ورقة معلومات حول المسجد الأقصى والمخاطر المحدقة به

الإثنين 24/7/2017 م

الأردن العربي – إعداد: قسم الأبحاث والمعلومات
مؤسسة القدس الدولية
أولًا: حول المسجد الأقصى
المسجد الأقصى هو أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد وضع في الأرض، وثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، وباركه الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم، وهو مسرى النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم، إلخ.
تبلغ مساحة المسجد الأقصى 144 دونمًا (144 ألف متر مربع) ويشمل نحو 200 معلم تضم العديد من المصليات والمتاحف والمدارس والمآذن والقباب، إلخ. والجامع القبلي وقبة الصخرة جزءان منه.
يزعم اليهود أنّ لهم “هيكلًا” أو “معبدًا” كان موجودًا مكان المسجد الأقصى وبناه سيدنا سليمان عليه السلام، ولذلك يسعون لإعادة بناء المعبد المزعوم كهدف استراتيجي، ولكنّ الحقائق الدينية والتاريخية والعلمية تؤكد أن المسجد الأقصى كان موجودًا قبل مجيء بني إسرائيل بآلاف السنوات، فقد بُني بعد الكعبة المشرفة بأربعين عامًا كما أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكما تدلّ التركيبة الهندسية المتشابهة للكعبة وللأقصى، ولم يبنِ أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام “معبدًا” خاصًّا بهم إنما رمّموا المسجد الأقصى وتعبدوا فيه. ورغم العقود الطويلة التي قضاها علماء الآثار الأجانب واليهود للبحث عن آثار يهودية تدل على وجود المعبد المزعوم إلا أنّ كل محاولاتهم باءت بالفشل ولم يعثروا على أي أثر يهودي أسفل الأقصى وفي محيطه.
في 7/6/1967 احتل الصهاينة كامل مدينة القدس بما في ذلك المسجد الأقصى، واستولوا على مفاتيح باب المغاربة الواقع في السور الغربي للأقصى وصاروا يتحكمون باقتحامات المستوطنين المتطرفين للأقصى عبر هذا الباب. بعد احتلال كامل القدس والمسجد الأقصى في حزيران/يونيو 1967 حاول الاحتلال الإسرائيلي فرض هيمنته الكاملة على المسجد الأقصى، ولكنّ المواقف الباسلة والصلبة لعلماء القدس وقضاتها ووجهائها والتي واجهت إجراءات الاحتلال الجديدة بحقّ الأقصى أجبرت الاحتلال الإسرائيليّ على التراجع عن قراره، واضطرّ لإعادة تسليم إدارة الأقصى لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وهي الجهة المشرفة عليه أصلًا.
يعتبر الأردن هو الوصيّ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية هي الجهة الوحيدة المعنيّة بإدارة المسجد الأقصى.

ثانيًا: أبرز المخاطر التي تهدد الأقصى
تقسيم الأقصى: يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى بناء المعبد المزعوم كهدف استراتيجيّ، ولكنّه يدرك صعوبة ذلك حاليًّا فقرر العمل على تحقيق هدف مرحليّ وهو تحقيق وجود يهودي مباشر في الأقصى ومحيطه وأسفله لتثبيت ما يزعم أنه “الحق اليهودي في جبل المعبد”، وفي هذا السياق يعمل الاحتلال على تقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا بين المسلمين واليهود كما فعل في المسجد الإبراهيمي في الخليل. وتقضي خطته لتقسيم الأقصى بتخصيص أوقات لليهود لاقتحام الأقصى من دون المسلمين، وأوقات للمسلمين من دون اليهود حيث يسعى الاحتلال لجعل الأوقات الصباحية من الساعة 7 حتى ما قبل الظهر، ومن بعد صلاة الظهر إلى قبيل صلاة العصر أوقات خاصة لاقتحامات اليهود اليومية، وما عدا ذلك من أوقات للمسلمين، فيما يكون المسجد من حق اليهود فقط في أعيادهم ومن حق المسلمين فقط في أعيادهم. أما التقسيم المكاني فيهدف الاحتلال من خلاله إلى السيطرة على أجزاء من الأقصى لتكون مكانًا لصلاة اليهود وأداء طقوسهم، والراجح أن هناك محاولات للسيطرة على الساحات الشرقية الشمالية المقابلة لقبة الصخرة.
تطور المواقف الإسرائيلية باتجاه السيطرة على الأقصى: على مدار نحو 50 عامًا من احتلال الأقصى تطورت مواقف الأطراف المختلفة في دولة الاحتلال من الأقصى باتجاه فرض تقسيمه والسيطرة عليه وتثبيت “حق اليهود في الصلاة في المعبد” وذلك على المستويات الآتية:
دينيَّا: بعدما كان الحاخامات اليهود يحرِّمون دخول الأقصى بُعيْدَ احتلاله عام 1967 لأسباب خاصة بشريعتهم اليهودية، أصبح عدد متزايد منهم يشجع اليهود على اقتحامه. وقد نظّمت المنظمات العاملة لبناء “المعبد” أو “الهيكل” جهودها ووحّدتها في إطار “ائتلاف منظمات المعبد”، وهو ائتلاف يحوي عشرات الهيئات والمظمات اليهودية التي تعمل لبناء المعبد المزعوم مكان الأقصى، وتجلى التأثير الكبير لهذا الائتلاف في تصدره لدعوات اقتحام الأقصى وفرض تقسيمه وسيطرة اليهود عليه.
