أخي جاوز الظالمون المدى

 




د. فايز رشيد ( السبت ) 23/7/2017 م …

أخي جاوز الظالمون المدى

” ما قبل الصهيونية، حاول غزاة كثيرون تطويع إرادة الفلسطينيين العرب الكنعانيين اليبوسيين, ارتكبوا مجازر كثيرة بحق شعبنا وأمتنا, لكنهم طُردوا من أرضنا ومن شواطئنا, كانت الأرض الفلسطينية ناراً عليهم, كما بقيت صامدة أمامهم, وارتدوا يجرّون أذيال الخيبة, جاءت الصهيونية ومن بعدها وليدتها إسرائيل لترتكب المجازر والمحارق, حتى باتت هذه المعاناة جزءاً من تاريخ المنطقة,”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأنا أراقب ما جرى في القدس يوم الجمعة الماضي على أيدي الجلادين الصهاينة, الذين منعوا الفلسطينيين من الصلاة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, المسجد الأقصى, تذكّرت قصيدة علي محمود طه :أخي جاوز الظالمون المدى… فحقّ الجهاد.. وحقّ الفدا.أنتركهم يغتصبون العروبة؟ مجد الأبوة,, والسؤددا؟ .. وليسوا بغير صليل السيوف… يجيبون صوتا لنا أو صدى. فجرِّدْ حسامَكَ من غمــدِهِ .. فليس لهُ, بعدُ, أن يُغمـدا.أخي, أيهـــا العربيُّ الأبيُّ ..أرى اليوم موعدنا لا الغـدا.أخي، قُمْ إلى قبلة المشرقيْـن ِلنحمي الكنيسة والمسجـدا. وقبِّل شهيدًا على أرضهـــا .. دعا باسمها الله و استشهـدا.فلسطين تحميكِ منا الصـدورُ .. فإمًا الحياة وإمــا الرَّدى.رأيتهم كيف يحشدون 15 ألفا من جنودهم في البلدة المقدسية القديمة, وكيف يرشون المصّلين بالمياه العادمة, ويستعملون قنابل الغاز والرصاص المطاطي والحيّ , ضدّ مدنيين عُزّل إلا من إيمانهم بربهم وعشقهم لوطنهم, واستعدادهم للاستشهاد في سبيل حبات ترابه, لقد منعوا سيارات الهلال الأحمر من الوصول إلى مواقع الإصابات, وأقاموا الحواجز الإسمنتية في طريق الحافلات المليئة بأبناء شعبنا المتجهين لنصرة القدس, والتي جاءت بهم من كلّ أنحاء الأرض الفلسطينية للصلاة في الأقصى.

لقد منعوا كل الرجال دون سنّ الخمسين من الدخول إلى المدينة المقدسة. رغم كلّ وسائلهم الفاشية, أصرّ شعبنا على عدم المرور من البوابات الإلكترونية, التي وضعوها على بوابات الأقصى بعد العملية البطولية في باحاته قبل أسبوع. صلّى الحاضرون عند الأبواب. إنهم بالفعل منعوا الفلسطينيين من الصلاة في الأقصى. وأنا أكتب مقالتي هذه, احترت في استعمال الكلمات في وصفهم ؟ فاشيين, قتلة, نازيين, متوحشين,لكن كلّ هذه الكلمات أصغر من مدى همجيتهم وساديتهم! لعل الشيطنة تفيهم بعض ما يستحقون من وصف, لكنهم أبشع منها. الشياطين قد تسالم, أما الصهاينة فلا! تذكّرت بيت شعرأبي الطيب المتنبي القائل: لا يقبض الموتُ نفساً من نفوسهم.. إلا وفي يده, من نتنها عودُ, الذي يصلح لوصفهم. أمع مثل هؤلاء يتصور الساذجون إقامة السلام؟ قبل يومين فقط صوّت الكنيست الصهيوني على عدم الانسحاب من أي جزء من القدس إلا بأغلبية ثلثي أعضاء الكنيست, ومن ثم إجراء استفتاء “شعبي” على الخطوة, أهؤلاء سيوافقون على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967؟ لا توهموا أنفسكم بهذا السراب! صراعنا مع هؤلاء صراع وجود, إما نحن أو هم, التاريخ والعدالة والحق والدين, يقولون بأننا المنتصرون في النهاية, ولكن شريطة أن نعدّ للصراع عدّته, وسننتصر.

