الحكومة قلبت موازين القوى لصالح الاحتلال
علي السنيد ( الأردن ) الأحد 30/7/2017 م …
الحكومة قلبت موازين القوى لصالح الاحتلال …
لا شك ان سوء ادارة ملف حادثة السفارة الاسرائيلية قلبت موازين القوة لصالح الكيان الصهيوني وبدا الاردن هو الطرف الاضعف في القضية، والتي تركت الشعب الاردني مجروحا، والدولة الأردنية فاقدة للسيادة في حين اظهرت تفوقا صهيونيا عبر عنه نتنياهو باستقبال المجرم بطريقة استفزازية، وبدلا من ان يصبح الصهاينة في موقع تقديم التنازلات للأردن لعمل التسوية السياسية اللازمة لهذه الجريمة النكراء ، والتي طالت مواطنين اردنيين قتلا غدرا في عقر دارهما من قبل الصهاينة انتقلت الازمة الى الواقع الشعبي الاردني لتهدد بتفجيره.
وبدت الدولة في حالة خور وتفشل في التعامل مع ابسط القضايا. وغابت اجهزة الدولة ومؤسساتها القانونية وتجربتها في الحكم، ولم يبرز من الحادثة سوى الجهود الحكومية الحثيثة لتأمين وصول القاتل الى الكيان الصهيوني، وبدت الحكومة مهتمة في الاساس بتنفيذ رغبة نتنياهو الذي وعد مواطنيه الصهاينة عبر وسائل الاعلام العبرية بإعادة القاتل وافلاته من العقاب في الاردن.
ولم تقنع الحكومة مواطنيها انها معنية بحقوق اهالي الضحايا الابرياء الذين قضوا على يد السفاح الصهيوني، وخاصة مع خطابها التبريري للجريمة، والذي ورد على لسان وزير داخليتها في البرلمان ، وهو ما احدث بلبلة لدى الرأي العام، واعتقد الشعب الاردني ان دماء ابنائه رخيصة، وان هنالك حصانة لدى القاتل الصهيوني تخوله القتل وفق هذا المنطق الحكومي المتهافت، ومن ثم عدم امكانية المحاسبة.
وبدت الاردن مجروحة والشعب مطعونا في كرامته الوطنية على إثر المعالجة الحكومية البائسة للحدث الى ان حدثت صحوة مع تناقل وسائل الاعلام الصهيوني لصور القاتل برفقة رئيس الوزراء الاسرائيلي وكأنه يتحدى الدولة الاردنية، وتم التأكيد مجددا وخاصة من قبل الديوان الملكي على ان ما وقع جريمة، وبدأ الحديث عن وجود اجراءات قانونية يجب ان تتبع، وان هنالك حقوقا لعائلات الضحايا سيتم متابعتها على المستوى الدولي.
الصورة البائسة التي ظهرت في بداية الحادثة لخصها وزير الداخلية الذي بدا وكأنه يبرر جريمة السفاح الصهيوني، وهو ما حقن الداخل الاردني بشحنة كبيرة من الاستفزاز عززتها تصرفات رئيس وزراء العدو الذي ظهر وكأنه انتصر على ارادة الدولة الاردنية ، وقد تمكن وفي اقل من اربع وعشرين ساعة من اعادة المجرم من دون ان تطاله يد العدالة فعلا.
وكان يمكن للحكومة الاردنية ان تعزز من موقف الاردن في مواجهة الغطرسة الصهيونية فيما لو اتبعت الاجراءات القضائية الكفيلة بالتعامل مع الحادثة، ولو اعتمدت على الخبرات القانونية، ولم تسارع الى ايصال المجرم الى الكيان الصهيوني، ولو بقي هذا المجرم قيد التحفظ في الاردن للتأكد مما هو متاح فعله في ضوء المعاهدات الدولية، ولربما ان رئيس وزراء العدو الصهيوني بدلا من الاستعلاء على الاردن، و ظهوره منتشيا وكأنه اذل الاردنيين لأكب على اقدام المسؤولين الاردنيين ملتمسا وضع حل لهذه القضية التي تخسره شعبيا.
الحكومة الاردنية لم تسلك المسار القانوني كما يقتضي الحال كون الدولة كيان قانوني بحت، ولديه من الصلاحيات ما يمكنه من تطبيق القوانين المرعية ، وانما تعاملت بمنطق العمل من تحت الطاولة، وهو ما اهدر كرامة الدولة الاردنية، واظهرها بكل هذا الضعف والعجز.
انا اعتقد ان هذه الحكومة تفتقر للفهم الدستوري السليم، وللبعد السياسي والقانوني لعملية الحكم، وهي تخلو من أية رؤية تنموية، ولذلك فهي حكومة خاوية الوفاض جاءت لتعمق من واقع الازمة في الاردن، وهي تفشل في ادارة الدولة وفق الظروف الطارئة كما بدا في حادثة الكرك، وحادثة الجفر وهذه الحادثة المؤلمة، ولا بد من وقفة حقيقية لمراجعة الاوضاع في الاردن، وذلك على هدي من متطلبات المصلحة العامة.
التعليقات مغلقة.