أحجية التوافقات حول سوريا!

 

 

المبادرة الوطنية الأردنية / جورج حدادين ( الأربعاء ) 19/7/2017 م …

أحجية التوافقات حول سوريا! …

البعض يجزم بصفقة قد تمت، بين ترامب و بوتين، بخصوص سوريا، بينما البعض الآخر يجزم بأنها محاولة ستفشل كما سبقها من محاولات.

هل هي أحجية أم احتمال يمكن وضعه، للتمحيص والتدقيق، تحت مجهر البحث الموضوعي، وللحكم عليه من خلال العلاقات والمصالح الاقتصادية والسياسية وطبيعة هذه العلاقة تناحريه أم تنافسية بين الطرفين الروسي والأمريكي.

إلقاء نظرة موضوعية على طبيعة العلاقة بين روسيا وأمريكا، وبين أطراف الصراع داخل كلٍ منهما، قد يمكّن من التكهن من صيرورة هذا الصراع واحتمالاته ومآلا ته.

الطرف الأول الولايات المتحدة:

داخل صناع القرار في الولايات المتحدة هناك موقفين متمايزين بالنسبة للعلاقة مع روسيا الاتحادية:

القطب الأول – الانكفائوين- يرون الثروات الطبيعية والمقدرات الهائلة التي تمتلكها روسيا، ويضعون نصب أعينهم مجالاً واسعاً وإمكانات متاحة للسيطرة عليها واستغلالها لصالح الشركات الأمريكية العملاقة، أي إنهم يرون في روسيا سوقاً كبيرةً وثروات ومقدرات هائلةً، وهم -أصحاب هذه النظرية – يرون في روسيا شريكً قابلاً للاستغلال، والتناقض معه تنافسي استغلالي.

القطب الثاني – المحافظون الجدد – ينطلقون من نظرية الهيمنة القائمة على عدم السماح لقيام قطب منافس للولايات المتحدة على الصعيد العالمي، أيا كان، وأصحاب هذه النظرية يعتبرون التناقض مع روسيا تناقض تناحري، كما كان في الحقبة السوفيتية.

الطرف الثاني روسيا الاتحادية:

القطب الأول، البرجوازية الوطنية الروسية، التي تنطلق من ضرورة فرض المصالح الروسية على الصعيد العالمي بالقوة المتاحة، جورجيا، أوكرانيا ،ضم القرم، والتدخل العسكري القوي في سوريا، ويعتبرون التناقض مع الولايات المتحدة تناقض تنافسي لا يصل إلى حالة التناقض التناحري، لأنه في غير مصلحتهم، على الأقل في الظرف الراهن.

القطب الثاني، البرجوازية المالية أو الطغمة المالية الروسية، وهم يرون في الطغمة المالية العالمية ، وخاصة الأمريكية، شريكاً والتحالف معها عضوياً، يدعم هذا التوجه، البنك المركزي الروسي، الذي ما زال منذ فترة التأسيس، على يد الخبراء الأمريكان – فترة يلسن- بنكً خاصاً لا يخضع لسلطة الدولة الروسية (لا التنفيذية ولا القضائية ولا التشريعية) لا بل يعتبر في الواقع فرعاً للبنك الفدرالي الأمريكي، الذي هو بدوره قطاعاً خاصاً، لا يخضع لسلطة الإدارة الأمريكية.

أنه صراعا بين أطراف متباينة والعلاقات بينها متداخلة، والتفاهمات تنطلق من موازين القوى على الأرض وتتحدد تبعاً لذلك.

من هو الطرف صاحب المصلحة الحقيقية في الحسم على الأرض السورية؟

هل الأزمة السورية قد نضجت وحان حلها بالتوافق، بين كافة الأطراف المشاركة في هذه الحرب، وهي بالتأكيد ليس فقط روسيا وأمريكا؟

هل الحرب في سوريا وعلى سوريا في خواتمها ؟

وهل الصراع على الصعيد الدولي قد وصل إلى خواتمه؟

لا يمكن رؤية ملامح ولا مؤشرات حقيقية دالة على فرضية نضوج الأزمة، لا على الصعيد السوري ولا على صعيد المنطقة ولا على الصعيد العالمي.

تستطيع أن تضع حجرة بشكل بيضة تحت دجاجة لمدة (21) يوماً لن يخرج منها كتكوتاً، وتستطيع أن تضع بيضة غير ملقحة للفترة ذاتها تحت الدجاجة، ولن يخرج منها كتكوتاً، بينما عندما تضع بيضةً ملقحة تحت الدجاجة ذاتها للفترة ذاتها، سيخرج بالتأكيد كتكوتاً، بحسب الطلب.

لكي تنضج الأزمة السورية وتصبح قابلة للحل لا بد من الفعل الذاتي للمجتمع السوري ذاته.

لا بد ولا بديل عن فعل المجتمع السوري والجيش السوري وقوى المقاومة المتحالفة مع الجيش السوري، وقبل كل ذلك يتوجب:

•       التحضير وحشد قوى المجتمع السوري، وبناء مقاومة شعبية ، تنخرط فيها كافة الشرائح الوطنية السورية : الكادحة والمنتجة، على أرضية مشروع وطني حقيقي ، لتحرير كافة الأراضي السورية المحتلة، قديماً وحديثاً، والفرصة المتاحة اليوم عظيمة، وخاصة أن كافة الأطراف المعتدية على سوريا مأزومة ، الولايات المتحدة ومعها المركز الرأسمالي العالمي، تركيا دول الخليج…الخ

•       صياغة مشروع تحرري يضمن القضاء على مجموعات التبعية: في الحكم وفي السوق وفي صفوف المعارضة، وكافة مظاهر الفساد والاستهتار بأرواح وممتلكات المواطنين، وتنمية قوى الإنتاج الوطني، خاصة لأهميتها الاستثنائية في مرحلة إعادة البناء، وإغلاق الباب أمام كافة القوى التي ساهمت في دمار سوريا، من العودة إلى الفعل في الواقع السوري، عبر بوابة إعادة البناء،

•       لا بد من فتح الآفاق رحبةً أمام بناء حركة تحرر وطني عربي قادرة على حمل مشروع التحرر الوطني في سوريا وعلى كافة أرجاء الوطن العربي.

” كلكم للوطن والوطن لكم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.