كلمات الشاعر الكبير علي محمود طه, كتبها في نهاية خمسينيات القرن الماضي , واصفاً فيها ما ترتكبه إسرائيل من مذابح ومجازر ليس بحق الفلسطينيين فحسب, وإنما بحق الأمة العربية بأسرها. بعد كتابة القصيدة انظروا مذابح الكيان, من مذابح دير ياسين والطنطورة وكفرقاسم وقلقيلية مرورا بمذابح بحر البقر وقانا الأولى والثانية وصولا إلى المذابح اليومية للأطفال الفلسطينيين, قديمها وجديدها, والمذابح الحالية التي يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنون والمستعربون, تثبت بما لا يقبل مجالاً للشك, أن إسرائيل ليست خطرا على الشعب الفلسطيني فقط , وإنما على الأمة العربية الواحدة بكل شعوبها من المحيط إلى الخليج, وعلى الإنسانية جمعاء.

ما قبل الصهيونية، حاول غزاة كثيرون تطويع إرادة الفلسطينيين العرب الكنعانيين اليبوسيين, ارتكبوا مجازر كثيرة بحق شعبنا وأمتنا, لكنهم طُردوا من أرضنا ومن شواطئنا, كانت الأرض الفلسطينية ناراً عليهم, كما بقيت صامدة أمامهم, وارتدوا يجرّون أذيال الخيبة, جاءت الصهيونية ومن بعدها وليدتها إسرائيل لترتكب المجازر والمحارق, حتى باتت هذه المعاناة جزءاً من تاريخ المنطقة, إرادة شعبنا لم تُطوّع, وبقي الفلسطينيون وصمودهم مثل أشجار زيتوننا ومناراتنا البحرية وورودنا وقمحنا, ومثلما ارتدّ أولئك الغازون,سيرتد هؤلاء الصهاينة, طال الزمن أم قُصُر.

من قبل: كتبت في العزيزة “الوطن” عن حتمية زوال الكيان الصهيوني لأسباب داخلية فيه ,ولأخرى خارجية. اليوم أفصّل في أحد أسباب مقالتي تلك. وأقول: إن يكون نظام ما فاشيا في سلطته ونهجه وممارسته واعتداءاته المستمرة على الآخرين في محيطه, هي مصيبة,، فكيف بفاشية بنت دولتها على أرض اغتصبتها عنوة وبالتعاون مع الدول الاستعمارية, لتكون رأس جسر لها في منطقة غريبة عن مستوطنيها؟ كيف بنظام فاشي يقوم باقتلاع سكان البلد الأصليين وتهجيرهم, واستقدام مهاجريه من شتى أنحاء العالم ليكونوا سكان البلد المحتل, الذي يدّعون الحق فيه زورا وبهتانا ؟ كيف بنظام يمارس العنصرية البغيضة في سياساته تجاه كل الآخرين؟ كيف بنظام سياسي اعتبرت الأمم المتحدة أن مصدره الأساسي والنبع الذي يستقي منه النهج والأساليب الممارسة, وهي الصهيونية, ظاهرة عنصرية وشكلا من أشكال التمييز العنصري؟ الكيان الصهيوني هو كل هذه الصفات مجتمعة, ولكن بشكل أكثر تطورا, أكثر وحشية وعنفا وهمجية.إنه نظام سياسي وصل إلى مرحلة ما بعد الفاشية, ما بعد النازية, وما بعد العنصرية .. إنه نظام سوبر من كل هذه المظاهر مجتمعة, بالتالي من الطبيعي والحالة هذه أن تكون حتمية اندثاره أسرع بكثير من زوال الأنظمة الشبيهة الأخرى ,على المدى التاريخي القديم والآخر الجديد.

العدوان الصهيوني المتواصل على الضعب الفلسطيني والأمة العربية, هو حلقة من سلسلة متواصلة للحروب والاعتداءات الصهيونية .العدوانية هي إحدى متلازمات وجود إسرائيل وسماتها المتعددة. لقد أدركت شعوب العالم في تجربتها المرة مع النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية, ألا تعامل مع الظاهرتين إلا بالقضاء عليهما واجتثاثهما من الجذور. إسرائيل ليست استثناء, مسألة إزالتها خاضعة لموازين القوى وهذه متغيرة.لذا,فإنني من يؤمنون ويعتقدون بحتمية زوال إسرائيل.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.