم، ويجب عدم تحميل الفلسطينيين فقط مسؤولية الدفاع عن القدس والمقدسات حيث يؤدون واجبهم الوطني والقومي والديني.

تتعرض القدس ومقدساتها لعدوان اجرامي مما يتطلب الوقوف مع شعبنا العربي الفلسطيني المقاوم والمجاهد، يقدم الدم دفاعا عن القدس والمقدسات وبخاصة المسجد الاقصى المبارك وحائط البراق والصخرة المشرفة.

وها هي الاجراءات الصهيونية ترتفع امام حق الشعب الفلسطيني المشروع في المقاومة والمواجهة وما الشهداء الثلاثة الذين جادوا بأرواحهم دفاعا عن الاقصى والقدس والمقدسات، عن فلسطين الارض والشعب والحقوق، حيث اقدم العدو الصهيوني على اتخاذ اجراءات عدوانية خطيرة وغير مسبوقة منذ عقود تمثلت بمنع الصلاة في المسجد الاقصى المبارك تلت محاولة حرق المسجد الاقصى، وغير مسبوقة في التاريخ، اللهم الا مع العصابات الارهابية من “داعش” وما يسمى بـ “النصرة” وغيرها التي اقدمت على حرق وتدمير المساجد والكنائس في حلب والموصل وعديد المدن السورية والعراقية واغتيال علماء المسلمين، وخطف رجال الدين المسيحيين.

نعم، يتصاعد العدوان الصهيوني الاجرامي على القدس والمسجد الاقصى والمقدسات والمواطنين ولكن في الوقت نفسه تتصاعد المقاومة والتضحيات وشهادة الشهداء الذين يقدمون ارواحهم رخيصة لمواجهة العدوان ومن المؤلم ان نجد من يستهينون بهذه الدماء الطاهرة ويقدمون الاعتذار للمجرم الارهابي نتنياهو عن هذا الفعل من اجل الوطن والارض والشعب والحقوق والمقدسات.

*الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.