انطلاق ساعة الصفر …. الجيش العربي السوري في دير الزور!
هشام الهبيشان ( الأردن ) الجمعة 28/7/2017 م …
انطلاق ساعة الصفر …. الجيش العربي السوري في دير الزور! …
تزامناً مع المستجدات الاخيرة وتقدم الجيش العربي السوري في مناطق واسعة من ريف الرقة ، يستكمل الجيش العربي السوري وقوى المقاومة خطط حسم المرحلة الأخيرة من تطهير مناطق واسعة من الجغرافيا السورية من البؤر الإرهابية المتواجدة في مناطق معينة ومحدّدة يتم استأصلها وفق اولويات الميدان العسكري، وعلى الجانب الآخر من عمليات الجيش التحضيرية لمعارك تحرير دير الزور والبادية السورية ، فقد بدأ العمل فعلياً لنقل زخم عمليات الجيش العسكرية من ريف حمص الشرقي وبلدة السخنة الفاصلة بين حمص ودير الزور بعد الانتهاء من حسم معركته في ريف حمص الشرقي ، استعداداً لإطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير بعض المناطق الاستراتيجية في ريف دير الزور الجنوبي،والتي بدأت توضع على سلم الاولويات .
ويتزامن التحضير لمجموع هذه المعارك الكبرى مع المعارك الكبرى التي يخوضها الجيش العربي السوري وبحرفية عالية في ريف الرقة الجنوبي والجنوبي الغربي ، والتي أسقط من خلال تحريره الاخير لمجموعة نقاط استراتيجية ، مخططاً تآمرياً كان معداً لتشكيل واقع عسكري – سياسي – ديمغرافي جديد في محيط الرقة ، لكنّ تقدم الجيش ، أسقط مرحلياً هذا المخطط.
وبالعودة إلى ما يجري من عمليات تحرير بلدة السخنة باقصى ريف حمص الشرقي وبوابة دير الزور الجنوبية ، فـ في سورية وضعت محافظة دير الزور على أولويات التحرير بالمرحلة المقبلة ،وهذا التحرير يساوي لسورية وحلفائها مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها المقبلة مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على الدولة السورية ومن خلال ورقة “دير الزور “، ستفرض الدولة السورية شروطها هي على الجميع، وعندها لا يمكن أن تحصل أي تسوية إلا بموافقة الدولة ونظامها الرسمي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من أذى من قبل أطراف الحرب على سورية.
معركة محافظة “دير الزور – المتوقعة وبقوة بالمرحلة المقبلة”،تعني الأطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بالحرب على سورية ، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالأمريكان المنغمسون بالحرب على سورية لا يريدون أن يتلقوا هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمهم مؤخراً بمناطق عدة من مثلث الحدود العراقية – السورية وصولاً لعمليات الجيش والحلفاء بعمق ارياف محافظة الرقة ، فحديث السوريين وحلفائهم عن قرب معركة دير الزور، بدأ يقض مضاجع الأمريكان وحلفائهم ،وهو بالتالي خسارة جديدة وكبيرة للأمريكان ومن معهم ، فاليوم من المتوقع أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعمق ريف دير الزور الجنوبي وعلى مراحل وصولاً إلى فك حصار تنظيم داعش الإرهابي عن مدينة دير الزور، ولذلك اليوم نرى أن هناك حالة من الترقب لمسار معركة ما بعد “السخنة ” ، ولكن هنا يجب التنويه إن تحرير محافظة دير الزور ،ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لوقت وعمل طويل نوعاً ما ،وهذا ما تدركه القيادة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفاؤها ،ولكن هذا التحرير ومهما طالت مسارات عمله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية ،وتحرير المحافظة سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، ومن المتوقع أن يشكل وفق نتائجه المنتظرة انعطافة كبيرة اتجاه وضع حد للحرب على سورية.
اليوم وليس بعيداً من تطورات الميدان في دير الزور ، فإنّ ما يهمنا من كل هذا هو واقع سورية المعاش في هذه المرحلة، وبعيداً من حروب الإعلام وكلام المتآمرين وشركاء الحرب على سورية. ومع مرور ستة أعوام على حرب أميركا وحلفائها على سورية يتضح في أحيان كثيرة أنّ الأحداث والمواقف المتلاحقة للمتابع لأحداث الحرب «المفروضة» على الدولة السورية، بأنّ الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف طيلة ستة أعوام مضت مع موجات أكثر صعوبة من الموجة الإعلامية التي نعيشها اليوم “والتي تتحدث عن تقسيم وتفاهمات دولية وغيرها “، فقد كانت الموجات السابقة متعدّدة الوجوه والأشكال والفصول عسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية ودموية ، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.
وهنا يجب عدم إنكار أنّ الحرب على سورية التي كانت رأس الحربة لها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها في المنطقة «إسرائيل» الصهيونية وفرنسا وبريطانيا وشركاؤها من الأتراك وبعض القوى الصغيرة والأدوات الأخرى في المنطقة، قد ساهمت في شكل كبير خلال مرحلة ما في إضعاف الدولة السورية، وقد كادت كثافة الضغط على الدولة السورية أن تؤدي إلى إسقاطها ككل في الفوضى، لولا حكمة العقلاء الوطنيين من الشعب السوري بغضّ النظر عن مواقفهم السياسية، وقوة وتماسك الجيش العربي السوري، وقوة ومتانة التحالفات الإقليمية والدولية للدولة السورية مع «روسيا إيران»، فهذه العوامل بمجموعها ساهمت «مرحلياً» في صدّ أجندة وموجات هذه الحرب الهادفة إلى إغراق كلّ الجغرافيا السورية في الفوضى.
ختاماً، إنّ صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفائها لها عسكرياً ، وتوسّع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الحرب على سورية.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
التعليقات مغلقة.