الإنتماء للوطن ثقافة وممارسة وليست شعارا وأغان

 

 

خالد المجالي ( الأردن ) الأربعاء 2/8/2017 م …

الإنتماء للوطن ثقافة وممارسة وليست شعارا وأغان …

الانتماء للأوطان ممارسة على أرض الواقع تبدأ من أكبر مسؤول حتى أصغر مواطن، الجميع سواسية أمام القانون، لا يوجد سادة ولا عبيد، لا يوجد توريث ولا تخصيص، الكل له حق العمل والانتقاد والمشاركة في صنع القرار، الجميع يتحمل المسؤولية الوطنية ابتداء من اختيار القادة وانتهاء بتشريع القانون، ولا فرق بين مؤسسة عسكرية أو أمنية وأخرى مدنية، الجميع تحت القانون والمحاسبة}

يكثر الحديث في المناسبات العامة وحتى خطب الجمعة عن الانتماء للوطن والتضحية من أجله، لا بل هناك من يصدع رؤوسنا في جاهات ‘طلب يد فتاة’ بالانتماء للوطن وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء الأسرة الفاضلة، ولن أبالغ إذا قلت أن الحال وصل ببعض ‘تجار الكلام والنفاق’ إلى اعتبار كرة القدم والأغاني والشعارات البراقة قمة ‘الانتماء’ في زمن الخوف من الاعتراف بالحقيقة المؤلمة.

في دول العالم التي سبقتنا علميا وصناعيا وحتى اجتماعيا، لم نسمع يوما فيها أغنية تمجد رئيس الجمهورية أو مؤسسة مدنية أو عسكرية، ولم نسمع أو نقرأ مقالا لكاتب يصول ويجول في النفاق لشخص أو مؤسسة، ولم نشاهد وسيلة إعلام رسمية لا هم لها إلا تلميع المسؤول وانجازاته ‘الورقية’ المبهرة، ولم نسمع عن صانع دولة أو باني شعب، لا بل ربما نسمع النقد بكل أشكاله لكل مسؤول عندما يخطئ أو يستغل وظيفته دون أن يهدد -الناقد- بالسجن والملاحقة وقطع رزقه وحرمانه من أبسط حقوقه.

الانتماء للأوطان ممارسة على أرض الواقع تبدأ من أكبر مسؤول حتى أصغر مواطن، الجميع سواسية أمام القانون، لا يوجد سادة ولا عبيد، لا يوجد توريث ولا تخصيص، الكل له حق العمل والانتقاد والمشاركة في صنع القرار، الجميع يتحمل المسؤولية الوطنية ابتداء من اختيار القادة وانتهاء بتشريع القانون، ولا فرق بين مؤسسة عسكرية أو أمنية وأخرى مدنية، الجميع تحت القانون والمحاسبة.

الانتماء عندهم يقاس بما يقدم المواطن والمسؤول لوطنه مقابل ما يحصل عليه من خدمات وأمن وتنمية شاملة، لا فضل لشخص على وطن، ولا لحزب حاكم ولا حتى لمؤسسة عسكرية أو أمنية فالجميع شركاء بما يحققه الوطن أو ما يفرض عليه، فلا تتغول مؤسسة على أخرى ولا سيادة إلا للقانون ومصالح الوطن التي لا تخضع لرغبات أشخاص أو جهات تضع نفسها ‘وصية على البلاد والعباد’.

شعوبنا العربية للأسف الانتماء عندهم أشبه ما يكون بعبادة ‘الأصنام’ يختزل الوطن بشخص الحاكم، لا هم للعبيد إلا إرضاء السيد وولي النعمة، لا يجرؤ أحد على نقده أو حتى الإشارة له، لا بل لا يسمح للعبيد بنقد أبنائه أو إخوانه وزوجاتهم وحتى انسبائهم، فهم فوق كل قانون وفوق كل مساءلة ومن يتجرأ سيجد مئات المنافقين ممن يطلق البعض عليهم ‘كلاب الراعي’ -وهم منتشرون في عدة مواقع- ‘ينطلقون عليه’ ليكيلوا تهم خيانة الوطن وعدم الانتماء والعمالة للخارج وربما الإرهاب ولن يكتفوا بتقطيع يديه ورجليه من خلاف بل الاعدام حتى يكون عبرة لمن تطاول على ‘سيدهم’ وليس وطنهم.

قبل أن نتحدث عن الانتماء يجب أولا أن نفرق بين الأوطان والحكام، فلا يمكن الجمع بينهم إلا في حال اعتبار الأوطان إقطاعيات لعائلات حاكمة تتوارثها، والشعوب عبارة عن عمالة، لا هم لهم إلا البحث عن لقمة العيش والبحث عن مسكن حتى لو كان تحت جسر مشاة، وأكبر أحلامهم الرقص على اغاني ‘الحيطان وطقطقة الرقاب’.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.