قانونيًّا: بعدما كانت محاكم الاحتلال تمنع أداء صلاة اليهود في المسجد الأقصى تحت طائلة العقوبة، أصبحت تُجيز لليهود بدءًا من عام 2003 الصلاة داخله بشكل فردي وجماعي. وتكثف طرح مشاريع تقسيم الأقصى داخل الكنيست لتشريع ذلك قانونيًّا، وبلغ الأمر أن تقدم بعض نواب الكنيست بمشروع يدعو لنزع الوصاية الأردنية والحصرية الإسلامية عن المسجد الأقصى.
سياسيًّا: ازدادت الكتلة الداعمة لصلاة اليهود داخل الأقصى في الكنيست والحكومة الإسرائيلية وباتت أكثر تأثيرًا، وأصبحت الحكومة بشكل أو بآخر ترعى كل ما يجري من اقتحامات واعتداءات على الأقصى من خلال دعمها “لائتلاف منظمات المعبد”، وتصدُّرِ وزراء ونواب ومسؤولين سياسيين وأمنيين موجات التحريض على الأقصى واقتحامه. وباتت مزاعم الاحتلال في ما يُسمَّى بـ “حق اليهود في الصلاة الجماعية في “جبل المعبد” تشكِّل إجماعًا لدى غالبية القادة السياسيين.
أمنيًّا: تغيرت وظيفة الشرطة الإسرائيلية من منع الصلاة داخل الأقصى خوفًا من ردات الفعل إلى حماية المستوطنين الذين يقتحمون الأقصى. وتعدى الأمر هذا الحدّ إلى مستوى تشجيع “منظمات المعبد” وتحريضها على تكثيف الاقتحامات بهدف إعطاء ذريعة للشرطة لفرض واقع أمني في الأقصى، وهذا ما صرّح به عدد من حاخامات اليهود ومسؤولي “منظمات المعبد”.
نزع الحصرية الإسلامية عن إدارة الأقصى: يسعى الاحتلال إلى نزع الحصرية الإسلامية عن إدارة شؤون الأقصى من خلال التضييق على دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وجعل وجودها شكليًّا فيما يتحكم هو بكل شؤون المسجد.
بناء مدينة يهودية أسفل الأقصى وفي محيطه: يعمل الاحتلال اليوم على بناء مدينة يهودية مقدسة تُحاكي الوصف التوراتي لـ “أورشليم اليهودية” المزعومة في محيط البلدة القديمة في القدس وفي محيط الأقصى وأسفل منه. وقد افتتح الاحتلال عشرات الكُنُس اليهودية والحدائق التلمودية والمتاحف والمراكز خلال السنوات القليلة الماضية.
الاقتحامات: تتصاعد وتيرة الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى برعاية من شرطة الاحتلال في خطوة تعكس نضج القرار السياسي والديني والقانوني والأمني لدى الاحتلال بتقسيم الأقصى وفرض وجود يهودي مباشر داخله. وقد بلغ عدد مقتحمي الأقصى من المتطرفين اليهود عام 2016 نحو 14806 ما يعني ارتفاعًا بنسبة 150% عن عدد عام 2009، وارتفاعًا بنسبة 28% عن عدد 2015، وقد بلغ عدد المقتحمين من عام 2009 حتى 2016 نحو 70000 مقتحم، وبجميع الأحوال فإن أعداد المقتحمين في ازدياد مضطرد. ويستغل الاحتلال الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية لتكثيف الاقتحامات. ولا تشمل هذه الأرقام جنود الاحتلال أو ما يسمى “السياح” الأجانب الذين يحملون أجندات صهيونية؛ فأعداد هؤلاء تصل إلى نحو ربع مليون مقتحم سنويًّا. وتجدر الإشارة إلى أن المتطرفين اليهود أصبحوا يتجرأون مؤخرًا على عقد قرانهم، والقيام بشعائر تلمودية يهودية داخل الأقصى، وقد شهد الأقصى اقتحامات يهودية له في العشر الأواخر من رمضان خلال عامي 2016، و2017 وهو أمر لم يتجرأ الاحتلال على فعله منذ عدة سنوات.
الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه: حتى نهاية عام 2016 كان هناك نحو 63 حفرية أسفل الأقصى وفي محيطه:31 منها في الجهة الغربية، و 25 منها في الجهة الجنوبية، و6 في الجهة الشمالية، وحفرية واحدة في الجهة الشرقية. وتبرر سلطات الاحتلال عمليات الحفر بحجة البحث عن “آثار يهودية” تعود للمعبد المزعوم، ولكن الهدف من الحفريات تخطى ذلك لتصبح شبكة الأنفاق والحفريات جزءًا من مدينة “أورشليم اليهودية المقدسة” التاريخية التي يعمل الاحتلال على بنائها لتكون المزار السياحيّ الأول في دولة الاحتلال. ويوظّف الاحتلال هذه الحفريات للترويج لادعاءاته الدينية والتاريخية المكذوبة من خلال تزوير الآثار العربية والإسلامية والحضارية.
بناء الكنس اليهودية أسفل الأقصى وفي محيطه: هناك عشرات الكنس تخنق المسجد الأقصى، ويحاول الاحتلال من خلال بنائها إضفاء الطابع اليهودي على منطقة المسجد الأقصى.
البناء التهويديّ ومصادرة الأراضي: يعمد الاحتلال إلى مصادرة بعض الآثار والأراضي المحيطة بالأقصى لتنفيذ مخططاته الرامية إلى تشويه الطابع الإسلامي للمنطقة وإضفاء الطابع اليهودي، وتوجد هناك مراكز لشرطة الاحتلال في محيط الأقصى وداخله، وهناك مشاريع لبناء مراكز أخرى، وجسر حديديٍّ معلق مكان باب المغاربة يسمح بإدخال آليات عسكرية ضخمة، وعدد كبير من جنود الاحتلال، ويجري العمل على تهويد منطقة ساحة البراق بالكامل.
منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى: لا يسمح الاحتلال لغير أهل القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م من دخول الأقصى، ويمنع في كثير من الأحيان من هم دون الـ 50 عامًا من دخوله في محاولة لقطع المدِّ البشري عن المسجد، والاستفراد به لتنفيذ مخططاته، ومن أخطر المؤشرات في هذا السياق بدءُ الاحتلال مؤخرًا باتخاذ إجراءات عديدة من شأنها منع الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 من دخول الأقصى أو التضييق عليهم.
التدخل في عمل إدارة الأوقاف الإسلامية: تحاول سلطات الاحتلال نزع حصرية الإشراف على الأقصى من دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة للأردن، من خلال منعها من تنفيذ أعمال الصيانة والترميم في الأوقات المناسبة، وعرقلة مهامها، والتضييق على موظفيها واعتقالهم.
إبعاد رموز الدفاع عن الأقصى: تسهم القيادات الفلسطينية المدافعة عن الأقصى في تحريك الجماهير، وحثها على مواجهة الاحتلال، وتتصدر فعل المواجهة معه في باحات الأقصى لا سيما في الاقتحامات؛ وهذا ما أزعج الاحتلال وجعله يصدر قرارات قضائية بحقّ عدد من رموز الدفاع عن القدس يمنعهم بموجبها من الاقتراب من الأقصى مسافة 150م على الأقل لمدة زمنية تتراوح بين 15 يومًا و6 أشهر.
المقدسيين: سياسة المقدسيين وطردهم ثابتة لدى الاحتلال في مختلف أنحاء القدس، ولكنها تتركز في الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى والتي تشكل حزام أمان ودفاع عن الأقصى.
الاعتقال والإبعاد والتضييق: يستهدف الاحتلال حراس الأقصى والمصلين فيه بالتنكيل والتضييق والاعتقال والإبعاد، فقد أبعدت سلطات الاحتلال في عام 2016 وحده نحو 258 من الحراس وموظفي دائرة الأوقاف والمرابطين والمرابطات والمصلين. وفي شهر آب/أغسطس 2015 أصدر الاحتلال قائمة من 60 اسمًا من المرابطات لمنعهنّ من الدخول للأقصى، ولا يكتفي الاحتلال بذلك بل يلاحق روّاد الأقصى إلى بيوتهم فيدهمها في أوقات متأخرة من الليل، ويفرض عليهم الغرامات المالية الباهظة، ويسحب منهم التأمين الصحي، إلخ.
تقييد يد المرابطين والمرابطات: في 8/9/2015 أصدر الاحتلال قرارًا باعتبار المرابطين والمرابطين وطلاب حلقات العلم في الأقصى تنظيمات خارجة عن القانون ليمنع بذلك رباطهم في المسجد، ويزيل من أمامه أهمّ عقبة كانت تتصدى لموجات المقتحمين المتطرفين.
استهداف المؤسسات والهيئات العاملة للأقصى: أغلق الاحتلال الإسرائيلي عشرات المؤسسات والهيئات الفلسطينية العاملة للقدس والأقصى، وكان قراره في تشرين ثانٍ/نوفمبر 2015 بحظر الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بقيادة الشيخ رائد صلاح ونحو 17 مؤسسة تابعة لها من أخطر القرارات التي أفقدت الأقصى أحد أهمّ شرايين الدعم والرباط.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.